بقلم : أمينة عودة * ... 10.03.2010
يساورنا صراع داخلي ونقاش حاد منذ حين، ولا زلنا نعيش حالة من والقلق والحذر، وقرارنا المرحلي تمحور حول أن يكون الصمت موقفا، تيمنا بما جاء على به رسول الله عند الغضب الصمت أفضل الحلول، لضمان فرصة لحوار ذاتي والخروج بمواقف متوازنة، ولا زال سؤالنا التاريخي قائما، وبالتالي اسمحوا لنا أيها السادة الكرام بطرحه على من يهمه الأمر، إلى أين نحن ذاهبون، نحن الفلسطينيون، والمطبخ الفلسطيني المتجانس غائبا، بظهور مطابخ لها فروع وأنياب، وهناك من الطبخ ما استشاط غضبا، واحترق ولعا، وانفرد بحاله عنوة، ليشكل حالة موازية لحالة قائمة، والاهم من ذلك، نبحث في هذه المطابخ، لنشتم ما هو فاتح للشهية والعقل والمنطق، ليطلق العنان لانطلاقة نحن بأمس الحاجة لها، بتشكيل مطبخ يوحد كافة الجهود وصد التفرد في صنع القرار، ووقف حكاية تعدد المطابخ حتى في التيار السياسي الواحد، علما بأننا لا نقلل من شأن أي حراك وحوار وان وصل حد الخلاف السياسي لا الاقتتال او العراك، خدمة للمصالح الوطنية العليا، وليس للمعارضة من اجل المعارضة، بل يفترض طرح بدائل لترتقي بنا للالتحاق ببرامج وطنية نضالية كفاحية من خلال استراتيجيات تفتح آفاقا واسعة وداعمة، لأي تحرك شانه إحداث نقلة نوعية.
لا يختلف اثنان، أننا الفلسطينيون من دعاة الديمقراطية، وهذا ليس مبررا لئن يستغل ويصبح مبررا للهاث نحو ما يسمى بوعود زائفة، تقدم لنا على طبق يحمل سموما، تحضيرا لضربات قاسية من بينها تهويد الضفة الغربية والقدس، عبر برامج استيطانية ذات بعد صهيوني، يهدف للسيطرة على كافة الأراضي الفلسطينية.
من الواضح أن الجبهة الداخلية الفلسطينية، لا زالت خارج إطار الجاهزية العالية للمثول أمام أية مفاوضات سياسية المطلوب مفاوضات داخلية حاسمة، ويفترض أن تكون سيدة الموقف أزمة توحيد المطابخ الفلسطينية على قاعدة القواسم المشتركة، للخروج بأجندة تمثلنا جميعا، ويبدو ان هناك من يهرب من هذا الاشتراط، اعتماد على مقولة، لعلى المانع خيرا، وهنا نؤكد انه لا خيار سوى السعي العنيد لتوحيدها، لان المانع ليس خيرا ولا يبشر بانفراج قريب، ولا زال القلق قائما لأنه يهدد عظمنا الذي يعتبر عصيا على الكسر اما الامتحانات الصعبة، علينا جميعا الانصياع لخدمة ما هو أكثر تقديسا من خلافاتنا التي تجرنا للهلاك، على هذه المطابخ المنتشرة هنا وهناك، أن تتفاعل معا لتشكل حالة من التقدم نحو تعزيز الصمود والوقوف في وجهه أي تهور قد يجرنا إلى البؤس والظلام.
من الواضح لدينا اليوم، ان الحالة السياسية الفلسطينية تثير الكثير من قلقنا جميعا، نحن الذين نسعى لبناء وطن مستقل خال من الاحتلال، بالتالي، من واجب الطباخين ومن يمثلون المطبخ السياسي، أن يضعونا في صورة التطورات وما يترتب عليهم من مسؤوليات وواجبات، استميحكم عذرا، لا نقصد هنا ما تقوم به إسرائيل على الأرض، إنما لإطلاعنا على ما هو في جعبتهم من ضمانات، بطرحها على الملأ، خوفا من أن يندثر ما هو ايجابي قائم لدينا، نحن نعتز ببقائنا صامدين على أرضنا ولن نغادر، إنما الأمر يحتاج لجرأة عالية، لبدء حوار مفتوح وبصوت عال، لأننا لسنا على عجل أن نتحرر اليوم ونقيم الدولة، المطلوب إشادة أسس ومداميك دولة محصنه، غير قابلة للتهاوي.
