بقلم : د.صلاح عودة الله ... 05.01.2010
من البديهيات المسلم بها والتي لا تحتمل الجدل والنقاش أن يقوم العلماء المسلمون بالدفاع عن الاسلام والمسلمين ونبيهم العربي محمد(ص), ومن المعروف كذلك أن يقوموا باصدار الفتاوي العقلانية التي تعالج أمور المسلمين الحياتية اليومية ومشاكلهم الذين يواجهونها..ومن المفروض على من أبتلينا بهم كقادة وحكام لبلادنا العربية والاسلامية أن تكون لهم كلمة واحدة صادقة مفادها الوحدة العربية والاسلامية..وحدة تقف أمام عدوهم المشترك..ولكن من الغريب والمقزز أن نرى أن غالبية العلماء المسلمين قد أصبحوا علماء سلاطين, وأن معظم من أطلقوا على أنفسهم القاب ملوك وأمراء وزعماء ووزراء قد أصبح شغلهم الشاغل هو التوريث ونهب خيرات أممهم وشعوبهم وتمزيق الصف العربي والوحدة العربية وهذا مطلب صهيو- أمريكي..انها حالة تشرذم وقحط وهوان لم نشهد لها مثيلا منذ العديد من العقود. الظاهر للعيان أن النظام المصري امتاز في الفترة الأخيرة في تقديم هداياه الثمينة لأشقائه العرب في المناسبات الغالية..والدليل على ذلك أن هذا النظام لم ينس احتفالات حركة حماس مؤخرا بالذكرى الثانية والعشرين لتأسيسها ليؤكد أنه ضدها "ظالمة أو مظلومة" رغم يقينه بأنها لم تتورط ولا في يوم من الأيام في الظلم، لأنها أصلا لا تملك القوة الكافية لممارسة الظلم, ففاقد الشيء لا يعطيه أبدا..انها هدية "الجدار الفولاذي" بل "سور مصر العظيم" الذي ينافس سور الصين العظيم وشتان ما بين السورين..هذه الهدية اكتشفتها وسائل الاعلام العالمية المصدومة بالعبقرية المصرية التي نقلت هندسة بناء الجدران من العلن إلى السر ومن الفوق إلى التحت..هذه العبقرية المصرية التي تعجز عن صنع سيارة بدائية وحماية شعبها من كوارث القطارات والطائرات البالية التي نسيها الزمن..هذه العبقرية المصرية جاءت لتقدم للصديقة"اسرائيل" خدمة لم تحلم بها أبدا حتى في أجمل أحلامها، ولن تتمكن"اسرلئيل" من ايجاد وسيلة ترد من خلالها على هذا الجميل الذي لم تحلم به حتى ممن يعتبرها "لقيطتهم" المدللة, بل دعونا نقولها صراحة لا تقبل الشك بأن "العبقرية" الإسرائيلية لن تتمكن من ابتكارإنجاز هندسي جريء مثله ويلقى قبول أو على الأقل صمت الطبقة السياسية الإسرائيلية وحتى الشعب الاسرائيلي الذي منه من استهجن واستنكر وتظاهر ضد الجدار العازل المرئي الذي أنشأته"إسرائيل" في مستوطناتها، واعتبره بعض اليهود قمة العنصرية، فما بالك بالعبقرية المصرية التي ابتكرت هذا الجدار السفلي الذي هو بمثابة ادانة مباشرة وعلنية للفلسطينيين بأنهم يتحركون تحت الأرض, وعزلهم "حياتيا" يمنع عنهم كل أسباب العيش البسيط. ان اقدام الكيان الصهيوني على بناء الجدار العنصري العازل في قلب الضفة الغربية بدعوى حماية أمنها القومي من القنابل البشرية الفلسطينية، أو كما تقول حماية لمواطنيها من "الإرهاب الفلسطيني"، جعله يبدو في صورة أكثر بشاعة من "الستالينية" التي فرقت بين شعب واحد هو الشعب الألماني، وفرقت بين الأب وابنته وبين الأم وابنها استجابة لدواعي ومقتضيات "أيديولوجية". لقد قام هذا الكيان ببناء هذا الجدار العنصري مدعيا أنه يريد من خلاله الدفاع عن أمنه القومي, غير أن المؤلم في كل هذا الامتداد الإسمنتي الذي امتد كالأفعى على عشرات الكيلومترات، أن هنالك أياد عربية وقفت بقوة لتشييده، سواء بالصمت أو بالدعم "من تحت الطاولة" أو بالمساهمة العملية في استكماله.. ويقف على رأس هؤلاء بعض زبانية السلطة الفلسطينية في رام الله ممن فضحهم الإعلام الإسرائيلي وتأكد تورطهم في صفقات الإسمنت التي أبرموها مع الجانب الإسرائيلي مقابل دولارات مغموسة بالذل والعار..