بقلم : د.فيصل القاسم ... 18.10.2009
الله وحده عز وجل، حسب معظم عقائد البشرية، هو الذي يقرر أجل الإنسان، فيموت كل شخص في اليوم والساعة المقررة له من الخالق. وقد تولى الملاك عزرائيل هذه المهمة بأمر من الباري جل جلاله، فيقوم بخطف الروح التي حان قطافها. وعلى الأقل فإن الخالق لا يلجأ إلى عمليات قتل وإبادة جماعية كي ينظم التكاثر السكاني في العالم، بل يأخذ روح كل إنسان على حدا بطريقة منظمة. وهناك على الإنترنت ساعة اسمها "الساعة السكانية"World Population Clock مهمتها أن تحصي عدد المواليد الجدد وعدد الموتى على مدار الثانية، مما يعني أن عملية الخلق والموت ليست مسألة عشوائية، بل منظمة، ويمكن قياسها حتى بالفيمتو ثانية، وهو جزيء من الأخيرة. ومن السخرية أن واضعي هذه الساعة السكانية هم سادة العالم، الأمريكيون. لكن ليتهم التزموا أو ساروا على هدي تلك الساعة في تنظيم حركة الخلق والموت. لا أبداً. فقد أجازوا هم والمستعمرون السفلة من قبلهم لأنفسهم منافسة الله في التحكم بأرواح البشرية، لكن بطريقة غاية في الوحشية.
لقد درج المستعمر الغربي على استخدام سلاح المجاعة والتجويع منذ القرن التاسع عشر لغايات اقتصادية وسياسية مفضوحة، وذلك خوفاً من أن يؤثر تزايد عدد السكان في العالم على الموارد الطبيعية التي تحتاجها الدول الغربية في صناعاتها ورفاهيتها، وثانياً لإحكام قبضته على العالم وشعوبه. وقد دعا وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كسنجر ذات يوم إلى تحديد النسل في أفريقيا لأن من شأن ارتفاع عدد السكان هناك أن يؤثر على مخزون المعادن الثمينة الموجودة في باطن الأراضي الأفريقية. بعبارة أخرى بدل أن يستثمر الأفارقة معادنهم الثمينة، فلا بد من تخفيض أعدادهم كي تكون تلك الثروات تحت تصرف المستعمرين الأمريكيين وغيرهم.
لقد كان الأمريكيون يحذرون من ارتفاع عدد سكان المعمورة منذ زمن بعيد. وقد قال وزير الدفاع الأمريكي السابق روبرت مكنمارا في خطاب له أمام نادي روما عام 1979: "إن الارتفاع الصاروخي لعدد سكان العالم يشكل أكبر عائق أمام التطور الاقتصادي والاجتماعي في العالم، لهذا ينبغي علينا الآن وليس غداً أن نمنع وصول عدد سكان الكون إلى عشرة مليارات نسمة". ويرى الوزير أن هناك طريقتين لتحقيق ذلك، "إما بتخفيض معدل الولادات في أصقاع العالم، أو برفع معدل الوفيات. والطريقة الأخيرة يمكن أن تتحقق بعدة أساليب، ففي هذا العصر النووي يمكن للحروب أن تؤدي الغرض بسرعة فائقة وناجعة للغاية. وهناك طبعاً المجاعة والأمراض، وهما سلاحان ما زالا موجودين حتى الآن".
لقد كان البريطانيون سباقين إلى إبادة الملايين عن طريق التجويع والتحكم بالمواد الغذائية من أجل إحكام السيطرة على الشعوب، وخاصة في الهند ذات التكاثر البشري المرتفع. ويقول بي أم باتيا في كتابه "المجاعات في الهند" المؤلف عام 1967 :"إن الهند تعرضت منذ القرن الحادي عشر إلى بداية القرن الثامن عشر لأربع عشرة مجاعة، أي أن البلاد كانت تشهد مجاعتين كل قرنين تقريباً، لكن الأمر تغير تماماً بعد قدوم الاستعمار البريطاني، فمنذ عام 1859 حتى عام 1914 بدأت البلاد تشهد مجاعة كبرى كل سنتين تقريباً بشكل منتظم". وبينما كانت بقية دول العالم تشهد ارتفاعاً في عدد السكان بسبب التقدم التكنولوجي، بقي عدد سكان الهند ثابتاً لمدة قرن تقريباً حتى العام 1914، وذلك لأن سياسة التجويع كانت عماد الإستراتيجية الاستعمارية في الهند، حسب الكاتب بول غلوماز.
