بقلم : ريم عبيدات ... 27.04.2010
ماذا يأكل أولادنا؟ ماذا يشربون؟ كيف يفكرون؟ كيف يقضون أوقاتهم؟ ما هي مصادر سعادتهم المختلفة؟ ما الذي يصنع جوهر حياتهم؟ وما هي أولوياتهم؟ ما الأشياء التي يعتبرونها مهمة؟ أي الأمور يسقطون من حساباتهم؟ هل من طريق لجسر الجبل الذي بيننا وبينهم؟ ما هي الطريقة المثلى للدخول إلى عوالمهم؟ وهل يحتاج الأمر منا إلى اعتراف شجاع بكوننا انشغلنا وطردناهم من دائرتي الاهتمام والتأثير، فتحولنا إلى مجرمين تتسابق بنا السبل الى ذلك؟
ظاهرة العنف الشبابي في المنطقة ليست نكتة، بل قضية مثيرة للخوف والرعب في آن، ومثيرة أيضاً للكثير من التساؤلات، وتضع المجتمع بأسره أمام محاكمة مؤلمة لسلوكيات غير عادلة .
والعنف الذي لم يكن يتعدى الضرب أو الدفع قبل سنين، تحول إلى قتل أو محاولات للقتل أو على الأقل تلويح به .
يختلف شابان على مقعد جامعي في الأردن فيقتل أحدهما الآخر . يتشاجر آخران في مصر على قضية أصغر فيقتل أحدهما الآخر، والقصص بالمئات من المحيط إلى الخليج .
الغريب أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للناس عادة ما تفرز سلوكيات متشنجة أو مسترخية وفقاً للحالة، لكن الغريب أن يتساوى في العنف العربي أبناء الحاجة وأبناء الرفاه، فهذا ما يحتاج إلى الكثير من الوقفات التحليلية والدراسية .
الدراسات المختلفة في علم الاجتماع وعلوم الاتصال تشير إلى كون العنف ظاهرة خارج التطويع تتحكم فيها عوامل فسيولوجية ونفسية وسوسيولوجية، وراسباً من رواسب الماضي للحياة البدائية للإنسان، فهو كذلك إفراز للمجتمعات المعاصرة . وبالتالي فلا فرق بين تاريخ العنف المعاصر وتاريخ العنف القديم .
العنف أيضاً جزء من مكونات المجتمع، وليس ظاهرة مرتبطة بالشباب وحده . وهو سلوك وليس وليد جيل بعينه .
وتحفل الكثير من الأمثال والأغاني الشعبية العربية بالألفاظ “العنيفة”، مما يفتح الباب واسعاً لتأمل أشكال العنف الأخرى كالعنف اللفظي الذي تزخر به مقاطع كثيرة من ممارساتنا وثقافاتنا .
وحدّث ولا حرج عن العنف المتفاقم في الأماكن العامة مثل الملاعب والمسارح بدعوى “التنفيس الاجتماعي”، وهو تبرير يزيد من تعقيد المسألة ويمهد لتنميط سلوك العنف بين الشباب .
القضية المثيرة للكثير من الجدل أيضاً، هي المبالغة بالوسائل الرادعة المباشرة، ضمن إغفال تام للتركيز مما يجعل التعامل المنطقي مع قضية متخاطرة في دائرة مفرغة وإلى الأبد، وفي تجاهل تام للإنصات إلى الشباب .
التعامل الجاد مع العنف بين الشباب سلوك جريء حقاً بحاجة جميعاً أن نتكاتف بشأنه مع حكوماتنا، وكسر حاجز الصمت قبل أن نفقد المزيد من أبنائنا وننبري لتفسير الأمر على أنه مسؤولية قوى خفية عليها أن تأتي في المساء لتنظف شوارع المدينة .