هؤلاء الذين باعوا الأرض والعرض والشرف، واستغلوا الدعم العربي والدولي لسلطة أوسلو في تكوين ثروات طائلة على حساب معاناة الشعب الفلسطيني..وجدوا أكثر في الدعم المصري اللا محدود لسلطة عباس، وربما أيضا في تورط شخصيات مصرية فاعلة في هكذا مشاريع مشبوهة، الغطاء اللازم لتمرير جريمتهم المشتركة مع اليهود. هذا الجدار اللعين، الذي بني تحت سمع وبصر العالم، لا يقف في وجهه اليوم إلا أحرار فلسطين من أبناء الأرض ومعه مناضلون من أجل الإنسانية من كل بقاع الأرض يأتون، وفي أيديهم أغصان الزيتون التي دمرتها الجرافات.. وحدهم العزل من أي سلاح يصرخون في وجه البربرية والعنصرية التي لا حدود لها، بينما أنظمة الخزي العربية في المنطقة لا تفعل شيئا غير رفع الشعارات الزائفة، ربما في انتظار زمن يأتي بالرجال الحقيقيين لمواجهة "الذين لا يقاتلونكم إلا من وراء جُدر". الحديث هذه الأيام هو بكل تأكيد عن الهدية المصرية المسمومة التي حضرتها لأهلنا في غزة، وهي شبيهة بهدية إسرائيل لأهلنا في غزة، مع فارق بسيط، أن الجدار الذي تبنيه مصر العروبة كما يحلو لبعض المغفلين ترديده، هو جدار فولاذي تحت الأرض وليس جدارا إسمنتيا فوقها, أي أن مصر المنكوبة بنظامها أرادت أن تثبت عمالتها لإسرائيل وأمريكا بأن تخنق المقاومة في غزة فوق الأرض وتحتها أيضا. جدار بعرض 50 سم وعمق 18 مترا تحت الأرض، فرجت كل تفاصيله الصحافة الإسرائيلية ثم الأمريكية قبل أن تعترف السلطات المصرية وتوعز إلى أقلامها المأجورة بتسويقه على أنه "حق سيادي" وأنه جدار ضد الإرهابيين الفلسطينيين وليس ضد الفلسطينيين أنفسهم. موقف الجامع الأزهري من الجدار الفولاذي المصري:أيد مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر بشكل رسمي موقف الحكومة المصرية بناء جدار فولاذي مع قطاع غزة لمنع التهريب، وسط تصاعد الجدل بشأن الخطوة التي تعتبرها أوساط معارضة محاولة لتشديد الحصار المفروض على القطاع. وقال بيان للمجمع انه يؤيد بـ"الإجماع" بناء الجدار الفولاذي على الحدود مع الأراضي الفلسطينية. وجاء البيان بعد موافقة 25 عضواً من أعضاء المجمع في اجتماع عقدوه برئاسة الشيخ"محمد سيد طنطاوى"، شيخ الأزهر،على حق الدولة في أن تقيم على أرضها من المنشآت والسدود ما يصون أمنها وحدودها وحقوقها". وقال البيان "من الحقوق الشرعية لمصر أن تضع الحواجز التي تمنع أضرار الأنفاق التي أقيمت تحت أرض رفح المصرية، والتي يتم استخدامها في تهريب المخدرات وغيرها مما يهدد ويزعزع أمن واستقرار مصر ومصالحها". وانتقد المجمع معارضي الجدار بقوله "إن الذين يعارضون بناء هذا الجدار يخالفون بذلك ما أمرت به الشريعة الإسلامية"..وبصريح العبارة يقول شيوخ الجامع الأزهري:سيدخل النار من يعارض الجدار الفولاذي, ونحن بدورنا نقول:ان أردتم دخول الجنة فما عليكم يا معشر المسلمين الا أن تؤيدوا انشاء هذا الجدار فقد أصبح من فرائض الاسلام "الست" ان لم يكن أهمها بحسب وجهة نظر علماء السلاطين.
