أحدث الأخبار
الاثنين 25 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
أم الفحم تُكرّمُ الكاتبة عايدة نصراللّه!! *الجزء الاول
بقلم : آمال عوّاد رضوان ... 02.07.2021

أقام نادي الكنعانيّات للإبداع ندوةً أدبيّةً في المركز الجماهيري في أم الفحم بتاريخ 26.6.2021، احتفاءً بالكاتبة الفحماويّة عايدة نصراللّه، وإشهار كتابيْها "أربعون وجهًا لعبداللّه" و "هواجس"، وسط نخبةٍ من حضور المُثقّفين والأقرباء والأصدقاء، وقد تولّت إدارة النّدوة آمال عوّاد رضوان، ورحّب السّيد وجدي حسن جبارين نائب رئيس بلدية أم الفحم بالحضور، وبارك للكاتبة عايدة نصراللّه إنجازاتها الأدبيّة كعَلَمٍ فحماويّ، مشيرًا إلى دوْرها الثّقافيّ وأهمّيّة ما تكتبه وتُدرّسه، وقدّم لها درعًا تكريميًّا من بلديّة أمّ الفحم.
أمّا د. نادر مصاروة فتحدّثّ عن سنين الدّراسة الّتي جمعته مع د. عايدة نصرالله أكاديميًّا وأدبيًّا، وقد تناول كتاب "أربعون وجها لعبداللّه"، وأسمى قراءته استشفافًا أدبيًّا لما بين الكلمات والسّطور، والعنوان الّذي يجعل القارئ يسرحُ في خيالاتٍ عديدةٍ تقودُهُ إلى تناصاتٍ كثيرة.
أما مداخلة د. عايدة فحماوي وتد بعنوان قراءات في "هواجس" الكاتبة عايدة نصر اللّه، فتحدّثت عن قراءة د. عايدة نصراللّه للوجود من حولها، وما تمارسُهُ دلاليًّا أركولوجيا الذات (علم الآثار)، إذ تحفر عميقًا في انحناءات الذات، في واقعِها وطيشِها ونُضجِها، ومن خلال هواجس تترجم قلق الحضور في زمن كلّ ما فيه ينبئ بالغياب والتّشظّي والمحو، وتترجم قلق الغياب في زمن الحضور الفائض عن الحاجة.
أما د. عبد النّاصر جبارين فقد تحدّث عن أهمّيّة الكلمة برؤاها ودلالاتها ومعناها في حياتنا والوجود، فـ "هواجس" أوّلًا وأخيرًا كلماتٌ، وألفاظٌ، وعباراتٌ، وشطحاتٌ تَجيشُ بها النّفْسُ الإنسانيّةُ (طبعًا بالمعنى الصّوفيِّ وهو معنًى إيجابيٌّ). وكلُّنا فخرٌ وافتخارٌ بما تَنْتِجُهُ المرأةُ العربيّةُ، وبما تَصُوغُهُ تلك الأناملُ بصوتٍ أنثويٍّ له حيِّزُهُ ودَوْرُهُ القائمُ والرّاسخُ بذاتِهِ؛ فالمرأةُ لَيْسَتْ نصفَ المجتمعِ بهذا التّصوُّرِ؛ بل هي (كضمير شأنٍ للتّأكيدِ) المجتمعَ كلَّهُ؛ لأنّها تَرْسُمُ ذاتَها وذواتَها بريشةٍ تَثْوي وراءَها الرّجلَ والمرأةَ، الطّفلَ والطّفلةَ، الولدَ والبنتَ، الشّابَّ والشّابَةَ؛ فَهُنَّ شقائقُ الرّجالِ وقياسًا عليه- كما تذهبُ إلى هذا روحُ اللّغةِ ودلالاتُها وكُثْرٌ مِنَ المفسِّرين- فالرّجالُ شقائقُ النّساءِ.
في نهاية اللّقاء شكرت المحتفى بها عايدة نصراللّه الحضورَ والمُنظّمينَ والمُتحدّثين، وتمّ التّقاطُ الصّور التّذكاريّة.