هل يختلف النظام العالمي الجديد الذي اختلقه جورج بوش الأب، ومن بعده الابن عما كان يفعله أسلافه البريطانيون في الهند، من تلاعب بأقوات الناس، ودفعهم إلى هاوية المجاعات والإبادة؟ ألا يقوم النظام الاقتصادي العولمي الجديد على التجارة العالمية الحرة في أبشع صورها، خاصة بعد أن تلاشت السيادات الوطنية، وأصبح الجميع تحت رحمة الشركات العابرة للقارات والمضاربين على قوت الشعوب؟ ألم يصبح الإنتاج الغذائي العالمي والسلع الرئيسية تحت سيطرة الكارتيلات الأوروبية والأمريكية؟ ألا تحدد البورصات الغربية أسعار ما يأكله الفقراء في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية؟ أليس بإمكان تلك البورصات والمضاربين فيها أن يرفعوا سعر القمح إلى عنان السماء، مما بدأ يتسبب في حدوث اضطرابات ومجاعات على نطاق عالمي؟ كيف يختلف النظام الاقتصادي العالمي الجديد عن النظام الاستعماري في الهند؟ ألا يفعل الشيء نفسه الآن؟
ما من شك أن أمريكا تستخدم الآن سلاحي التجويع والأمراض بهدف تحقيق الأغراض التي شرحها الوزير سيئ الصيت مكنمارا بوقاحة عز نظيرها. فقد كان الهدف من التلاعب بأسعار المواد الغذائية الذي هز العالم وأدى إلى تجويع أكثر من مليار شخص التخلص في نهاية المطاف من هؤلاء الجوعى. وهي سياسة ناجحة تماماً حتى الآن، فلن يكون مصير المتضورين جوعاً سوى الهلاك. وهذا يعني تخفيض عدد سكان العالم من حوالي سبعة مليارات إلى أقل من ستة.
هل جاء الآن دور الأمراض للتخلص من دفعة جديدة من سكان العالم وذلك باختلاق أمراض تم تركيبها في بعض المختبرات الغربية ؟ ربما، خاصة وأن مرض أنفلونزا الخنازير الذي يرهب العالم هذه الأيام هو مرض مركب من جينات البشر والطيور والخنازير بشهادة الكثير من العلماء والأطباء الغربيين أنفسهم. ومن لم يمت بالأنفلونزا فإنه، حسب العديد من التقارير الغربية، سيموت بلقاحات ذلك المرض التي يحذر العلماء من مخاطرها الرهيبة والتي يمكن أن تؤدي إلى هلاك الملايين على المدى البعيد. وقد وصل الأمر بنسبة كبرى من الممرضات والأطباء الغربيين إلى الامتناع عن أخذ اللقاح الجديد لأنفلونزا الخنازير، لا بل إن أحد الأطباء الأمريكيين قال ساخراً:" إن اللقاح يقضي فعلاً على المرض، لكنه يؤدي في الآن ذاته إلى موت المريض". وقد ذكر استفتاء أجرته جامعة ميشيغان أن ستة وخمسين بالمائة من الأمريكيين يرفضون تطعيم أطفالهم باللقاح الجديد قبل أن يتأكدوا من سلامته تماماً، خاصة وأن أي لقاح جديد بحاجة لفترة اختبار قد تمتد إلى خمسة أعوام قبل اعتماده. ومن المثير للشك أيضاً أن وزير الصحة المصري اعترف على الملأ بأن شركات تصنيع لقاحات أنفلونزا الخنازير طلبت منه في حال شراء اللقاحات أن يقدم تعهداً خطياً يخلي مسؤوليتها عن أية أضرار مستقبلية قد تتسبب بها اللقاحات للأشخاص الذين يأخذونها في مصر. وكأن المريب كاد أن يقول خذوني.
وهل نسينا أيضاً أن نفس اللقاحات التي أعطيت لأناس أصيبوا بمرض أنفلونزا المكسيك في أمريكا عام 1976 أدت إلى قتل الألوف حسب شهادة بعض الأطباء الأمريكيين أنفسهم، ناهيك عن أن اللقاح يحتوي على مادة السيكوالين التي تسببت فيما يسمى بمرض حرب الخليج الذي دمر حياة المئات من الجنود الأمريكيين.
لا شك أننا كنا سنشكك كثيراً فيما يشاع حول مرض أنفلونزا الخنازير وغيرها من الأمراض من مخاطر. وربما كنا سخرنا أيضاً من أولئك الذين يعتبرون المرض مؤامرة، لولا أن وزير الدفاع الأمريكي الراحل مكنمارا اعترف بعظمة لسانه أن أمريكا والقوى المتحكمة بالعالم لن تتردد أبداً في اللجوء إلى نشر الأمراض القاتلة كي تضبط التكاثر السكاني عند حد معين من أجل مصالحها الاقتصادية عملاً بالنصيحة المالتوسية التي ترى أن الموارد الطبيعية في العالم لا يمكن أن تفي بحاجات السكان، وبالتالي لا بد من الحد من التكاثر!!
هل أنفلونزا الخنازير هي الحل إذن؟