وهنا نتسائل:لماذا لم نسمع شيخا أزهريا واحدا، "وهنا دعكم من الطنطاوي فإنه عبد مأمور"، يقول للنظام المصري: "عيب ما تفعله، فليس المسلم من نام شبعانا وجاره جائع"؟..لماذا لم يُعلّق أحد في الأزهر الشريف عن الفتوى اليهودية التي تبيح قتل جمع الأسرى الفلسطينيين في حال فشل صفقة شاليط؟..ماذا لو كانت الفتوى معاكسة، هل كان علماء السلاطين من المحيط إلى الخليج سيصمتون؟..هل بناء الجدار الفولاذي لمنع تهريب الغذاء والدواء إلى قطاع غزة، جزء من القومية العربية المجيدة التي قال المصريون أنهم علمونا إيّاها في كافة الدول العربية والاسلامية؟. أيهما أخطر على النظام المصري, أنفاق غزة المشروعة, أم أنفاق الصهاينة تحت المسجد الأقصى؟. قبل أيام أحرق مستوطنون مسجدا في قرية "ياسوف" بالضفة الغربية، واكتفى رئيس الوزراء في حكومة المفاوضات، سلام فياض بوصف العمل أنه "غير قانوني" دون إشارة لأي بعد ديني لهذا العمل التخريبي المقصود، أما القاهرة، فقد صمتت وكأنّ لا أزهر فيها ولا علماء ولا مثقفين ولا حدود بينها وبين فلسطين, ولكن ماذا تنتظرون من ردة فعل تجاه حرق مسجد في قرية نائية أن تقع, ان كان مشروع هدم الأقصى مستمرا ولم يحرك ذلك ساكنا في هذا النظام المصري وما شابهه؟.
طنـطاوي الأزهر يفـتي في مشروعية الجـدار الواقي أو العازل والذي قررت عبره الشقيقة الكبرى أن تقطع نسلها مع كل ما هو عربي بعدما ظهر لها أنها من سلالـة فرعون النقية، ولأن طاعة ولي الأمر من طاعة الله حتى في قضية جدار تحديد النسل المصري، فإن ''طـنطة'' شيخ الأزهر الأخيرة والمسـتندة إلى الحاجة إلى الجدار من أجل منع المخدرات المهربة من مصر باتجاه غزة، تعتبر أصدق وأتقى فتوى صدرت حتى الآن.
مبرر تهريب المخدرات والذي تقنّع به الشيخ من أجل أن يفتي بجواز وإلزامية الجدار ''المباركي''، مبرر يدين مصر ذاتها، وطنطاوي الأزهر أدان من حيث أراد تزلفا، النظام الذي شيخه، ففتـوى الجدار العازل للمخدرات، تحمل معنى واضحا على أن مصر أولى بمخدراتها، فنـظام آل مبارك بجداره ذلك أراد حماية مدخراته من مخدرات يراد لها أن تبقى حصرا وحكرا على العقل المصري حتى لا يستفـيق من نومته أو ميتـته الصغرى.
