بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 05.01.2010
مما لا شك فيه ان اسرائيل قد نجحت بفرض واقع الهزيمه الحضاريه والتاريخيه على عرب النقب ومما لا شك فيه ايضا ان التوطين القسري قد افرز ظواهر اجتماعيه وانسانيه في المجتمع البدوي اقل ما يقال فيها انها تتأرجح بين المأساويه والكارثيه وبين التخلف ومشتقاته من ظواهر سلبيه متخلفه قادت الى ظهور التخلف القبلي والاجتماعي باشكال جديده اكثر تخلفا واكثر ردة بما يتعلق بالمجتمع ككل وحرية وحقوق المرأه والانسان بشكل خاص وبالتالي يبدو المجتمع العربي النقباوي اليوم اكثر قبليا واكثر عنفا واكثر تخلفا من زمن مضى في ظل التوطين القسري وتكديس الناس في نقاط توطين قسري مثل رهط وغيرها في النقب, وعليه يترتب القول ان اسوأ افرازات التوطين القسري هي استراتيجية تعميق ظاهرة الجهل وثقافةالرعاع التي اتبعتها اسرائيل نحو المجتمع العربي النقباوي بهدف السيطره على المجتمع العربي النقباوي من خلال اجهاظه من الداخل والهاءه بصراعات حضاريه وتقليديه وقبليه تتيح للدوله الاسرائيليه السيطره عليه, وعليه ترتب القول انه الى حد ما يوجد اليوم في النقب ثقافة الرعاع والتخلف التي تغذيها اسرائيل وتدعمها والى حد محدود[في المقابل] ثقافة الوعي بكل اشكاله الذي يحاول المجتمع افرازها, بمعنى بسيط :: اليوم في النقب يوجد فرز بين تيار ثقافة الوعي والحضاره وتيار ثقافة الرعاع والغوغاء التي تحاول فرض نفسها على المجتمع البدوي " المُوطَّن" من خلال التخلف والعنف القبلي وغيره من اشكال العنف الجسدي والنفسي الموجه ضد المجتمع ككل.... في النقب يختلط الحابل بالنابل بين الاكاديمي والمثقف والحشاشين وتجار المخدرات والهمج والرعاع في اطر معطيات العائله والقبيله ومعطيات سياسة التوطين والتجهيل القسري التي تتبعها السياسه الاسرائيليه الرسميه نحو عرب النقب, وعليه يترتب القول ان ظاهرة التخلف والهمجيه والرعاع لم تعد حكرا على شريحة الاميين او غير القادرين على الكتابه والقراءه لابل انها ظاهرة تمتد وتنتشر ايضا بين ما يسمى بالمتعلمين والاكاديميين المزعومين حيث يلتقي هؤلاء في مضاعف مشترك[ جزءي اوكامل] مع قوى التخلف والظلام و خريجي مدارس السجون والاجرام والهمجيه على قاعدة القبيله ومعطياتها لابل ان كثير من ما يسمى بالمتعلمين او خريجي الجامعات[البدو] يعودون الى اطر الفكر القبلي والهمجي ليغطون من خلاله على فشل فكري لو مهني ذريع حين لم يتمكنوا من التوفيق بين تحصيلهم العلمي وموقعهم العائلي والقبلي, وعليه يترتب القول بحتمية الفرز بين مفهوم المتعلم والمثقف ومفهوم الحضاره والهمجيه وعندما تسمع في النقب كذبة ان ابناء فلان او علان متعلمون فهذا لا يعني انهم مثقفون ولا يعني انهم واعون لابل ان الامر مفتوح على مصراعيه وفي اكثر الاحيان يكون هؤلاء المتعلمون رموز للهمجيه وثقافة الرعاع والغوغاء والقبليه والتخلف لابل يشكلون ازمة الازمات في ظاهرة ابشع تشويه لصورة المتعلم والمجتمع ككل , والحقيقه المره هي ان الرُخامي في المنظر والتحصيل العلمي هو اكبر سخام تاريخي واجتماعي حين تسمع انه داخل العائله او القبيله الواحده في النقب يتحدث المتعلم والاستاذ والمحامي والدكتور والراعي والاقرع والمصدي بلغة واحده هي لغة التخلف والجهل والرعاع على اساس و قاعدة الصف الواحد والقبيله الواحده التي تعني الحفاظ على قواعد لعبة قبليه اساسها التخلف ومقوماتها تفاعلات نفسيه ورواسب قاذورات ذاتيه يفرزها هذا الفرد او ذاك ويسعى الى جعلها واقع انطلاقا من واقعه المريض... في النقب تتجلى اليوم ابشع افرازات التوطين والتجهيل وهي الرده الثقافيه والحضاريه التي افرزت ظاهرة الرعاع والفكر الغوغائي!!
