بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 12.11.2009
هذا الرجل باع نفسه لتنظيم حماس، أو باع نفسه للسيد فياض! بهذه السذاجة أو بخبث مقصود، يصدر البعض حكماً في معاني الانتماء للوطن، ويختصر تاريخ فلسطين في تنظيمات سياسية تأتي لتروح، ناسياً أن القضية الفلسطينية هي الأصل، حتى لو تقصفت فروع التنظيمات، وتساقط ورق الأشخاص، فالتنظيمات السياسية لم تنطلق إلا لتحرير فلسطين، وكل التنظيمات تضمحل، وتموت لو تخلت عن هذا الهدف، الذي يستقطب الجماهير، ويستحوذ على قلبها، ولاسيما أن وحشية الاحتلال قد فرضت على كثير من التنظيمات أن ترفع من سقف وطنيتها، وأن تعرض بضاعتها الثورية في السوق طمعاً في مشترٍ، أغرته فكرة التحرير، أو العمل المقاوم، أو أغراه الشعار.
ما سبق هو الأصل في الانتماء التنظيمي، وليس كما يحسب البسطاء؛ أن حركة حماس، أو حركة فتح أو غيرهما من التنظيمات الفلسطينية مجرد تجمع عفوي من الناس يقوم على أسس جغرافية، أو عشائرية، أو تحكمه الصداقة والعلاقات العامة، أو التقاء مصالح مجموعة من الأشخاص في سفرٍ، ناسياً أن التنظيمات الفلسطينية بمجملها ليست إلا إطاراً خارجياً لمضمون فكرة التقى عليها الرجال، وتعاقدوا، وتعاهدوا على تطبيقها من خلال العمل المخلص للوطن فلسطين، وأن هذه التنظيمات قد وجدت في مرحلة زمنية معينة، ولتحقيق أهداف معلومة، بالتالي فإن العقد، أو العهد الذي يقطعه الإنسان على نفسه تجاه أي تنظيم كان، يصبح لاغياً، وغير قائم إذا اهتزت الفكرة التي من أجلها كان العهد، وكان قسم الولاء، فالتنظيم ليس عجلاً مقدساً، وليس صنماً للعبادة، التنظيم فكر وعمل، وهدف من أجله تكون التضحية بالنفس والمال، وليس التكسب والارتزاق.
ومع ذلك، فما أكثر أولئك الذين وجدوا أنفسهم ينتمون إلى تنظيم سياسي فلسطيني دون علم منهم، وجدوا أنفسه بالصدفة يؤيدون هذا دون ذاك، ويتعصبون لهذا دون ذاك، ويقتتلون من أجل هذا ضد ذاك، وهم لا يعرفون أفكار هذا، ولا برامج ذاك السياسية، ولا أسرار هذا، ولا أهداف ذاك الخفية، وصار التنظيم صنو أشخاص يهتفون باسمهم، وصارت فلسطين التي من أجلها كان انطلاق كل التنظيمات، صارت المطية التي يعتلي ظهرها بعض التنظيمات، ليغدو الانتماء للتنظيم هو الهدف بحد ذاته بعد أن تاهت أكثر التنظيمات عن أهداف نشأتها.
لا بد من التفريق بين رجل ينتمي لتنظيم معينٍ عن وعي، وإدراك للأهداف التي من أجلها يكون الانتماء، وآخر ينتمي بالصدفة، أو ممن يردد: هكذا وجدنا آباءنا وأسيادنا ومدراء مؤسساتنا يعبدون!. لأنه لم يجرب لذة العطاء، ولم يعرف معاني الانتماء.