بقلم : ريم عبيدات ... 07.09.2009
غريب أسلوبنا في توصيف ظاهرة تأخر سن الزواج عربياً، أو “العزوبية” أو “العنوسة” على أنها ظاهرة تختص بالنساء. أليس منطقياً أن يترافق ارتفاع أرقام الزواج بين النساء بارتفاع أرقام الزواج بين الرجال أيضاً؟ إذن، لماذا نصر على طرح المسألة مجردة من أركانها الكاملة؟
مثل هذا الموقف المبتسر معرفياً يسهم في إعاقة التفكير الشمولي للتعامل مع هذه الأزمة الفظيعة، ويتركها عرضة للتفسيرات الاجتماعية الباهتة المستوى، وبالتالي العاجزة عن تشكيل موقف جاد باتجاه الحل الحقيقي، لواحدة من أخطر وجوه الأزمات العربية سيادة.
وتحويل المسألة من كارثة وطنية تهدد أركان المستقبل الاجتماعية والإنسانية والتنموية، إلى مشكلة مرحلية وجزئية لبعض الأسر العربية في تأمين أزواج لبناتهن، كما واتهام التعليم أو التفوق المهني بالمسؤولية نظراً لتأثيره الواضح في استقلالية المرأة وكفايتها على إدارة حياتها، مسألة أيضا بعيدة عن التحليل العميق، ولا تغدو اجتزاء للأشياء.
فيما عشرات الدراسات تؤكد تفوقا ذكوريا في مسألة “العزوبية” فالأرقام الرسمية السورية تشير إلى كون أكثر من 50% من الشبان السوريين لم يتزوجوا. وفي لبنان، أكدت إحصائية لوزارة الشؤون الاجتماعية والصحة أن نسبة الذكور العزاب ما بين 25 و30 سنة تبلغ 59،1% والإناث 83.2%.
دراسة أخرى مصرية صادرة عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية تؤكد أن نسبة غير المتزوجين من الشبان من الجنسين بلغت بشكل عام حوالي 30% وبالتحديد 29.7% للذكور و28.4 % للإناث.
الفقر وتفاقم الأوضاع الاقتصادية وما يرافقها من ارتفاع تكاليف الزواج، البطل المسؤول عن تضخم الأرقام العربية.
“العزوبية” ظاهرة عابرة للجنسين والمتضرر الأكبر من تفاقم أركانها هو مجتمعاتها اللاهية بتفاصيلها التي تعكس ذهنية متكلسة حتى إزاء أكثر القضايا خطورة.
الأخطر ما يرشح من منعطفات خطيرة يمر بها المجتمع العربي كالتحولات العميقة التي تطال البناء الأسري والعلاقة بين الجنسين وتدفع أكثر نحو تراجع مفهوم الزواج وأهمية الأسرة ككل، وتحولها الى أرض خصبة لبروز ظواهر لم تكن واردة كصيغة التعارف بين الجنسين عبر وكالات الزواج، وإعلانات الصحف أو التعارف عبر الانترنت والارتباط من دون زواج رسمي، أو بعض صيغ الزواج الغربية التي تبتعد كثيرا عن روح الزواج وتصنف بأنها لا تمت للزواج بصلة.
الظاهرة مرشحة لمزيد من الاستفحال، الغريب كما في كل الظواهر العربية انها تطال دول الفقر ودول الرفاه، فأي مستقبل هذا الذي ينتظر الأسرة العربية؟