كلمة د. روزلاند دعيم رئيسة نادي الكنعانيات للإبداع:
تحية كنعانية معطرة بالورد من نادي الكنعانيات للإبداع، وأسعد اللّه أوقاتكم بكل خير وإبداع.
نلتقيكم اليوم لنحتفي بالفحماوية الأديبة عايدة نصراللّه وبإشهار كتابيها "أربعون وجها لعبداللّه" وكتاب هواجس"، وهذا هو اللّقاء الثّاني لنادي الكنعانيات للإبداع في هذا العام، والّذي أسسته المحررة الثقافية لدار الوسط اليوم للنشر والإعلام آمال عواد رضوان، ود. روزلاند دعيم في نهاية عام 2019، ليكون منصة مستقلة حرة تجوب كنعان والجولان والوطن، تحمل رسالة وطنية وفكرية وثقافية وإنسانية، تشارك بها شابات واعدات وأستاذات متمرسات، كسبن ثقة المشهد الثّقافي بجهودهن وأخلاقياتهن وإبداعاتهن.
معًا سنجوب ربوع الوطن، وسنُشرك الجميع دون استثناء، ونكررها: التّزامنا التّام هو تجاه المشاركات في المجموعة. وتجاه كلُّ منْ تكسِبُ ثقةَ المشهدِ الثّقافيِّ بجهودِها وأخلاقيّاتِها وإبداعِها، في شتّى المجالاتِ الفنيّةِ والبحثيّة.
ومنذ تأسيس النّادي عملنا على مواكبة إصدار (16) كتاب في مجالات أدبيّة وفكرية مختلفة، لكاتبات شابات يُصدرن كتابهن الأول والثّاني، ولكاتبات باعهن طويلة في الإصدار، وإن كانت لقاءات توقيع الكتب قد تعذرت بسبب جائحة كورونا، إلا أن الكاتبات احتفين بكتبهن بطرائق مختلفة، مما يؤكد أهمية الرّسالة الّتي حملناها، والّتي بإمكانِها أن تشكِّلَ موديلًا يُحتذى به في الحركةِ الثّقافيّةِ في بلادِنا وعبرَ الحدود.
نشكر في هذا المقام كل من رعى الأمسية أو واكب عقدها من منظمين ومتحدثين وضيوف، ونتمنى للقديرة د. عايدة نصراللّه قلمًا مباركًا تخط به أجمل الإصدارات. وأمنياتنا للجميع بأمسية راقية خلاقة.

مداخلة د. نادر مصاروة:
الدّكتورة عايده نصراللّه، اعرفها منذ سنين حين تعلمنا معا في كليه منشه في الخضيرة، ثم تمضي السّنون فصرنا زملاء محاضرين في معهد إعداد المعلمين بيت برل لسنوات عدة. هذه المرأة الرّائعة الّتي سارت في تعرّجات الزّمن، وسارت مع الزّمن مُتعرّجًا فيها ومتوغّلةً فيه بكلِّ طموحِها، هي الّتي سارت عكسَ التّيّار، ولم تَسِرْ عكسَ التّيّار المضاد بكلّ عنفوانِهِ وحسب، بل انتصرتْ على هذا التّيّار بكلّ جدارة، أكاديميًّا وأدبيًّا.
وليس أدلّ على ما كتبته ربّما توصيفًا لنفسها أو بنات جنسها تظهيرا لمجموعتها القصصيّة "هواجس"، حيث تقول ص71:
في لجّةِ اليمِّ، تناقلَتْها الأمواجُ، مرّةً تطرَحُهَا على ظهرِ قرشٍ، فيأكلُ شيئًا منها، ومرّةً تطرَحُهَا على ثمرةٍ بحريّةٍ تَطعَمُها، وفي كلِّ مرّةٍ تنقُصُ أو تزيدُ، حتّى وَجَدتْ ضالتّهَا الّتي صَوّرَتْهَا كشمسٍ في وسطِ المحيطِ.
