بقلم : محمد السروجي ... 16.11.2009
بين الدعوي والسياسي إشكالية تُطرح بين الحين والآخر باعتبارات وملابسات متعددة ومن ألوان وأطياف فكرية متنوعة وبأهداف ومقاصد متوافقة أو متصارعة ، لكنها في جميع الأحوال صارت مادة للتناول خاصة لتيار شعبي بحجم الإخوان المسلمين وبالتالي صارت جديرة بالمشاركة وطرح الأفكار .
*خلفيات الطرح
تطرح الإشكالية بخلفيات متعددة منها :
** تصفية الحسابات التاريخية ويقف في هذا المربع مجموعة اللبراليين الجدد ، بعض رجال الفكروالسياسة والإعلام و أساتذة الجامعات بهدف الفصل و القطع بين ماهو دعوي وما هو سياسي بل يرون ان الخلط بينهما مخالفة دستورية وكارثة إنسانية ويستدعون فزاعة الدولة الدينية بهدف الإرهاب الفكري والابتزاز السياسي وقد يفهم – بقصد ودون قصد - في كثير من الأحيان موقفهم العدائي من المتدينين بل أحياناً من الدين ذاته
** عدم جاهزية المناخ ، ويقف في هذا المربع عدد غير قليل من العاملين في المجال الدعوي والتربوي والاجتماعي الذين يعتقدون بشمولية الإسلام ، دين ودولة ، دعوة وسياسة، لكنهم يشفقون على الدعاة من الكلفة الباهظة حيث الإضرار المادي والمعنوي والقمع الأمني لذا فالأولى عندهم تقديم العمل التربوي والاجتماعي عن العمل السياسي
** الرصيد السلبي وقسوة التجربة ، ويقف في هذا المربع أعضاء الجماعات الإسلامية بأطيافها المختلفة بسبب ما تعرضوا له من ظلم وقهر ترك رصيداً سلبياً مؤلماً جعلها مشفقة على من بعدها
** غياب مفهوم شمولية الإسلام ويقف في هذا المربع عدد غير قليل من عوام المسلمين قليلي الثقافة والاطلاع سواء من المتعلمين أو الأميين وغالبية المنتمين للتيارات والطرق الصوفية
تمايز لا فصل "التنوع الوظيفي"
حيث لكل مجال لغته وميدانه ووسائله والفئات المستهدفة، بل والوعاء القانوني الذي يمارس من خلاله، فتمارس السياسة من خلال الحزب والدعوة من خلال الجمعية والخدمات المهنية من خلال النقابات وهكذا – قطعاً الموضوع بحاجة لمناخ سياسي وتشريعي مختلف – بل ويحتاج الاتفاق على جملة محددات منها وحدة المرجعية و تكامل المشروع ، ومن دعاة هذا التمييز الوظيفي د.البيومي غانم و د.الشاوي والدكتور سيف عبد الفتاح والدكتور عمرو الشوبكي والأستاذ ضياء رشوان وغيرهم وبالفعل طبقت فكرة التمييز الوظيفي في المغرب والأردن وتركيا والكويت والمسألة تحتاج لمزيد من الإنضاج والتوافق أملاً في تحقيق التوظيف الأمثل والأداء الأفضل لتحقيق الأهداف المنشودة.
*منطلقات و نتائج
** في غياب النضال السياسي لفصيل بحجم الإخوان لن يكون هناك أي نوع من الإصلاح بل العكس هو الكائن مزيد من القمع والاستبداد والفساد ومزيد من سن وتشريع القوانين المقيدة للحريات والمنتهكة للحقوق فضلاً عن تآكل الرصيد السابق لكل كيانات العمل الوطني
** الإصرار على التواجد السياسي ومزاحمة النظام المستبد يحقق عدة أهداف منها تعديل سلوك السلطة التنفيذية قدر الإمكان ومنع تغولها و حماية حقوق المواطنين وثروات الشعب
** الاستبداد والفساد القائم منظومة واحدة وشاملة لن تسمح لأحد سواء الإخوان أو غيرهم بممارسة أي نشاط لا يدور في فلك النظام وجهازه الأمني سواء هذا النشاط تربوي أو اجتماعي أو تعليمي والدليل على ذلك هيمنة الجهاز الأمني على كل مؤسسات الدولة لدرجة جمدت الدماء في عروق الوطن وبالتالي طالما الكلفة قائمة فلابد من العمل
** ممارسة العمل السياسي بأنماطه وأساليبه المتنوعة أفرز هذا الحراك السياسي والاحتجاج الاجتماعي الذي ملئ القطاعات العمالية والمهنية وبات يهدد شعبية وشرعية النظام وأوجد حالة من الوعي ظلت مفقودة لعقود بل أوجد كيانات شعبية جديدة وواعدةوفي الأخير قد تؤمن الغالبية بشمولية الإسلام ولكن قد تختلف في نمط وأدوات الممارسة وهو خلاف مشروع.