بقلم : د.عبد الستار قاسم ... 21.04.2010
سوريا تنفي أنها نقلت مؤخرا صواريخ إلى حزب الله، وهذا هو حق أو فن ديبلوماسي، وليكن. لكننا نعلم يقينا أن حزب الله لم يكن ليرتفع على قدميه وتعلو هامته لولا إصراره ودعم سوريا له بكافة الوسائل والأساليب الممكنة: من تقديم المعلومات الاستخبارية إلى تقديم الصواريخ والقنابل والتسهيلات التدريبية والتنقل، الخ.
سوريا لا تقدم لحزب الله منّة، وإنما هي تقوم بواجبها القومي والديني والإنساني دعما لمقاومة حقيقية استطاعت أن تطرد الاحتلال الصهيوني من الجنوب اللبناني عام 2000 دون أن تلبي له مطلبا واحدا، وأن تُفشل إسرائيل في حربها عام 2006. إنه واجب سوريا كما هو واجب كل العرب والمسلمين أن يهبوا لدعم تنظيمات وفصائل المقاومة العربية والإسلامية ضد العدوان والاحتلال والاستعمار سعيا نحو التحرر وتحقيق الاستقلال والتقدم، وإذا كانت دول عربية وإسلامية متخلفة عن القيام بواجبها فإن سوريا لم تتوقف يوما عن تقديم الدعم الضروري ووفق الإمكانات لحزب الله. وعلى الرغم من قدراتها المالية المتواضعة إلا أنها قدمت تسهيلات متنوعة لفصائل فلسطينية تعتمد المقاومة نهجا لها.
هناك من يقول إن جبهة الجولان صامتة، وسوريا تريد فقط توريط غيرها بقتال إسرائيل. سوريا حقيقة لا تجبر أحدا على مقاتلة إسرائيل، ولا تعمل على توريط أحد في هذا الأمر، أو دفعه نحو القيام بواجبه الوطني تجاه الأرض المقدية والأمة، أو تشجيعه على خوض معركة لا يريدها. سوريا تدعم من يريد قتال إسرائيل، من يريد أن يقاوم من أجل التحرير، ولم تضغط يوما على حزب الله أو غيره من أجل أن يتبنى المقاومة. وفي هذا الزمن الرديء الذي يتحالف فيه بعض أصحاب القضية من عرب وفلسطينيين مع الأعداء، خلف الله على سوريا التي تقدم الدعم للمقاومة وترفض الإذعان لكل الضغوط الموجهة ضدها للتوقف عن تقديم الدعم.
لقد قدمت سوريا أغلب الأسلحة التي يتم تصنيعها في المصانع العسكرية السورية، وتقديري أن أغلب أسلحة حزب الله هي من صناعة سورية. وفتحت سوريا مطاراتها وموانئها من أجل تسهيل عمل حزب الله وتسهيل تسليحة بخاصة من قبل إيران، وأقامت نقاط عبور وخروج جانبية لكي يبقى حزب الله قادرا على حرية الحركة والتنفس الميسّر، والتزود بما يحتاجه من مستلزمات الطاقة والتموين والذخائر. هذه حقيقة يعرفها القاصي والداني وبالتحديد الولايات المتحدة وإسرائيل. وقد عملت دول كثيرة عربية وغير عربية بالتعاون مع إسرائيل للضغط على سوريا بكافة وسائل الترغيب والترهيب لإبعادها عن حزب الله وملاحقته، لكن كل الضغوط فشلت، ووجدت إصرارا سوريا على مواصلة تقديم ما بقدرة سوريا من إمكانات.
سوريا ليس من واجبها فقط أن تقدم الدعم لحزب الله ولكل من يريد أن يقاوم الاحتلال وإنما من حقها أيضا، وهو حق يتجسد في:
1- سوريا جزء لا يتجزا من أرض الشام، ومسؤولية ابن حلب واللاذقية ودير الزور تجاه فلسطين والجولان وجنوب لبنان هي بالضبط كمسؤولية ابن نابلس وطولكرم وبيت لحم وطرابس وصيدا والكرك وإربد. وسوريا جزء لا يتجزا من الوطن العربي وعليها مسؤوليات قومية ودينية تجاه هذا الأمة؛
2- هناك أرض محتلة من أرض سوريا منذ عام 1967، ومن حقها أن تعمل على تحريرها، وأن تدعم كل من يكون لها عون للتحرير؛
3- تتعرض سوريا لعدوان مستمر من قبل إسرائيل، وتهديد متواصل من قبل الولايات المتحدة من أجل الابتعاد عن الحزب ووقف دعم المقاومة، وهي إزاء ذلك من مصلحتها إقامة علاقات استراتيجية من شانها تطوير قدرة الردع، وإرغام العدو على التفكير مرارا بمخاطر الاستمرار في العدوان؛
4- وإذا كان لنا أن نتحدث بما يسمى القانون الدولي، لسوريا حق القيام بمختلف الأعمال العسكرية وغير العسكرية من أجل تحرير أرضها.
ليس من حق الولايات المتحدة أن تسأل سوريا عن تزويد حزب الله بالسلاح، بل من حق سوريا أن تسال الولايات المتحدة عن تزويد إسرائيل بالسلاح. سوريا تعمل على تحرير الأرض العربية، وأمريكا تعمل على إبقاء الأرض العربية تحت الاحتلال؛ سوريا دولة تم الاعتداء عليها والسيطرة على أرضها بالقوة، وإسرائيل دولة معتدية منتهكة لكل الأعراف والمواثيق؛ سوريا تريد التحرير وإسرائيل تصر على الاحتلال والابتزاز.
أمريكا هي التي تنتهك حقوق الناس والدول في وضح النهار، وهي التي تطلب بكل وقاحة من الآخرين ألا يدافعوا عن أنفسهم. من حق سوريا وحزب الله أن يمتلكا أسلحة فتاكة بما فيها الأسلحة النووية، ومن حقهما تحرير الارض، ومن واجبهما تقديم كل الدعم للشعب الفلسطيني من أجل تحرير أرضه واستعادة كامل حقوقه الوطنية الثابتة.