وعلى ضوء ما هو مطروح اليوم من مفاوضات غير مباشرة، تتوالى ردود الفعل الفلسطينية، مفاوضات بضمانات أمريكية وكأننا نسينا المثل القائل "ان ذنب الكلب اعوج" وهذا يأتي وفقا لتجاربنا المريرة مع هذا الطرف المتعاون والدا عم لدولة الاحتلال، بما في ذلك المساندة غير المباشرة للاستيطان، لسنا ضد التفاوض ولكن ليس من اجل التفاوض، مابيننا والجار المحتل لأرضنا، والرافض لأية حلول سياسية، قد تضمن التوصل لإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، وترجمة ما هو ممكن من ثوابتنا الوطنية على الأرض.
لقد أخفقنا في تحقيق إنجازات في حلبة المفاوضات وهذا ناجم عن غياب في تعزيز الجبهة الداخلية، وبدون ذلك لن تحقق أية مفاوضات استحقاقات للفلسطينيين، معروف تماما إن المفاوض الشرس يعتمد على دعم شعبه وحلفائه، وفي حالتنا نحن لم يكن الشعب مرجعية.
لقد روج الكثير من المعلومات البائسة، لما جرى من مفاوضات على مدار سنين طوال، ولا زلنا نروج لهذا النضال السلمي" لعل وعسى أن نتوصل إلى ما يدعو لتفاءل. ما نشهده من خلال مراقبة حثيثة لما يجري على الأرض، ان هناك تحولا غير مسبوق في كيفية التعامل مع الشأن الفلسطيني، وهناك من أبدع في السياحة سياسية على محطات الفضائية وما بين الدول، وهناك من يطلق الشعارات الطنانة والرنانة والمعارضة، ومن الأجدى بمكان بسبب الفشل المدوي لما شهدته عمليه التفاوض، ان نحتكم للشارع الفلسطيني، ليقول كلمة الفصل، بصفتنا نقف اليوم أمام طرق مسدودة ومغلقة من كافة الاتجاهات، فلا خوف ولا عيب من ذلك، علينا تسديد هذا الفجوات خوفا من أن تتسع الهوة بين يوم وآخر، ما بين صناع القرار وشعبهم.
اليوم، يتوجب علينا، في مرحلة كهذه، تنقض علينا الأزمات والتهديدات من حيث ندري ولا ندري، أن لا نقف مكتوفي الأيدي، علينا أن نعزز الجبهة الداخلية بما هو متوفر لدينا من أرصدة معنوية ومادية وسياسية، وأدوات حضور تعزز من حصانة مشروعنا الوطني على الأرض، لا نبالغ في قولنا إذا ما اشرنا إلى أن أبناء شعبنا في حيرة من أمرهم مثل التائه في الصحراء، يبحث عن الطريق المشترك والذي يتقاطع مع أبناء شعبنا جميعا ومصالحه المشتركة، أم أن زمن التواصل وتوارد الأفكار والمواقف المشتركة ما بين القيادة القاعدة وقيادات الصف الأول بمجملها يشهد حالة من الجمود؟؟؟ وليكن المطبخ التفاوضي مجلسا تفاوضيا شاملا لكافة القوى الوطنية والإسلامية.
مرة أخرى نذكر إن نفعت الذكرى نحن لسنا شعب الجلادين نحن شعب الجبارين، لقد سجل التاريخ المعاصر فشلا ذريعا، لمفاوضات استمرت 18 عاما، عبر مفاوضات كانت تراوح مكانها، وبرأينا هذا تفريط بعمرنا الوطني، وليس مبررا، مهما كانت هوية المفاوضين، والمصيبة الأعظم أننا سمعنا عن هذا الفشل عبر وسائل الأعلام، وكنا قد حذرنا من هذا الفشل قبل وبعد بدء المفاوضات.
واليوم نعود للحلبة نفسها ونحذر، من الوقوع في فخ جديد، وما المانع من اجراء مراجعة وتقييم شامل تشارك فيه كافة القوى الوطنية بشكل فعلى، لا خيار أمامنا سوى أن نهدأ من روعنا قبيل العودة لطاولة اخرى دون ضمانات، والأفضل في الوقت الراهن، أن نأخذ نفسا عميقا، ونجمع قوانا وقدراتنا، ونجري استعدادات أفضل ما سبق، من خلال تعزيز الجبهة الداخلية وخلق حالة إجماع سياسي فلسطيني بالتأكيد ليس مطلقا، لخوض مفاوضات سياسية، قائمة على العدل والحق والمنطق والأنصاف، تحظى أولا بدعم فلسطيني فلسطيني.