لقد بارك الأزهر الجدار لعزل قضية هي محور الأمة بسبب ''مخدرات'' مفترضة أرادها الشيخ الطنطاوي أن تبقى في مصر ولمصر فقط، فهنيئا لأم الدنيا أزهرها وجدرانها الواقية والعازلة التي بوأتها مكانة مصر المفترشة التي عوضت استعمال حبوب منع الحمل باقتناء جدران واقية وعازلة تمنع أي تناسل أو تواصـل عربي معها.الموقف الرسمي المصري من الجدار الفولاذي:أبو الغيط المصري، تغـوط أمرا عجبا, وما أكثر"تغوطاته" المتعددة الروائح والأهداف, فبلا حياء على الاطلاق، وبصمة وجه لا تختلف عن تلك التي كان بطلها هو نفسه سيئ الذكر عندما أظهر شجاعته قبل عام ونصف تقريبا في وجه جياع غزة مهددا بكسر أرجل وعظام من يعبر الحدود من الفلسطينيين..تناولت صحف "المهلبية" المصرية والتي تنقل مقالاتها وأخبارها من الصحف الصهيونية الزميلة والصديقة هذه القضية لتبرير ما لا يبرر، ولعل من أسخف ما جادت به قريحة هذه الأبواق المأجورة أنها بررت محاصرة مليون ونصف المليون غزي، بخشيتها من تحريض إسرائيلي لأمريكا لمعاقبة مصر بقطع المعونات أو بواسطة تأليب مجلس الأمن..والأغرب من ذلك أن قالت هذه الأبواق صراحة وبلا لف ولا دوران إن "الظرف العالمي الحالي يمكن أن يعيد سيناء تحت السيطرة الدولية" وهو اعتراف صريح جدا بأن سيناء هذه التي أشبعونا شعارات بأنها حررت بدماء المصريين، إنما هي في الواقع ما تزال تحت الانتداب "غير المباشر" بدليل قدرة أمريكا وإسرائيل والقوى الغربية إعادتها تحت السيطرة الدولية. وقاحة ما بعدها وقاحة:نفى وزير الخارجية المصري، أحمد أبو الغيط، أنباء تحدثت عن احتمال توقف مصر عن استكمال تشييد الجدار الفولاذي والإنشاءات تحت الأرض على حدود بلاده الشرقية مع قطاع غزة..وقال سيء السمعة والصيت: "إن مصر ليست على استعداد لأن تتوقف عن حماية شعبها، وإنه لا يمكن أن يدفع أحد الدولة المصرية للخشية من أمر يحمي الأمن القومي المصري'', وتأتي تصريحات أبو الغيط ردا على الاتهامات الموجّهة لمصر بسبب بنائها الجدار الفولاذي الذي سيسدّ أنفاق تمرير المواد الغذائية والاحتياجات المعيشية الأخرى لسكان غزة المحاصرين. وأما رئيس لجنة العلاقات الخارجية والأمن القومي في مجلس الشعب المصري السفير السابق في الكيان الصهيوني محمد بسيوني، فقد دافع عن عزم مصر بناء جدار فولاذي عازل بين مصر وقطاع غزة, مبينا أن السور لا يهدف إلى حصار الفلسطينيين بل إلى حماية حدود مصر.وأضاف بسيوني قائلا:"انه من حيث المبدأ فان كل دولة لها الحق في الحفاظ على سيادتها وعلى حدودها وان لا تكون تلك الحدود مخترقة، وبناء على ذلك فان لنا الحق في اتخاذ كافه الإجراءات التي تضمن عدم اختراق حدودنا، ورغم ذلك فإننا نرحب بأي شخص يأتي عن طريق المنافذ الشرعية وليس صحيحا ان هذا الجدار يزيد من معاناة الشعب الفلسطيني فهناك سبعة معابر ستة منها بين غزة وإسرائيل، ولا دخل لمصر بها فضلا عن ان مصر ليست طرفا في اتفاقية المعابر التي وقع عليها محمد دحلان وشاؤول موفاز بحضور الطرف الأوروبي والمصري وشهادة وزيرة الخارجية الأمريكية في ذلك الوقت كونداليزا رايس، ورغم كل هذا فإننا نفتح المعبر كل فترة للتخفيف من معاناة جرحى ومرضى الشعب الفلسطيني, وأما اذا كان هذا الجدار يمنع استخدام الأنفاق فمن حقنا تنفيذه لأن تلك الأنفاق تستخدم في بعض