سلّطَ الضّوْءَ عليْهَا، حتّى كشفَ خلاياها الّتي عَطّبَها الزّمن، فتركها تُلاطِمُ الأمواجَ، وانسحبَ دونَ رَفّةِ جفنٍ.
تستحقُّ منّا كلَّ التّحيّة والتّقدير وبحرارة.
والحقيقة، تتبّعتُ شخصيّةَ عبد اللّه " في هذا الإبداع الأدبيّ "أربعون وجها لعبد اللّه"، وحاولتُ الوقوفَ على بعض المعاني، ولا أُسمّيهِ تحليلًا أدبيًّا، فزميلتي الدّكتورة عايده فحماوي هي أقدرُ منّي وأطولُ باعًا في مجال التّحليل الأدبيّ للنصّ القصصيّ، ولكنّني أُسمّيهِ على أنّهُ استشفافٌ أدبيٌّ لما بين الكلمات والسّطور.
وأول ما أثار انتباهي، ذلك العنوان "أربعون وجها لعبد اللّه"، والحقيقة أدهشَني العنوان ، فأنت حالًا تسرحُ في خيالاتٍ إلى تناصات كثيرة لهذا العنوان منها الدّينية":
"وتمّ ميقات ربك أربعين ليلة". المائدة (وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون). وبُعثَ كثيرٌ مِنَ الأنبياءِ والرُّسُلِ في سنّ الأربعين
ومنها الشّعبيّة ومنها الخرافيّة، وقصّة علي بابا والأربعين حرامي، والمثل المعروف «يخلق من الشّبه أربعين» و«حتّى أربعينك لا يشبهونك"، وحتّى أنّك تغوص في التّاريخ القديم، حيث قدّسوا العددَ أربعين، كالأشوريّين والبابليّين. وغير ذلك. كثير.
المجموعة القصصيّة مليئة بالتّراث العربيّ، والتّراث الشّعبيّ، والأمثال والحكم، والأحداث التّاريخيّة، كما لاحظت غرابة شديدة في شخصيّة عبد اللّه، إذ فيها الشّيء الجديد الغريب، السّاخر، ومع أن الشخصيّة، إما أن تكون ثابتة، أو نامية، جعلت الكاتبة شخصيّة عبد اللّه بين الثّبات والنّمو، وهو أمر قلما نجده في الرّوايات.
نجد عبد اللّه في كل خطوة من خطواته في الرّواية يكتشف شيئًا جديدًا حوله من واقعه الّذي يمثّل واقعنا نحن، وهو المروي عنه في بعض الأحيان والرّاوي نفسه في أحيان أخرى.
يبسط عبد اللّه سيرته الذاتية، وفي بعضها يركّز على ذلك الجزء من حياته الّتي عاشها كثير من أهلنا تحت حكم الانجليز، ومن ثمّ تحت حكم اليهود في الدّولة الجديدة، وبالتّالي هو يبسط صورة لحياة شعبه بأكمله.
من خلال هذه الشّخصيّة نستخلص رؤية الكاتبة للواقع الّذي تعيشه هي وشعبها، فالبطل عبد اللّه فلسطينيّ يمثل أقلّيّة، ولذلك فهو مضطَهَد يعيش على هامش المجتمع، فهو بريء ومذنب في آن واحد، فهو لم يرتكب شيئًا يستحقُّ عليه التّعذيب، فهو يدخل السّجن ويعذب دون أن يرتكب ذنبًا، و سماته تحمل الكثير من ذلك الفلسطيني المتشرّد من مكان إلى مكان، ليسرد حكاية التّشريد جيلًا بعد جيل فعبد اللّه ص19:
" يَمرُّ من بيتٍ إلى بيت، لا لشيء، إلّا ليحكيَ حكايتَه القديمةَ، والسّامع لا يفهمُ إلّا كلماتٍ متقاطعةً فقط".
صحيح أنّها قديمة، ولكنها متجددة في كل يوم، تحكي حكاية التّعذيب الّتي عاناها الفلسطيني عبد اللّه من الإنجليز:
" - الإنجليز أخذوني، قلعوا أظافري، حمّموني بمياهٍ مُثلّجة".
