بقلم : د.عبد الستار قاسم ... 28.10.2009
يثور جدل في بلدان كثيرة حول النظام الانتخابي الأفضل تمثيلا للناس، وتتعدد الأفكار وتتفاعل لتنتهي بحل قد لا يرضي الجميع، لكنه كفيل بتأمين حسن سير العملية الانتخابية. تتبنى بعض الدول التي تؤمن بالحرية النظام الانتخابي النسبي، وبعضها يعتمد نظام الدوائر؛ وأخرى تتبنى نظام الأكثرية، بينما تتبنى أخرى نظام الأغلبية. ولا يغيب تعديل النظام الانتخابي عن عدد من الدول، فتلجأ إلى فتح المداولات من جديد لتصيغ نظاما انتخابيا جديدا.
هناك نقاط أساسية في أي نظام انتخابي لا بد من أخذها بعين الاعتبار وهي:
1-هناك أشخاص لديهم الرغبة أو الطموح لخوض انتخابات؛
2-هناك أحزاب تريد خوض الانتخابات ببرامجها المعدة سلفا؛
3-هناك من يريد انتخاب شخص بعينه؛
4-هناك من يسعى لانتخاب برنامج معين.
هدف النظام الانتخابي هو تحقيق أكبر قدر ممكن من التمثيل لجمهور الناس، ومن المهم أن يراعي مختلف المعايير التي تؤدي إلى هذا الهدف.
ثار جدل على الساحة الفلسطينية حول النظام الانتخابي، وتم اعتماد نظام الدوائر عام 1996، وتم تعديله عام 2005 ليصبح خليطا من الدوائر والنسبي. أما الآن فهناك حديث عن تحويل النظام تماما إلى النسبي. لكن السؤال يبقى: ما هو النظام الانتخابي الذي يمكن أن يلبي المعايير أعلاه؟ النظام الانتخابي النسبي السائد في أغلب دول العالم لا يلبي متطلبات الاختيار الحر بالشكل السليم وهو منحاز للأحزاب، ويفرض على الناس أشخاصا من خلال القوائم قد من المحتمل أنه غير مرغوب بهم. لدي الاجتهاد التالي الذي يحافظ على النسبية وعلى حق الأشخاص غير الملتزمين بأحزاب في خوض الانتخابات الرئاسية والتشريعية:
أ- لنا الخيار في تقسيم منطقة الانتخابات إلى دوائر انتخابية بعدد مقاعد المجلس التشريعي، فيكون لكل دائرة مقعد واحد؛ أو يمكن الإبقاء على التقسيم القائم حاليا؛
ب- يخوض الانتخابات أشخاص بصفتهم الشخصية أو صفتهم التنظيمية وذلك وفق اختيارهم هم؛
ت- إذا حصل شخص مستقل على أعلى الأصوات في الدائرة فإنه يفوز بالمقعد؛ وإذا بقي التقسيم وفق ما كان عليه في انتخابات عام 2006، فإن المستقل يفوز إذا حصل على أصوات ضمن المقاعد المخصصة للدائرة. أي إذا كان للدائرة سبع مقاعد، وجاء ترتيب مستقل حسب عدد الأصوات رابعا فإنه يفوز بمقعد؛
ث- يتم حساب مجموع الأصوات التي حصل عليها كل حزب أو تنظيم من خلال جمع أصوات ما حصل عليه ممثلو الحزب في كل دائرة. هذا يفرض وجود معادلة إحصائية لجمع الأصوات لأنه ليس من المتوقع أن تتساوى الأصوات التي يحصل عليها مرشحو الحزب الواحد.
ج- يتم طرح المقاعد التي فاز بها أشخاص مستقلون من مجموع مقاعد المجلس، فيتبقى مجموع المقاعد التي تتقاسمها الأحزاب وفق نسبة كل منها من الأصوات؛
ح- يتم إزاحة الأحزاب التي لم تحصل على نسبة الحسم؛
خ- يتم تشكيل قائمة كل حزب في المجلس التشريعي وفقا لأعلى النسب التي يحصل عليها المرشحون في الدوائر.
مثال: إذا كان عدد مقاعد التشريعي 132، وفاز خمسة مرشحين مستقلين، فإن الأحزاب تتنافس على 127 مقعدا. إذا كان لدينا أحزاب س، ص، ع، د فإن مجموع ما حصل عليه كل حزب هو حاصل جمع الأصوات التي حصل عليها ممثلوه في الدوائر. كل حزب يحصل بعد ذلك على نسبة من المقاعد المتبقية وهي 127 وفقا لنسبته من مجموع الأصوات في كل الدوائر الانتخابية. من أجل الدقة الحسابية، الأفضل أن تتكون الدائرة من مقعد واحد فقط، وإلا فإن المعادلة الإحصائية تصبح مطلوبة؛لا يتقدم الحزب للجنة الانتخابات بقائمة تحدد مسبقا أولوية العضوية في المجلس التشريعي، وإنما فقط بقائمة مرشحيه في الدوائر. ثم يتم ترتيب أسماء الفائزين من الأحزاب وفق نسبهم الانتخابية في دوائرهم. أي الذي حصل على 75% من أصوات دائرته، له أولوية في دخول التشريعي على الذي حصل على 60%، وهكذا. إذا حصل حزب معين على عدد من الأصوات تؤهله للحصول على سبع مقاعد، فإن الذين يملأونها هم ممثلوه الذين حصلوا على أعلى النسب في دوائرهم من بين مرشحي الحزب في كل المنطقة الانتخابية.
بهذا النظام، نستطيع الوفاء بمختلف معايير التمثيل الجيد للمواطنين. من فوائد هذا النظام أيضا أن الأحزاب تتجنب ضغوط الذين لا حظوظ لهم إلا من خلال القوائم المعدة سلفا، ولن يكون بمقدور أحد الاختباء في قوائم الأحزاب.
إذا كنا نبحث عن تمثيل أكثر دقة، فإننا نعتمد نظام الإعادة بين أعلى متنافسين في الدائرة إذا لم يحصل أي من المرشحين على أغلبية (أي 50%+). وفي هذه الحالة، يُفضل نظام الدائرة ذات المقعد الواحد.