بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 23.09.2009
ما من شك ان قريتي العراقيب وطويل ابوجرول في النقب قد اصبحتا من الرموز البارزه في مقارعة الظلم الاسرائيلي والجرافات الاسرائيليه التي تستهدف بيوت قاطنيها واراضيهُم. اذ تتعرض هاتين القريتين العربيتين في النقب تكرار ومرار لجولات من هدم البيوت وتجريف الارض, الا ان اهالي هاتين القريتين يتصديا دوما للجرافات الاسرائيليه سواء في قرية طويل ابوجرول اللتي تقطنها عائلة الطلالقه التي هدمت اسرائيل بيوتها اكثر من ثلاثين مره وبقي سكانها صامدون في ديارهم وارضهم , او في قرية العراقيب التي تملك اراضيها اكثر من عائله من بينهم العقبي والطوره وابوصيام والملاحي وغيرهم وجميعهم يتصدون منذ عقود مضت لجرافات الخراب الاسرائيليه ولشركة السرقه المسماه " كيرن كييمت" التي تحاول الاستيلاء على اراضي العراقيب الصامده بهمة اهلها المرابطين دوما في ارضهم وديارهم ويتصدون بصدورهم العاريه لقوات الهدم والنهب الاسرائيليه اللتي تحاول الاستيلاء على اراضي العراقيب, وفي هذا الصدد يهمنا توجيه كل التحيه للصامدين في طويل ابوجرول والعراقيب بشكل خاص والى كل قرانا العربيه النقباويه التي تواجه الة النهب والهدم الاسرائيليه بكل ثبات واصرار على الصمود والبقاء في الارض والديار النقباويه الغاليه وذلك بالرغم من انف اسرائيل الاحلاليه والاحتلاليه.
من الواضح ان الدوله الاسرائيليه المُختبئه دوما وراء اكذوبة " التطوير" تشن مند فتره حرب شامله على الوجود العربي في النقب, ومن الواضح ان القضيه لا تتعلق بهدم بيت او بيتين او ثلاثه بحجة " البناء الغير مرخص" او الاستيلاء على قطعة ارض عربيه هنا او هناك لا بل ان الاستراتيجيه الاسرائيليه تهدف الى هدم شامل للبيوت وازالة قرى عربيه بالكامل من الوجود وعن الخارطه السكانيه في النقب, حيث تعرضت الكثير من القرى العربيه في النقب الى محاولات الهدم الاسرائيليه ومن بينها للمثال لاللحصر طويل ابوجرول والعراقيب وقرية النصا صره وعشرات القرى العربيه الاخرى التي لاتعترف اسرائيل بوجودها[ 45 قريه عربيه نقباويه يقطنها 100000 نسمه معرضه للدمار والهدم!!], وبالتالي من الواضح ان اسرائيل قد بدأت مرحلة ما يمكن تسميته بالدمار االشامل للقرى العربيه الغير معترف بها من قبل اسرائيل والقائمه منذ مئات السنين قبل قيام كيان دولة اسرائيل.
لطالما تشدقت المؤسسة الإسرائيلية الحاكمه بـِ"ديموقراطية " إسرائيل وعدل القوانين الإسرائيلية, ولكن في واقع الأمر شتان بين الدعاية الإسرائيلية وبين الممارسات الإسرائيلية نحو العرب عامة وعرب النقب خاصة اللذين تُمارس إسرائيل ضدهم سياسة وقوانين تشبه إلى حد كبير قوانين الطوارئ والحكم العسكري وسياسة الدمار والهدم الشامل والطرد اللذي يتجلى واضحاً في مُطاردة عرب النقب وُملاحقتهم بهدف الحيلولة دون بقاء العرب في أماكن سُكناهم وديارهم التاريخية التي تواجدوا عليها منذ أمد بعيد يتعدى أمده وتاريخه بكل تأكيد تاريخ نشأة الدولة الإسرائيلية. وهي الدوله التي مارست وتمارس أشد أشكال الظلم والاضطهاد بحق عرب النقب الذين عانوا ويعانون من ويلات السياسة الإسرائيلية مُنذ أن وضعت السياسة الصهيونية الإحلالية نصب عينيها إستراتيجية تهويد النقب التي تتناقض تناحرياً مع وجود وبقاء عرب النقب في أراضيهم وأماكن تواجدهم التي تستهدفها مشاريع تهويد النقب الهادفه الى تغيير خارطته الجغرافية والسُكانية على أساس الاستيلاء على الأرض العربية في النقب من جهة وحصر السكان العرب في مساحة جُغرافية ضيقة على شكل محميات بشرية من جهة ثانية, وبالتالي مُحاولة إسرائيل فرض واقع جديد يتجلى في تكثيف الاستيطان اليهودي في النقب وفي المُقابل تخفيف التواجد العربي وحصره بين مطرقة التوطين القسري وبين سندان المساحة الجغرافية الصغيرة التي خَصّصتها الدولة الإسرائيلية لاستيعاب أكبر عدد ممكن من عرب النقب داخل مدن وقُرى التوطين القسري القائمة منها والمزمع إقامتها بهدف استيعاب ما تبقى من البدو القاطنين في أرضهم وديارهم الاصليه في النقب, وما زالوا خارج المحميات البشرية التي أقامتها إسرائيل خصيصاً لِعرب النقب.