من الواضح ان الأُمْيه بمعنى القدره على الكتابه والقراءه قد تراجَعت نوعا ما واصبح هناك عدد اقل من الأميين من بين عرب النقب, ولكننا امام حاله وشكل اخر من الأميه في النقب وهي الاميه الثقافيه والسياسيه والفكريه اللتي تُعاني منها قطاعات كثيره وكبيره من المجتمع البدوي النقباوي لابل هنالك خلط وتقدير مغلوط لمفهوم التعليم والثقافه ومُصطلح المُتعلم والمُثقف, حيث ان ظاهرة الاميه الثقافيه في النقب لا تقتصر على الشريحه الأميه[ الكتابه والقراءه] لابل انها موجوده بكثافه بين الشريحه المُتعلمه في داخل المجتمع العربي النقباوي!!.................من هنا لا بُد من محاولة تعريف مامعنى التعليم والمُتعلمين , والثقافه والمُثقفين:
*اولا.:.شريحة المُتعلمين : المُتعلمون هُم عباره عن شريحه إجتماعيه ينحدر افرادها بالاصل من مُختلف الطبقات والفئات الاجتماعيه, والميزه المُشتركه بين هؤلاء جميعا هي انهُم تعلموا وحصلوا على مؤهلات تأهيليه واكاديميه وغيرها تؤهلهُم لوظيفه معينه او إمتهان مهنه سواء إنتاجيه او إجتماعيه او طبيه او غيرها, وبالتالي تتوزع هذه الشريحه من المُتعلمين على مجالات عده, وبإمكانها ان تكون مُدافعه عن حقوق الطبقات الفقيره, ولكنها في اغلب الاحيان ترتبط بعلاقات المصلحه وخدمة الطبقات النافذه من خارج وداخل المجتمع اللتي تعيش في داخله حتى لو كان البعض منها ينحدر من طبقات فقيره ومُعدمه إقتصاديا وإجتماعيا, بمعنى واضح وبسيط: التعليم والمتعلم لايعني تلقائيا الثقافه والمثقف, وليس كُل مُتعلم مُثقف ومُسيس ومن المؤسف القول ان ثقافة الرعاع والتخلف الاجتماعي والفكري تنتشر بكثافه بين المتعلمين واصحاب الالقاب المهنيه والجامعيه, بمعنى بسيط واذا تعلق الامر بحقوق الانسان او المرأه او المجتمع يلتقي المتعلم مع الامي على اساس القبيله او مفهوم العادات والتقاليد ويلتقي ايضا في هذه الحاله خريجي الجامعه وخريجي السجون على نفس الاساس ونفس اللغه ولا فرق بينهما حيث ان الفرز الثقافي غائبا بالكامل من الوجدان والوعي العام, ولكم ان تتصوروا كيف يُدمر معلم مدرسه جاهل اجيال وما اكثر هؤلاء المعلمين في النقب ولكم ان تتصوروا كيف ان المُحامي[**سننشر قريبا اسماء بعض من هؤلاء] دارس القانون ومن المفروض ان يدافع عن العدل والقانون يشارك في لغة اللا عدل واللا قانون ويتبنى منطق الهمجيه سوية مع الرعاع والغوغاء, او الطبيب التي من المفروض ان يكون قدوه في المجتمع يحمل دبوسا ويشارك في معارك القبليه البدويه في النقب... مؤسف جدا ان تكون الصوره بشعه الى هذه الدرجه ولكن هذا هو الواقع في النقب ولا بد من طرحه لحديث وزالنقا ش العام........ في النقب ظلمت اسرائيل عرب النقب من خلال التوطين واضطهدت المجتمع العربي النقباوي والذي جرى ان الاضطهاد صار ينتج ذاته ويعكس ذاته على المجتمع نفسه من خلال اشكال كثيره من العنف و الاضطهاد الموجه ضد المجتمع البدوي ككل والمرأه بشكل خاص::: هزائم الافراد والمجتمع تصدر على اشكال بطولات وهميه ضد الاطراف والخلايا الضعيقه داخل المجتمع والعائله الواحده::: كُل من يفشل في الداخل والخارج يعود الى صناعة البطولات القبليه حتى يعترف المجتمع به كانسان ويغظ النظر عن فشله الذريع في مجالات اخرى.... مصنع الازمات ومصدر الخيبات المُصدره:: هذا هو الواقع... هنالك من الماجنين والصائعين من بين عرب النقب من من يبحثون عن مخرج ومقام ويجدون ضالتهم في القبيله والتخلف وظلم واضطهاد المراه والانسان ككل !!
