بقلم : عطا مناع ... 21.01.2010
كانت فلسطين وندعي أنها ستبقى فلسطين رغم ما بشر به آباءنا الأوائل بان الإنسان قضية وان العلاقة بين البشر والحجر جدلية وان الجماهير بحراً لمن اخذوا على عاتقهم الوصول بالقضية للشاطئ المقدس الذي يضمن لنا التحرر وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية التي تضمن للمواطن الفلسطيني حرية الفكر والاعتقاد والحقوق المدنية.
هذا ما عاش الشعب الفلسطيني من أجلة، وقدم على مذبحة مئات الآلاف من الشهداء والأسرى والجرحى، فكانت الهبة تلو والهبة والانتفاضة التي تحمل في رحمها انتفاضة والعصيان المدني ورفض روابط القرى التي فشل الاحتلال في فرضها على الشعب الفلسطيني، وكانت الكرامة وحرمة الدم ووحدة الصف والتآخي والصراع الديمقراطي من اجل فلسطين وشعبها.
لم نتخيل يوما أن نتحول لدمى يتلاعب بها الإسرائيلي لتحقيق أهدافه على أشلاء أبناء شعبنا الذين يقتلون بأيدي إخوتهم، كانا نصف الخارج عن الصف الوطني بالخائن، وكنا نلاحق الفاسد الذي يسطو على قوت الشعب، وكنا نلعن المنقلب على الثوابت المتمثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
كانت فلسطين ولم تعد كذلك، قد يختلف معي البعض لأسباب عقائدية آو لحفظ ماء الوجه ولهم ذلك، هي لم تعد فلسطين، لقد أصبحت قطعة ارض نسميها اصطلاحا غزة والضفة الغربية وقبلها كانت الأراضي المحتلة عام 48 تلك الأراضي التي تنازل عنها جهابذة السياسة ولا احد من شعبنا مستثنى من عملية البيع التي باتت لعنة تلاحقنا، وكان الشهداء والمضحيين من اجل وطننا انزلوا علينا أللعنة الأبدية المجسدة في الانقسام الذي لا نهاية له.
دعونا نشخص الواقع ونعترف بالحقيقة،فلنتخيل فلسطين في ظل سيطرة العسكر على قطاع غزة والضفة الغربية بعد عقدين من الزمن؟؟؟؟؟؟ المعطيات تؤكد أن الموطن الفلسطيني تدوسه البساطير باسم القانون تارة وباسم الدين تارة أخرى، حقوق الإنسان ذهبت إلى غير رجعة وبالتحديد في قطاع غزة" اعرف أن حقوق الحمساويين ومن يدور في فلكهم محفوظة" ولكن ماذا عن الشعب الفلسطيني وحقه في الحياة والمقاومة، يجافي الحقيقة من يقول أن غزة تنتهج المقاومة كاستراتيجية، إنها عملية الدفاع عن النفس والمشروع الإسلامي، لقد فقدت حركة حماس زمام المبادرة ونزلت عن الجبل للتمتع بما اعتقدت إنها الغنائم.
هي لعبة عنوانها غزة الضفة والضفة غزة، لعبة باتت مكشوفة ولن يجد حتى الأعمى مشقة في الوقوف على أهدافها الواضحة، وهي أهداف لا تراعي حرمة الوطن والموطن والتضحيات التي بذلها الشعب الفلسطيني، هذا الشعب الذي استخدم حطباً لنزواتهم ورغباتهم الضيقة فكانت المذبحة الوطنية الغير مسبوقة لكل ما راكم شعبنا من إنجازات.
وقد يقول احدهم انظر لنصف الكأس المليان، ولكنني أقول لن انظر لنصف كأس صار بلون الدم، لن انظر ولن أتعاطي مع الفكر الاقصائي الذي يحلل دم الفلسطيني وينكل بالضحايا حتى بعد موتهم، ولا يروق للمتتبع استحضار المندوب السامي الأمريكي، ولن يرضى شعبنا أن نقدم التقارير للإسرائيليين حول أداءنا الأمني ، ولن نتعاطى مع فلسفة استخدام العنف في زنازين الأجهزة الأمنية الفلسطينية، لان ثقافة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية يفترض أن ترتقي في أداءها وتتجاوز الفكر القبلي الذي يعتمد شعار العين وبالعين والسن بالسن.
ما العمل..... هذا السؤال الحاضر دائما عند الفلسطينيين، ما العمل ونحن ضحايا لكذبة الحوار وفتاوى ما انزل اللة بها من سلطان، فتاوى حولتنا لأشباه بشر لا حقوق لهم، والمشكل أن اللة والوطن والشعب حاضر دائماً في خطابهم الممجوج الذي لا طعم له ورائحة فاقت المعقول.
هي الحقيقة التي علينا عدم نسيانها، حقيقة أننا الشعب العربي الفلسطيني وحقيقة أنها فلسطين وستبقى فلسطين، فلسطين قاهرة الغزاة ومقبرة الطغم والدكتاتوريات، فلسطين الذي لا يقاس فعلها بالسنوات والعقود، وهو الشعب الذي يعيش استراحة المحارب، شعب لا يقبل سلب حريته وله في ذلك صولات وجولات، هو الشعب الذي سينفض عن كاهله غبار المرحلة وسينزل للشارع لا محالة رافعا صوته باسم فلسطين وشعب فلسطين وشهداء فلسطين وتراب فلسطين وجبال فلسطين، هو الشعب الذي سينزل يوما إلى الشارع ويميط اللثام عن القتلة والمضللين وتجار الفكر والوطن ونابشي القبور.
قد يكون حلماً، لكن لا مفر من الصرخة، وقرع جدران الخزان حتمية فلسطينية مقدسة، لأنها ألحاجه وبداية الشعور بالظلم، وظلم ذوي القربى اشدُ مضاضة، وهو القانون الذي يحكم حركة البشر والمجتمعات وما شئتم من الكائنات، سينزل الشعب إلى الشارع ويقول الحاكم اعور، سيخرج من المخيمات والمدن والقرى وسيسقط الهيكل على الرؤوس التي لم تصن الأمانة، هي حركة الأشياء وقانون النفي وعدم الاستكانة للفراغ، سينزل الشعب إلى الشارع غداً أو بعد غد أو بعد عقد من الزمان، إنها الحتمية التي لا مفر منها.
هو الشعور بالظلم وعتمة الوقع ودفن الأب لابنة والبرجوازية الجديدة التي اتخذت من الأنفاق والأجساد جسراً لتكديس الثروة، وهو الجوع وحبوب الهلوسة التي اجتاحتنا والتعامل مع أقدامنا بالرصاص وشنقنا في الزنازين، هي قوانين لا حياة لها رغم أننا نرى فيها الأبدية، هي حالة طارئه على شعبنا، ولكن يبقى السؤال ؟؟؟؟؟؟ ماذا لو نزل شعبنا إلى الشارع ومسك الدفة?.