الأحيان في تهريب الأسلحة وبعض الأفراد إلى سيناء للقيام بعمليات إرهابية. بامكاننا القول وبصراحة ان الأزهر بفتواه هذه وغيرها، أعادت هذه المؤسسة الدينية التي فقدت رصيدها من المصداقية والاحترام إلى ما كانت عليه الكنيسة في القرون الوسطى، فالأزهر أو الطنطاوي بالتحديد أجاز بناء الجدار واعتبره ''حقا وطنيا''، وهو نفس الكلام الذي ردده مسؤولو نظام مبارك منذ قررت مصر أن تحتفل بطريقتها بمرور سنة على نكبة غزة بإهدائها جدارا يزيد من تضييق الخناق على سكانها الذين يعيشون منذ سنوات حالة حصار غير مسبوق. لا فرق إذاً بين الأزهر الذي يصدر فتاوى ضد المسلمين استجابة لمصلحة الأوليغارشية الحاكمة في مصر، إن لم أقل استجابة للدولة العبرية، وبين الكنيسة المسيحية في أوروبا في القرون الوسطى التي كانت تساند الأنظمة الإقطاعية والملكية، وتذعن الناس وتكبلهم وتضعهم رهن إرادة أنظمة مستبدة ومثلما كانت الأنظمة الإقطاعية الملكية تلجأ إلى الكنيسة لاستصدار ''فتاوى'' تسهّل عليها تطويع شعوبها، ها هو نظام مبارك يستعين بهذه المؤسسة الدينية ويملي عليها إرادتها ويستصدر منها فتاوى تحلل له الحرام، وتبيح له التصرف كيفما شاء في رقاب الناس مثلما فعل بسكان غزة، وها هي تعطيه الغطاء الديني الذي يسمح له ببناء الجدار العازل بين غزة ومصر، وهو جدار يعود بالضرر على مسلمي غزة، وهو أمر يحرّمه الإسلام الذي يدعو المسلمين إلى التراحم والتكافل. وأمام هذا الدور البائس الذي تقوم به مؤسسة الأزهر، وأمام استعمالها الدين كأفيون للشعوب على حد تعبير كارل ماركس، ألا يحق لنا اليوم التساؤل: أليست اللائكية هي الحل الأمثل لتجنيب استغلال الدين من قبل الأنظمة الجائرة؟ فالإسلام مثل المسيحية في العصور الظلامية، صار وسيلة في يد الحكام يغلفون به تصرفاتهم الجائرة، والتي ليست من الإسلام في شيء. فالابتعاد عن اللجوء إلى الفتاوى والغلاف الديني هو السبيل الوحيد لتعرية الوجه لهذه الأنظمة الجائرة، وأوروبا تفطنت منذ قرون للدور السلبي لرجل الدين في المجتمع والدولة، وقد تحررت من اللجوء إلى الدين لإحكام سيطرة الحكام على الناس ونجحت.كم أنت مخطئ أيها المعز لدين الله الفاطمي!, فلو تكرمت وجعلت بناية هذا الأزهر إسطبلا لخيلك لكان أنفع للمسلمين من وجود مثل هذه ''البهائم'' العالمة في الأزهر اليوم., والمصيبة أن بعض الأبواق في مصر تقول إن بعض الدول العربية وخاصة الجزائر تريد تدوير الأمانة العامة للجامعة العربية منذ سنوات، لكن اليوم تطور الأزهر، فالمطلب الشعبي الملح على الحكومات العربية هو غلق هذه المؤسسة المعتوهة، التي أصبحت هي الأخرى لاتختلف في شيء عن إسطبل الأزهر. ومثلما حول المصريون في السنوات الأخيرة الجامعة العربية إلى مجرد مكتب في وزارة الخارجية المصرية، حولوا أيضا الأزهر إلى مجرد ملحقة بوزارة الخارجية والداخلية المصرية, تدور فتاواه حيث تدور سياسات أمين السياسات، جمال مبارك..وانتظروا فتوى من الأزهر تقول: من لم يؤمن بأحقية جمال مبارك في ميراث مصر عن والده..فهو كافر ولا إيمان له. هل رأيتم ذلا وخنوعا أكبر من هذا من قادة قطر عربي يتغنى شعبه بأنه مصر العروبة والعروبة منه براء؟