**ثانيا: شريحة المُثُقفين: المُثقفون هم الشريحه المُطلعه والعارفه فكريا وسياسيا وادبيا وحضاريا من خلال وعيها وإطلاعها الفكري والنظري, وتُحاول توظيف هذه المعرفه والاطلاع في إتجاه التأثير على تطور المجتمع فكريا وحضاريا وضبط إيقاع هذا التطور من خلال ربط قيَم و إنجازات المجتمع في الماضي بإنجازات الحاضر وتوجيهها نحو المستقبل والاجيال القادمه في أطر القيم الثقافيه والاجتماعيه اللتي تعكس في ما تعكس في طياتها الهويه الثقافيه والحضاريه اللتي تُحدد بدورها قُدرة هذا المجتمع او ذاك على المقاومه الحضاريه والسياسيه في وجه الغزو الثقافي والسلبيه الثقافيه الداخليه..... اللامُبالاه ومُجارات ما يُسمى بالعصريه على حساب الهويه التاريخيه والحضاريه للمُجتمعات!!!..... اللذي جرى في النقب ولعرب النقب هو إختلاط الحابل بالنابل ومفهوم المثُقف بالمُتعلم والعصريه بالتخلُف والانكى من هذا وذاك ان اسرائيل فرضت التجهيل ومن خلاله النظره السلبيه الذي ينظرها الكثيرون من بين عرب النقب الى تاريخهُم ونمط حياتهُم الاصيل!!!.. في النقب الا يقرأوون الا في دوائر انتاج اعادة الخرافات وتكحيلها اما من خلال سياسة اسرائيل او من مشتقات الجهل والتجهيل... في النقب يبدو المُتعلم في واد والثقافه في واد الخليل... مناظر..رخام.. فيلات.. تقمص وتقليد " موديرن" والعقليه الثقافيه متعفنه.... احدهم او احدهن ارسل لي رساله يجمل فيها حال عرب النقب بالقول: نحن شيدنا بيوت فارهه وعاليه وفي نفس الوقت شيدنا اسوار سجن عاليه حول العقول والوعي.. فيلات فارهه عقول فارغه...مناظر دون حضاره وثقافه!!...... اباء يدَعون انهم علمُوا ابناءهم واحيانا بناتهم ونسيوا انهم في الحقيقه لم يعلموهم سوى الجهل.. نسوا او تناسوا او لم يعرفوا اصلا انهم لم يثقفوهم على اساس القيم الانسانيه والحضاريه لتكون النتيجه ولاده مشوهه لمُتعلم صاحب مهنه وفي نفس الوقت همجي يؤمن ويمارس لغة وثقافة الرعاع والغوغاء ضد الاخرين.....بادية الظلمات والظلاميين....لن تقوم قائمه لمجتمع منفصم نفسيا وحضاريا يضطهد المراه والانسان,, والحديث هنا لا يدور عن فلتان حضاري واجتماعي لابل حقوق مشروعه ومشرعه انسانيا واجتماعيا ودينيا ايضا!!
السياسه الاسرائيليه فرضت الجهل حتى تزيده جهلا. وفرضت مستوى الهزيمه الحضاريه والثقافيه على من هو في الاصل مَهزُوم بالجهل, وحالت دون ان يكون للجهل والتجهيل بديلا ثقافيا سوى البديل الاسرائيلي التضليلي والتغريبي والبديل القبلي المتخلف والهمجي!! .. ببساطه وبُلغه مُبسطه لا بُد من التفريق بين المُتعلم واالمُثقف, بمعنى انه ليس بالضروره ان يكون كل متعلم مُثقف وليس كل مُثقف مُتعلم, ولكن للأسف في المجتمع العربي ككل والمجتمع العربي النقباوي خاصه, هنالك خلط للمفاهيم والمُصطلحات وفهم مغلوط حيث يصبح المُتعلم بشكل تلقائي مثُقف لكونه تعلم مهنه مُعينه , وهذا بطبيعة الحال غير صحيح حيث أن الكثير من المُتعلمين هُم في الحقيقه جاهلين ثقافيا وسياسيا ويُعانون من الاميه الثقافيه والسياسيه, بينما في المُقابل هنالك من الاميين[ كتابه وقراءه] مُطلعين سياسيا وثقافيا ويُحاولون خدمة مُجتمعهُم ثقافيا وحضاريا اكثر بكثير من المُتعلمين والاكاديميين!!
