بقلم : ريم عبيدات ... 01.12.2009
غريب حقاً أمر الإنسان الذي لم يبارح منذ ولادته الأولى سعيه الدائم للاحتفاء بالتغير ضمن كافة تقاسيم وجوده. وغريب أمره في احتفائه بالفكرة وتجلياتها ونقيضها ثم اختفائها.
احتفى بالشمس ثم عاد ليحيي غيابها وليحتفي بشروقها ذات فجر جديد. تبارك بأول قطرة مطر ثم سارع محتفياً بآخر تباشير مواسمها.
اجتماعياً وسياسياً احتفى بالسلطة ثم بارك تغييرها. فيما استغرق مطولاً في اختلافاتها، ليحتفي في مراحل لاحقة بموتها واختفائها. وهكذا في رحلة شؤونه وشجونه المختلفة مع الكون وذاته وتضاريسه وقاراته ومواسمه وسنواته.
منذ تباشير نهاره الأول عرف بفطرته سر البحر وسر الشمس وسر الضوء. سافر طائراً وسابحاً نحو أشواق مبهمة، ليفتح في أذهاننا سؤالاً وجودياً هائماً حول ما إذا كانت أفراحنا هي ما نعيش؟ أو أنها ما نتوقع ونتخيل؟ هل نعيشها وفق حقائق تاريخية ونفسية وتاريخية وروحية؟ أما أننا نسبغ عليها شيئاً من رغباتنا وتأملاتنا وأمنياتنا؟
لكن، هل للأعياد طقوس وتقاويم متوارثة وثابتة نستعين من أجلها بمخازن ذاكرة ثقافية واجتماعية بانتظار ألوان فرح مرتقبة؟ أم ان لحظات كثيرة تفوقها متعة وسطوعاً وتجدداً في دواخلنا؟ ولماذا ابتدع الإنسان منذ لحظته البشرية البكر وسيلة تقربه من أفراحه أكثر وأكثر؟
ارتباطات بلا حدود عرفتها الأعياد المختلفة، لكن المطر ظل طقساً حاضراً في معظم مشارب التاريخ ومنعطفاته، كما بدايات المواسم والسنوات، وكما مواسم الخصب وتباشير الأشجار ونمو الأعشاب ونضوج القطاف وتكاثر الحيوانات. بعض الأعياد استمرت طوال أيام وأسابيع بل أحيانا شهوراً طوالاً. والبعض عبر عن نفسه جماعياً فالذات لا تعيش تجلياتها إلا بحضور آخرين يعنونها حقاً.
ومع تداعيات الفكرة الأساس عرف الإنسان سر التغيير ومتعه المتناهية كما وخروجه عن مألوف الأيام. فعرف الطريق إلى التنكر، باحثاً عما يجلب لحظة تغيير أو سعادة.
ومهما تعاظم اختلاف المعنى، تظل الطقوس انعكاسات روحية عميقة منحت للإنسان باختلاف تقاديره وتقاويمه. وجوهها وأنفاسها ونكهاتها لتشرق روحه شموساً من حنين.
أما لماذا غادر المعنى وحتى المبنى أفراحنا وطقوسنا واحتفاءاتنا، فتلك قضية تستوجب استنطاقات كثيرة على صعيد الظرف والزمان والمكان والثقافة والتفاعل مع الحياة. لكنها وقبل كل شيء تحتاج إلى شجاعة نادرة في اتخاذ قرارات كبيرة وصغيرة لكنها أصيلة وحقيقية، وتحتاج إلى قدر متفرد من الرؤية وقدر أكبر من الاستنارة والإنارة.
أصدقائي: كل عام وأنتم بألف خير.