, والله إن بلدا مدمرا كالصومال مثلا لا يقبل على نفسه خنوعا كهذا فكيف بدولة تنام وتصحو على "فزورة" أنها أكبر دولة عربية وأنها "القوة العظمى" في المنطقة"؟. مصر مبارك التي باتت تعتبر حجز المعونات التموينية والمواد الطبية وتصبح غير صالحة للاستعمال وتحجز أبسط المواد الأولية كالسكر والحليب والماعز المهربة لمساكين غزة على أنه إنجاز أمني تستحق عليه بعض "البقشيش" الأمريكي، من الطبيعي أن ترى في تهريب بعض قطع السلاح البسيطة للدفاع عن الكرامة والشرف إلى داخل غزة تهديدا للأمن القومي المصري..والواقع أن السر في ذلك هو بكل بساطة اعتبار الغضب الأمريكي والإسرائيلي جراء ذلك تهديدا خطيرا لمصالح النظام المصري. في المقابل عندما يدخل آلاف الصهاينة إلى مصر عبر معبر طابا ومن دون تأشيرة وهم يحملون السيدا لنشرها في أوساط الشباب المصري المنحل أخلاقيا أصلا بغالبيته، ويحملون شبكات التجسس التي جعلت من مصر ساحة خلفية للموساد، ويحملون كل شرور الدنيا ما ظهر منها وما بطن، فإن ذلك لا يعد تهديدا للأمن القومي المصري بل سياحة ودولارات وشيكلات..والمشكل أن الإعلام المصري الذي استطاع أن يوغر صدور المصريين البسطاء ضد الجزائر بعد فوز الجزائر على مصر وتأهلها للمشاركة في أولمبياد العام القادم اعتمادا على أكاذيب، هو نفسه الذي يغسل عقول المصريين يوميا إلى درجة لإقناعهم أن"إسرائيل" لم تعد عدوا، وأن أعداء مصر الآن هم إيران وقطر والجزائر وفلسطين وغيرها من البلاد العربية والاسلامية. الحديث يطول عن الجدران الذي بناها النظام المصري, ونضيف عليها الجدار العازل الفاصل القتال بينه وبين أبناء الشعب المصري المغلوب على أمرهم وحان الأوان أن يستيقظوا كما استيقظ الشعب الروماني بعد سنين من الدكتاتورية من قبل الطاغية تشاوشيسكو. إن جدارا كهذا، يمنع عن الإنسان الفلسطيني الحر حتى حقه في حفر الأنفاق لجلب القوت، لهو أكبر جريمة ترتكب في عصرنا الحالي إلى جانب جريمة الحصار في حق الإنسانية، والمدهش أن إسرائيليين عبروا من خلال مظاهرات واعتصامات عن رفضهم لهذه الغيتوهات النازية الجديدة..بينما لا يستحي رئيس السلطة الفلسطينية في مساندة مصر في بناء جدارها كما ساندت مصر زبانية عباس في بناء جدارهم. فهل يأتي اليوم الذي نرى فيه هذه الجدران اللعينة وقد هوت تحت ضربات ومعاول المصريين الشرفاء ومعهم العرب جميعا؟..هل يمكن لشعبنا الطيب في مصر أن يسترجع ذاته ويخرج من تحت برنوس نظام مفلس ومتواطئ؟..صحيح إننا نعترف أن باقي الأنظمة العربية لا تقل ديكتاتورية وظلما، لكنها على الأقل لا تستطيع بل وتأنف أن تعلن بهذه الصفاقة كما يفعل النظام المصري وقوفه صراحة مع العدو ضد الشعوب العربية وقواه المقاومة والتحررية، وتستحي أن تبني جدران الخزي بكل هذه الحماسة. لقد تطلب الأمر عشرات السنين من النضال حتى تمكن الشعب الألماني من تدمير جدار واحد في برلين..فكم يا ترى يلزم المصريين الشرفاء لتدمير كل تلك الجدران التي شيدها فراعنة العصر الجديد؟.
لم تكن"إسرائيل" تتصور أن تحارب فلسطين في مجازر غزة لتشن مصر بعد نهاية الحرب حملة تجويع تجلّت الآن في أغرب جدار في التاريخ بعد أن زالت جدران التفرقة بين الأوطان في كل مكان، وصارت تاريخا قديما وحجارتها متاحف يزورها سكان المعمورة..هذا ما فعلته "أم دنيانا" و"أختنا" الكبرى في فلسطين، وهذا ما فعلناه جميعا بصمتنا..فكيف ننتظر من عدونا بعد ذلك أن يرحمنا؟.