تُعبر الأُميه الثقافيه في النقب عن ذاتها في صور واشكال وممارسات كثيره, سواء في سلك التعليم او التربيه افي تقمُص حضارة الاخرين او تقوقع الفئه المُتعلمه على ذاتها والإدعاء بالمعرفه خوفا من إكتشاف جهلهُم!! او في اشكال اخرى كثيره خاصة في مدن التوطين القسري الفاقده لكل فحوى وتوجيه ثقافي وسياسي يُسيطر عليه في كثير من الاحيان قوى التخلُف والجهل والقبليه المُتمترسه وراء وداخل مجالس عشائريه في ثوب بلديه!!
أخطأ من ظن ان التكنولوجيا والتقنيه العلميه والالكترونيه المُستورده من الخارج هي الرمز والمقاس الصحيح للتطور والتقدُم وتُشكل البديل لهوية وحضارة المُجتمعات, والحقيقه ان اسرائيل قد شيدت للبدو مدن توطين قسري تُشبه الى حد كبير غابات من الحجاره المبنيه على اعلى طراز معماري حديث وبدون اساس ثقافي وحضاري!!!.. إسرائيل كما يقول المثل البدوي جعلت من قضية ما يُسمى بتحضير البدوفي النقب " البحر مقاثي" ومن ثُم تركتهُم في مدن التوطين القسري "يُبلطون البحر" بعد ان حرقت مراحل تطور البدو النقب وإختزلتها في منظر وشكل عصري وفحوى تحمل في طياتها تكريث كارثة التجهيل وترسيخ الاميه الثقافيه... البدو يستعملون الهاتف الجوَّال لحشد القوات في الطوشات... تطوير سرعة الطوشات... البدو يبنون بيوت فارعه ويحصنوها بالجهل والتخلف واضطهاد الاخر...رخام وسخام كما هو حال "مدينة" رهط اكبر تجمع توطيني وتعج بالعنف والتخلف والفقر...مدينه دون حضارة وثقافة مدينه.... مدينة حجاره وعقول متحجره....مدينة تجاره واسواق.. مدينه يعج فيها التخلف في ثوب التحضر.. الجهل والجهله والرعاع هم بالفعل عُملاء اسرائيل الموضوعيين والاسميين وما اكثرهم في المجتمع العربي النقباوي!!
المُفارقه الغريبه في النقب هي ان الناس العاديين والبدو التقليديين ذوي مستوى التعليم المحدود او المعدوم هُم اللذين يُحافظون على رموزهم ومعالم هويتهُم الحضاريه, بينما تعيش في المُقابل النُخبه المُتعلمه أُميه ثقافيه ماحقه تتجلى في مسلكية وسلوك التقمُص والترويج لثقافة الاخر اللذي تُمارسه شريحة الاميه الثقافيه من بين عرب النقب انفسهُم!!
لا شك ان هنالك من المُثقفين والواعيين فكريا من بين عرب النقب, ولكنهُم في اكثر الاحيان يتعرضون الى قمع وإضطهاد فكري من عدة جاهات: من جهة الدوله الاسرائيليه, وبواسطة ثُلل الأُميه الثقافيه ورموزها, ومن جهة القبليه والعائليه المُتجذره في المجتمع البدوي النقباوي, وبالتالي ابشع بشاعات التوطين القسري هو التغريب وظاهرة ثقافة الرعاع المتخلفه التي نشات وتكونت في مدن التوطين القسري!!
في النقب لا تُعير اكثرية الاجيال الشابه قضية الارض والوطن إهتماما وفي المقابل تستوعب التضليل وتُروج لسياسة التوطين والرعاع والتهجين الاسرائيليه لابل ان اسرائيل تستعمل القبليه والعشائريه في النقب كجزء من استراتيجية التغريب والتهجين وسياسة " فرق تسد", وبالتالي ما نلحظه في النقب وبين عرب النقب هو عودة التزمت القبلي واهمية الانتماء للقبيله بدلا من الانتماء للوطن والتاريخ الفلسطيني....... نجحت اسرائيل في خلق شيخ بدوي"عصري" مُهجن,, مُهمته بث ثقافة الخنوع والتخلف داخل القبيله ناهيك عن ثقافة الخيانه الموضوعيه والاسميه.... ثقافة الرعاع هي ابشع ما انتجه التوطين, وهي ثقافه يشارك في انتاجها الجميع من المتعلمين من اساتذه واطباء ومحاميين ومرورا بالاميين وحتى تجار المخدرات وسارقي السيارات... والسؤال: متى سيتكون ويتشكل البديل الثقافي لمحاصرة ثقافة الجهل والرعاع؟.. عدم خوض هذه المعركه الفكريه والحضاريه معناه المزيد من الجهل وثقافة الرعاع والقول في يوم من الايام:: أكلت يوم أُكل الثور الابيض.. المعركه يجب ان تكون دوما بين معسكر العقل والوعي وبين معسكر الجهل وثقافة الرعاع... معركه فكريه وحضاريه!!