بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 10.01.2010
لا خلاف في الجوهر بين خطة السلام الأمريكية التي نشرتها صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، والمبادرة المصرية لاستئناف المفاوضات كما طرحتها صحيفة الجمهورية الحكومية، فالقاسم المشترك بين كل ما تم تناقله هو: البدء بتحديد الحدود بين الفلسطينيين والإسرائيليين في غضون تسعة أشهر، ثم التوصل إلى أتفاق في غضون عامين حول قضايا الوضع الدائم، بما في ذلك القدس واللاجئين والمياه، والخلاصة هي: استئناف المفاوضات دون التقيد بشرط توقف الاستيطان الذي وضعه الفلسطينيون، وهذا ما أكدته وزيرة الخارجية الأمريكية "كلينتون" حين قالت: "إننا نعمل مع الإسرائيليين والفلسطينيين والدول العربية لاتخاذ الخطوات اللازمة لإعادة إطلاق المفاوضات بأسرع وقت ممكن من دون شروط مسبقة".
السلطة الفلسطينية ستتذرع بالضغط العربي، وستجد بالتوصل إلى تحديد الحدود سلماً للنزول عن شروطها المسبقة، ولاسيما أن الزمن المحدد للتوصل إلى تحديد الحدود هو الزمن نفسه الذي قرره رئيس وزراء إسرائيل "نتانياهو" للتجميد الشكلي للاستيطان في الضفة الغربية؛ دون المساس "بأورشليم" القدس. ضمن هذا السياق السياسي الجاري، يمكن الاستنتاج المبكر: أن كل الكتل الاستيطانية المتواجدة حالياً فوق أراضي الضفة الغربية ستكون ضمن حدود دولة إسرائيل ـ سبق التفاهم على ذلك مع حكومة "أولمرت" ـ وهذا يقع تحت مسمى: تبادل الأراضي. وعليه، فإن الاتفاق على تحديد الحدود يهدف إلى تحرير الاستيطان من الضغوط الدولية، لتغدو المستوطنات القائمة شرعية ضمن حدود الدولة اليهودية.
ما هو أخطر من شرعية المستوطنات، والتنازل عن قلب الضفة الغربية لإسرائيل؛ الأخطر هو الإقرار بالموجود، والتسليم بحق إسرائيل الكامل في الأرض الواقعة وراء الحدود التي ستحظى بالاعتراف الدولي، والعربي، والفلسطيني، ولا يحق لأي فلسطيني بعد الاتفاق أن ينظر إليها، أو يحلم فيها. ولمّا كانت مدينة القدس خارج إطار المرحلة الأولى من التفاوض، فإن الاتفاق على تحديد الحدود سيقطع رأس المدينة المقدسة، ويتركها جسد بلا حياة، لتكون أول ضحية لتحديد الحدود، أما الضحية الثانية فإنها حق عودة اللاجئين، إذ لا معنى لمناقشة حق عودة اللاجئين إلى أرض تم الاعتراف فيها خالصة للدولة اليهودية، ولا يجوز خدش وحدتها، ومس سلامتها، ليصير الحديث عن حق عودة اللاجئين مقتصراً على حدود الدويلة الفلسطينية، والحل الوحيد هو التوطين، أو التعويض.
ولكن؛ كي توافق إسرائيل على ما سبق، لا بد من حوافز، وإغراءات عربية!