أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
حياتنا ألوان!!

بقلم : ريم عبيدات ... 22.12.2009

هو اللون.. قضية وفكرة وطريقة حياة، وسيلتنا للمضي، شأننا في الذهاب، أداتنا الدائمة للتطور، فهو أكبر من حيزه الشكلي ومعانيه الفيزيائية المباشرة المرتبطة بالرؤية والضوء.
توقف طويل أبداه الإنسان منذ بزوغ لحظته حيال اللون بوصفه السمة الأولى للتمييز بين الأشياء المتعلقة ليس بصرياً بل لغوياً وإنسانياً وإحساساً فقط، فوصف الإنسان أيامه بالألوان، وعَكَس فصوله ألوان، وعبر عن مزاجه بالألوان.
في اللون وجدت الحضارات وسيلتها لتخاطب الحياة بفكرتها عن نفسها وعن العالم، ورحلتها الخاصة في الكينونة والبقاء والذهاب، فكان الأحمر مثلاً وسيلة شعوب الفروسية والقوة، وجاء الأزرق وسلالته وسيلة الشعوب الروحية، كما البرتقالي مرآة تجدده وروحيته النشطة.
أفرد له الإنسان معجماً ثقافياً عريضاً في مشهده النفسي الخاص، فكان المفرح والمعبر والروحاني والحالم والحزين، والرومانسي. كما كان العميق والخفيف والمثقف والسياسي إلى آخر الفصول الطويلة من عمر المشهدية الإنسانية. لترسم جغرافياً العواطف المعبرة أحياناً السكون والسلام والهدوء والحزن والأسى، كما والانسحاب والانطواء على النفس.
فعبرها تسد الأرواح منافذ تدخلها في دوائر نفسية ضيقة أو فراغاً ما في طيفنا اللوني السايكولوجي.. وما يساعد على تعبئة الفجوة الساكنة في نظامنا الإدراكي لتسبب الارتياح أو النفور وفقاً لحالتنا النفسية والروحية والمزاجية.
في اللون انبثاقات عظيمة لإنسانيتنا الظاهرة والطاغية كما والعميقة والمختبئة، ففيه النور والظلام، كما العتمة والانعتاق، وفيه الانطلاق والاختباء. ومن أحكامنا التي نصدرها حول الدفء والبرودة وفقاً لأذواقنا وتصوراتنا وموقفنا.
بين الأبيض والأسود تعيش الحياة فصولها المديدة، ويعيش البشر معها أنشودتهم الخالدة.. فيما اتجه الكثير من الفلاسفة والفنانين لفكرة أن كون المبدأ الأساس للحياة يتمثل في ثنائية تعيش بين دفتي النور والعتمة.
اللون أكبر من أن يكون فيزيائياً وأهم من أن يكون بصرياً، فبحكم كونه وسيلة مركزية للتميز، صار أيضاً قاطرة للحراك الإنساني والنفسي والثقافي والمهني الذي نعيش وأنشودة الحياة بتجلياتها اللامعقولة.
فالحياة بألوانها المختلفة، وبقدراتها الخارقة على التلون، وبإمكاناتها اللامحدوة للذهاب بعيداً عبر اللون، تمدنا بطاقتها العجيبة للتغير والذهاب إلى مساحات مغمورة وأخرى فاقعة وما بينهما من ألوان للتمرد والتمدد.
في اللون وسيلتنا الأبلغ لأخذ ذواتنا إلى رحلتها الجدية المفعمة بالقيمة، والمتربعة على عروش المعاني.