بقلم : أحمد عدوان ... 09.01.2010
(**هو في ايه)
ليس غريبا أن تجد الكثير من الناس تائهين لا يدركون طبيعة ما يحدث في البلد وما الذي يجري الآن من حولهم وإلي أي هاوية هم ينحدرون ، فأفعال الساسة والسادة الحكام \" والحمد لله \" أنانية وانعزالية تخلو تماما من رائحة مشاركة الشعوب في تحديد مصيرهم وتغليب خيارهم وصوتهم علي أي صوت ، والمقصلة جاهزة لمن يفتح فمه ، فتجد الكثير متوجسا من السكين التي تحملها الحكومة لكل من يخالفها أو يمكن أن يتعرض لجنابها ولو برمش عينه ، فالابتعاد عن الحكومة غنيمة والقرب منها نعمة لذلك تغيرت كل المفاهيم وتبدلت جميع الرؤى وأصبح إلي فوق تحت والي تحت فوق ولا تدري هو (في أيه) ، نعم فالامس مظاهرة حاشدة لرعايا اجانب في مصر ينددون ببناء الجدار يتم قمعهم بقوة ويصاب الكثير لمجرد حملهم لافتات الحرية لغزة ، وفي نفس اللحظة يقام مولد أبو حصيرة لمجرد تدخل أنف أسرائيل بالموضوع وتسمح لرعاياها بإقامة خزعبلاتهم علي أرض مصر بقرار رئيس الجمهورية .
الناس دخلت عام 2010 وهي تسأل هو (في أيه) سؤال يثار بأكثر من لهجة وأكثر من لغة ، لكن السؤال الذي يكبر في مصر ويتزايد وتكبر علامات الاستفهام والتعجب حوله بلكنة مصرية ويتسع صداه، لأن الناس نفسها لا تعرف رأسها من رجليها فكل شي أصبح ملخبط وتائه والعشوائية في ازدياد واللا مبالاة تكثر ، فحالة شوارع مصر المزدحمة المختنقة مرورياً والمكتظة بالمخالفات والناس ،هي انطباعا لحالة السياسة والتخبط التي يعيشها النظام في جميع تصرفاته ...حالة من التشتت والتوهان والضياع .
وللحقيقة فإن الحديث عن الإرباك الذي أصاب الحكومة ليس من باب المزاح أو المداعبة السياسية لانه لا مزاح مع الحكومة لكن المؤشرات تدل علي ان صداع كبير يدق في رأس صناع القرار والسياسيين في مصر ، فما بين أرباك التحضير للانتخابات البرلمانية وانتظار بداية ترشيح رئيس لسنه 2011 و الاحراجات التي تواجهها الحكومة من معارضيها من بناء جدار فولاذي علي الحدود علي غزة ، والتوجس من شن حرب أخرى علي القطاع ..وهذا من شانه أن يوقع مصر في إحراج أكبر والحرب الكروية التي لم ينتهي صداها حتي الآن
الناس تسأل هو (في أيه) عندما تجد أعلامي كبير منتفخ بفعل حنجرته الممتلئة بكلمات تكيل التهم ويحمل الحكومة تبعات ما يحدث لتردي مستويات الوضع الداخلي والخارجي ، وما ان ينتهي برنامجه حتى تجده يتمسح علي أعتاب الحاكم وبساطير حاشيته، تناقض عجيب نعيش فيه ونفاق ليس له أول من أخر وكأن شعارهم تحدث بما شئت ولتنطق لسانك بما لاح لها لكن لتنقي قلبك دوما بحب الحكومة وان يخفق لسانك بذكرها حتى ولو قلت خلاف ذلك
ويسأل الناس أيضا ببلاهة البسطاء عندما يفضل شيخ جليل الكرسي ومغرياته علي علمه ومعتقداته وايمانه ،ولا يكون مدعاه للتساؤل وحسب أنما صدمه كبيرة جعلت الصغير قبل الكبير يحتار في هذا الزمان وكيف تسير الدنيا عندما طالب المجمع وعلماؤه بهدم الأنفاق لأنها تسمح بمرور الفلسطينيين دون استئذان ونسوا ..عفوا اقصد تناسوا أن الحكومة تمنعهم من الدخول بالاستئذان « باسبور وتأشيرة دخول» بينما تسمح للصهاينة المحتلين لمقدساتنا بالدخول رسميا بدون استئذان وبدون باسبور ولا تأشيرة وقتما وكيفما شاءوا .
حقيقي لابد ان نسأل هو في أيه نحن معشر الكتاب والمثقفين تماما كعامة الشعب من الناس ونمعن التساؤل لأننا مغيبون ولدينا أحتقان فكري وجزع من سلطة الحاكم ومقصلته التي لا ترحم حتي ولو أظهر المعارضون عضلاتهم المفتولة وصدورهم الواسعة تبقي عصا الريس متسلطة جبارة وحينما نفلت من عقال السلطة ومن رهبه السلطان أعتقد أن الاستبداد والهوى واهتزاز القيم وعوار السياسة لن يكون له محلا من الأعراب لكن متي الله أعلــم.