تقلب إسرائيل الصورة الحقيقية على عقب في عملية حديثها عن "البناء غير المُرخص" بهدفً هدم البيوت العربية وتخريب المزارع البدويه في النقب, فبينما تستحوذ المستوطنات اليهودية على أكثرية مساحة النقب, تقوم إسرائيل بملاحقة عرب النقب على كل متر ارض في النقب من جهة، وتقوم إسرائيل بحرث اراضي عرب النقب وتخريب مزارعهم ومصادرة المواشي, وتترُك العائلات العربية في النقب دون مصدر رزق يعتاشون منه وعليه وبالتالي تُحاول إسرائيل من خلال هذه السياسة سحب رُخصة عيش عرب النقب على أراضيهم تحت ذرائع عده وقوانين غابة إسرائيل الشاسعة والمطاطة والتي تأخذ منحى ومعنى آخر إذا تعلق الأمر بشرعية الوجود العربي في النقب. وفي المقابل نرى أن المستوطنات اليهودية التي تُقام على أراضٍ عربية في النقب, تحظى بكل الدعم الإسرائيلي وفي مقدمته منح رُخص البناء ومزارع شاسعه تحظى بجميع مقومات البنيه التحتيه الزراعيه. والسؤال المطروح: لماذا ترفض الدولة الإسرائيلية منح عرب النقب رخصة بناء وحق عيش على أراضيهم وفي ديارهم التاريخية؟ ولماذا في المقابل تحظى المشاريع الاستيطانية اليهودية في النقب بكل الدعم الإسرائيلي ورخص البناء؟.
لا تتطلب الإجابة على الأسئلة المطروحة أعلاه جهداً أو فلسفة خاصة, وذلك لأنَّ ا لدولة الإسرائيلية غير معنية بِشيء آخر غير الاستيلاء على أرض عرب النقب بهدف دعم مشروع تهويد النقب بشكل تام, لتعيش فيه المستوطنات اليهودية في سِعة ورخاء بينما يعيش العرب في محميات بشرية فقيرة وبائسة تزداد فقراً وبؤساً مُبرمجاً بِمقدار زيادة عدد العرب التي تهدم إسرائيل بيوتهم وتستولي على أراضيهم, وتقوم بتوطينهم في مدن وقرى السردين التي حددت إسرائيل مكانها وماهية مستوى عيشها في اطر ومفهوم " واحة الديموقراطيه الاسرائيليه".!!
وأخيراً وليس آخراً واجب التشبث بِالأرض لا ينتهي بهدم البيت الحجري أو براكيات الصفيح او حراثة الارض لابل إن التمسك بِالأرض تحت وطأة البرد وأشعة الشمس أو ظل خيمة أفضل ألف مرة من الانتقال إلى مشاريع التوطين الإسرائيلية, والأهم من هذا وذاك أن الحفاظ على الأرض العربيه في النقب واجب تاريخي ووطني. والاهم من هذا وذاك حق قرية الجرول والعراقيب وكامل القرى العربيه في النقب في البقاء والوجود,, وحق سكان القرى العربيه في النقب في العيش على اراضيهم وديارهم!! والسؤال المطروح : متى ستتوقف الة الهدم والدوله الاسرائيليه عن استهداف القرى العربيه في النقب!!؟ ومتى سيهب الضمير العالمي والانساني والعربي لنجدة الوجود العربي في النقب وانقاذه من براثين جرائم الدوله الاسرائيليه الاستئصاليه!!؟... تحية اجلال و إكبار وشموخ لجميع سكان القرى العربيه في النقب الصامدين في ديارهم رغم طقطقة ال جرافات الاسرائيليه اليوميه الهادفه الى اقتلاعهم من ارضهُم!!