لقد تمكن مبارك من الهاء ثمانين مليون مصري في معركة مع الجزائر"بطلتها" لعبة كرة قدم, في حين كان يوقع اتفاقا ''مقاولاتيا'' مع حكومة الصهاينة، تم بموجبه إخراج مصر من ضفة قاهرة المعز إلى ضفة المقاولة المصرية المتخصصة في تشييد وبناء الجدران مع إمكانية التطـوع بالطـلاء المجاني للـمشروع..وإذا كان أنور السادات قد كُرم بإطلاق اسمه على ميدان بحيفا، وذلك في اعتراف صهيوني بصنيع الرجل، فإن أقل جزاء يمكن أن يناله حسني مبارك جراء خدماته وجدرانه الجبارة أن تسمى ''تل أبيب'' ذاتها باسمه, وليس الأمر ببعيد ولا بغريب.
والى رجال الدين والحكام العرب والمسلمين نقول:عودوا الى رشدكم وتمسككم بحصانة دينكم وشعوبكم فهي حصانة وطنية دائمة وأعظم بكثير من الحصانة الخارجية الغربية الزائفة المؤقتة التي تهرولون خلفها, عملا بالمثل الشعبي القائل:"الثوب المستعار لا يدفئ، وإن أدفأ فلا يدوم"؟، بينما الثوب الوطني يُدفئ ويدوم..ولا تنسوا أيضا ما قاله أجدادنا وأجداد أجدادنا:"زوان بلدي ولا قمح الغريب".
ولكن ورغم كل ما أسلفت فان قلبي محروق وعيناي تدمع على ما تتعرض له قاهرة المعز فهو أكبر من أي غزو حدث لها وما فعله نظامها فيها أكبر هدية للآخر اليهودي الذي ما كان له ليحقق هذه النتائج ولو استعان بكافة قوات العالم..فانقذوا مصر فإنها تغـرق..ويا أيها الـسادة من فرسان ورق، العرس انتهى والطبل انفجر فعلى ما الرقص ولمن تعرض ''الغانـية'' ساقيها ؟..نكتة لا علاقة لها بأمريكا.. في احتجاج ضد أمريكا وما فلعته في أمة الأعراب أو ''الإعراب''..قام مواطنون بتنظيم مسيرة كبيرة، اختاروا أن يلبسوا فيها أحد منهم لباس ''بوش'' أو ''أوباما''، لا فرق..ليقوموا بعدها بحرقه احتجاجا على مصر عفوا على أمريكا، والنتيجة أن ضحك ''بوش'' لأن الأغبياء أحرقوا أنفسهم وبعبارة أبعد فإن''عزل''مصر أو حرقها لن تستفيد منه إلا أمريكا ولا نقصد ''آل مبارك''..فلا تحرقوا مصر فإن نيرانها تكفيها..ولا دخل لشعب مصر المغلوب على أمره في أفعال"فراعنة العصر الحديث".
نقول وباصرار ورغم خيانة من كان يفترض أن يكونوا السند، ستبقى المقاومة الفلسطينية أقوى من الجدار الفولاذي، وليس في مقدور أحد كسرها أو النيل منها وما رفض السلطات المصرية طلب جمعيات دولية ومصرية، تنظيم مسيرة تضامن داخل قطاع غزة تحت شعار ''غزة نحو الحرية'' انطلاقا من أراضيها بمناسبة مرور عام على العدوان الصهيوني على قطاع غزة، إلا دليل على ترسيخ النظام المصري لموقفه السلبي تجاه القضية الفلسطينية ''قضية كل العرب''، وتخاذله في الوقوف الى جانب الغزاويين أثناء غزوهم من طرف الصهاينة.
تحية اجلال واكبار للشرفاء الغيورين على مصالح الأمة والخزي والعار للأعداء ومن سار في فلكهم, ولعنة التأريخ ستلاحقهم الى يوم يبعثون, فهم لا تأريخ لهم.
**تمت الاستعانة ببعض المصادر.