هو ذلك الفلسطينيّ الّذي يُزج في السّجن من غير سبب ص20:
" فرآه جنديٌّ في الشّارع، وسَحبَهُ إلى السّجن، وهناك، ضربوه وهو لا يعي لماذا يُضرَب ".
لكن رغم هذه المعاناة يبقى عبد اللّه الفلسطينيُّ عزيزَ النّفس، لا يقبل أن يتصدّق عليه أحد. لكن تتبدّل المأساةُ من الإنجليزيّ إلى اليهوديّ، ورغم بساطته ص21:
" وسمعَ النّاسَ يَقولونَ هذه المرّة:
- اليهود ... اليهود...
وهو أكملَ الباقي، وحَملَ حجرًا كبيرًا، وقذفَهُ على رأس أكبر جنديّ.
حملَ الجنودُ عبد الله معَ جاعدِهِ، أوسعوهُ ضربًا، وسألوهُ أسئلةً لا تُعدُّ ولا تُحصى، وهوَ لمْ يعرفِ الإجابةَ عنها، وكُلَّما ضربوهُ، بَصقَ عليهم، وقالَ لهمْ كلماتٍ يَسمعُها منَ الشّارع"...."
هو ذلك الفلسطينيٌّ الّذي ينتظر أن ترتفعَ معنويّاتُهُ بنصرٍ مُؤزّرٍ، ولو بالكلمات ولو بالشّتيمة ضدّ الظّالمين ص36:
" في صلاة الجمعة وفي عزّ الهجمة على العراق، وقفَ الشّيخ يخطب:
- اللّهمّ رمِّلْ نساءَهم... اللّهمّ يتِّمْ أولادهم... اللّهمّ... اللّهمّ....
والنّاس وأنا نُردّد: آمين.
ارتفعت معنويّاتي... فإذا كان الشّيخُ الفاضلُ يشتم، فمعنى ذلك أنّ هذه هي الطّريق، وهذا هو العلاج الصّحيح فعلًا.
خرجتُ منَ المسجدِ أشتم. صلّحتُ حالي وشعرتُ بطاقةٍ غريبةٍ، إذ كلّما شتمتُ أكثر، شعرت بارتخاء وهدوءٍ وسلامٍ، ولم أعرف أنّ الشّتيمةَ قد أدّتْ مفعولَها بالتّمام والكمال، حتّى اتّصلَ بي مُتّصل كلّمني بالإنكليزيّة:
Are you Abdu Allah?
أجبت بلهفةٍ: yes sir
فقال المُتّصل:
Thank you Abdu Allah for coursing us, continue in your way. But don’t do much than this” . do you promise?
yes sir, I promise to continue to course you
شكرت الله على إلهامه:
- اللّهمّ يتّمْ أولادهم...
اللّهمّ رمّلْ نساءهم... اللّهمّ أجهضهنَّ...
اللّهمّ دحرجْ جنودَهم مِن أعلى الجبل...
اللّهمّ سلّط عليهم طيرَ أبابيل... إلخ...
وأنقذتُ شعبي بهذا الدّعاء".
وكان مَن يدعمُ قضيةَ الفلسطينيّين منفذا لتنفيذ غضب عبد اللّه على الظّلم والحرمان ص38:
" وفي وقتٍ كانتْ البلدةُ قد عانتْ مِن حرمان الحكومة لها من
الميزانيّات، وخرجتِ البلدةُ عن بكرة أبيها، تُطالبُ شارون قبلَ أنْ يتحوّلَ إلى جثّةٍ محنّطة، بالإنصاف وحقّهم بالبول، كما خلق البشر أجمعين.
مشى عبد الله في المظاهرة وبدأ يصيح:
- يعيش الاتّحاد السّوفييتيّ
حملَهُ أحدُ الغاضبين من أحد الشّوارع، احترامًا لكبر سنّهِ قائلًا له:
- قول يا شارون برّا برّا... أُمّ الفحم صارت حرّة...
وصاح عبد الله:
- يا شارون برّا، برّا، روسيا صارت حرّة...".
