من زمان .... زمان قوي فيه سلطان ، مانقدرش نقول عليه طيب ، لكن كمان ما نقدرش نقول عليه شرير، لإننا وبصراحة شديدة مانقدرش أبدا نقرب من سلطان علشان نحدد طبيعته أو يمكن لإنه من المستحيل فعلا إنك تعرف تحدد طبيعة أى سلطان او يمكن لإنه فعلا السلطان مالهش طبيعة اساسا...
سلطنا دا مرة فتح بلد بطوبة ، ومرة فتح بلد بعجلة ، ومرة فتح بلد بحصان خشب ، ومرة لما فتح بلد حلف ليجرى نهر بالدم بدل المية ، ومرة فتح بلد بقنبلة ذرية ، ومرة ... ومرة ... ومرة.... الخلاصة إنه عمره ما وقفت قدامه بلد ولا استسلم وحب هو بلد ، وعلى أى حال سلطنا عاش عمره كله سلطان .. يأمر ماحدش يقدر يرد الأمر وينهي ماحدش يقدر يقول له لا ...
في يوم من الأيام .. سقطت في بير حلم سلطنا سبع بقرات ... سلطنا صحي م النوم مفزوع .. مصدع من حركة البقرات في راسه ... نده على الحاجب وأمره يجمع كل حكماء المملكة وسحارها وأطبائها يمكن حد منهم يقدر يطلع بقراته السبع إللي وقعوا في بير حلمه .. ولما جه إللي يقدر يفسر حلم السلطان .. ضحك وقال له:
- يا مولاى ..السبع بقرات ... سبع رحلات ... في سبع بلاد ... هتلفهم في سبع سنين .. هتشوف فيها سبع عجايب .. هتنسيك إنك سلطان سبع سنين
" .... سلطان ينسى إنه سلطان سبع سنين .. يبقى إيه المستحيل ؟!!!... يبقى إيه المستحيل؟!!!"
- : مولاى لازم تأخد أول مركب وتبدأ رحلاتك علشان بقرات حلمك تخرج وترجع تاني للدنيا سلطان
".... عبيط دا ولا أيه ؟!!!...اسيب السلطنة سبع سنين ؟!!!!....أكيد دا مش حكيم !!!.... "
سلطنا إللي عمره ما حسب للدنيا ولا عمل لها حساب نده وزيره ...
- يا وزير لو سافرت مين يكون سلطان؟!!!!.... مين يكون سلطان ؟!!... مين يأمر ومين ينهي ؟!!!.... إزاي هتتحركوا وأنتم من غير رجول ؟!!!.... وإزاي هتفكروا وأنتم من غير عقول ؟!!!... يا وزير من غيري إزاي الدنيا تكون ؟!!!... إزاي الدنيا تدوم ؟!!!!
الوزير - إللي عمره ما فكر أو خطر على باله الفكر – سكت كأنه مات ..
يوم ، اثنين ، ثلاثة ... سلطنا يقاوم أحلامه بالسهر ، وصداعه بأدوية الوهم .. لكن في النهاية غلبه ليل ... فنام ونزل بير حلمه .. سلطنا لاحظ إن بقرة من بقرات حلمه دبلانة وحزينة زي ما يكون صابها مرض ، فقلق وخاف .. مش بس على البقرات لكن كمان على نفسه .. يعمل إيه لو ماتت بقرة في راسه ..
الصبح مع أول خيط للنهار ... إللي كان يعدي على البحر يومها كان يشوف سلطنا وهو واقف على الشط في وداعه وزيره ورجال قصره ورجال جيشه وشرطته مستني أول مركب تعدي على بحره ...علشان يبدأ رحلة سفره ..
البحر إللي عمره ماركبه سلطان احترم نفسه .. فخلق أمواج خفيفة تزق المركب صحيح لكن ماتقلقوش .. والريح - إللي دخلت مرة قصر سلطنا وكان هيطير رقبتها واسترحمته فعفا عنها في أخر لحظة - حضنته بكل حنان ورمته على أول شط يقابله ....
وهنا وقفت حكاية السلطان ، لكن التاريخ بيقول لنا وكمان بيقول لسلطنا إن فيه واحدة اسمها شهرزاد استغلت بعد زمن طويل .. طويل حكايات سلطنا ورحلاته السبعة علشان تخلق حكايات مزيفة شوهت فيها تاريخ سلطنا علشان تشغل بيها بال واحد تانى كان اسمه شهريار برضه كان سلطان....
( سلطنا مثلا اتعصب جدا و دور في كل كتب التاريخ عن عنوان شهر زاد علشان يطير رقبتها لما قرا إللي كتبته عنه في الرحلة الرابعة لما نزلت مركبه بلاد السلطان الغول وبدأ السلطان الغول يأكل البحارة والركاب لكن ماكلش سلطنا ،مافكرش ياكل سلطنا ، ماكنش ممكن ياكل سلطان سلطان .. هو دا القانون ، واللي مافهمتوش شهرزاد .. السلطان مش ممكن ياكله سلطان .. قانون ... فاخترعت حكاية الجوع والهم وعدم السمنة علشان تنجي المدعو سندباد البحرى)
المهم إنه بعد سبع سنين ، وسبع رحلات في سبع بلاد ، شاف فيهم سلطنا سبع عجايب ، صحي سلطنا من نومه في يوم على صورة أرض عارفها وناس حافظ أشكالها وتفاصيلها ... كانوا زي ماسابهم بالظبط ، واقفين على نفس الشط ، بنفس الهيئة ونفس اللبس ، في نفس الوضع ... كل واحد زى ما سابه بالظبط إلا هى .. أتغيرت خالص عن يوم ماسابها ... كانت الخضرة كستها .. مابقتش ملط زي ماكان سايبها .. زي ماكان حاكمها ...
" ياترى هتقبله تاني سلطان .. يا ترى هتفتح له تاني بابها وتسيبه يمشي تاني في شوارعها ...تنام في حضنه وتنسى كل اللي ماتوا عشانها ولا ... الخضرة دفتها ونستها دفى السلطان .. "
سلطنا نده على وزيره ... لكن فين وزيره .. ماتحركش .. مانطقش .. نده على رجال قصره ... على عساكره ... لكن مافيش حركة .. مافيش صوت ... كل إللي كان فاضل منهم هياكل عظم ... لما ضربهم صوت السلطان وقعوا واتحطموا وصاروا تراب .....
عارفين أنا خلقت لنفسي مشكلة مالهاش حل ... سلطان مالوش وزراء ومالوش بلد يبقى عليها سلطان ... ووزراء ورجال دولة ماقدروش وما يقدروش (وأنا مفروض إني عارف دا ) يعيشوا من غير سلطان ... ودولة ماعرفش مين بيحكمها لكن بالتأكيد بعد ما لبست خضرتها مش هتقبله تاني عليها سلطان ... أعمل إيه به ؟!... أعمل ايه به ؟!!...
أقولكم .. أنا هاسيبه في الصفحة واقف على الشط يرعى بقرات حلمه ويراجع حياته ، يمكن ترجعه تاني مهنة الرعى لإنه يعيد التاريخ من أول وجديد
خاطره.. السلطان والحلم.. ماهر طلبه
03.02.2010