وما زلنا نفتقدُ ذلك القطبَ الّذي كان يقفُ دائمًا إلى جانب الحقّ الفلسطينيّ. وتضعُ الكاتبةُ يدَها على الجرح النّازفِ كلّ يوم، حين تعكسُ مِن خلال سلوكيّات شخصيّة عبد اللّه، ذلك الواقعَ المريرَ الّذي يُعانيهِ الفلسطينيُّ في داخل الدّاخل، تلك الآفة الّتي تقضُّ مضاجعَ النّاس، ألا وهي آفة العنف، التّناقض في المعايير؛ ننبذ العنف ونمارسُه، نعظ الآخرين بألّا يمارسوا العنف، ونُربّي أبناءنا عليه، يُربّي المعلّمُ طلّابَهُ ألّا يمارسوا العنفَ، ولكن يلطم هذا الطّالبَ ويشتمُ ويهينُ ذاك، حتّى بات الأطفالُ يَملّونَ مِنَ الوعظ عن العنف ولا حلّ ص73:
" صار عبد اللّه مُعلّمًا، وكان يعلِّم ضدّ العنف، وفي آخر شهرين ركّز عبد اللّه النّاعم على موضوع العنف في المدارس، وأسبابه، ونتائجه، وكلّ ما يخصّ ظاهرة العنف في النّظريّات.
ملّ الطّلاب الدّروس المتتالية عن العنف. قال له أحدُ الطّلاب:
- أستاذ، كلّ يومٍ نتكلم عن العنف، وكلّ يومٍ يُقتل شابٌ.
- ماذا تقصد يا ولد؟
- اسمي أحمد يا أستاذ.
- ماذا تقصد يا أحمد؟
- يا أستاذ، شبعنا نظريّات، ونريد حلًّا. قل لنا ماذا نفعل؟
ولنعومةِ عبد اللّه فهو لم يتعوّد أنْ يناقشه أحدٌ أو يجادله،
ونسي اسم الطّالب مرةً أخرى:
- يعني يا ولد، أنت تشكّك في النّظريّات؟
- أستاذ، قلت لك اسمي أحمد.
- أحمد ولّا زفت... المهمّ هذه النّظريّات هي الأساس، لكي يفهم التّنابلة أمثالك.
غضب أحمد وعلّق:
- أستاذ عبد اللّه، أنا لست ولدًا ولا زفتًا ولا تنبلًا.
انتفض عبد اللّه النّاعم، ونسي نعومته، وصرخ في وجه أحمد:
- بل تنبل وابن تنبل.
همّ أحمد بالخروج من الصّفّ احتجاجًا، فمسكه عبد اللّه من قَبَّة قميصه وقال له:
- هل تريد أنْ تعمل من نفسك بطلًا، وشرح شهرين لم ينفع معك؟
نظر أحمد إلى يد الأستاذ الّتي أمسكت قَبَّة قميصه بشدّة وقال:
- أرجوك يا أستاذ، اِرفع يدَك عن عنقي.
فما كان من عبد اللّه النّاعم إلّا أنّ لطم أحمد على وجهه.
قهقه الطّلاب، ليُريحوا أنفسهم من الشّرح.
فخرج أحمد، وطرق الباب وراءه بعنف، وعاد عبد اللّه ليكمل الدّرس عن ظاهرة العنف، وعن تأثيرها على المجتمع".
وفي موقف آخر ص75 :
"وعندما اجتاح العنف البلد، اجتمع الجيران؛ مُثقّفون وغير مُثقّفين، وجّهَ أحد الجالسّين حديثه لعبد اللّه بقوله:
- واللّه الوضع مخيف، يعني الواحد منّا صار يخاف على أولاده من كلمة مرحبا؛ لئلّا يُقتَل بسبب "المرحبا".
هذا التّناقضُ الصّارخُ في سلوكيّاتِنا يحتاجُ منّا إلى وقفةٍ معَ النّفس، ونقفُ أمامَ المرآة ونسأل: أين الخلل؟
**يتبع

1