أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
خطر العسكر ...خطر قديم يتجدد في بلادنا!!

بقلم : عاطف الكيلاني ... 06.05.2010

دون مقدمات ومطوّلات ، ودون مجاملات فارغة ، وبشكل مباشر وصريح ، أقول : لا ، ثم ألف لا للعسكر ، ولتدخّل العسكر في السياسة .... أفهم ، كما يفهم غيري ، أن تعاطي الشأن السياسي ، حق مشروع لكافة المواطنين ... حق يكفله الدستور والقانون وكافة الشرائع ... ولكن شرط أن يتم ذلك من خلال أحزاب سياسية ، لها نظامها الداخلي ورؤيتها السياسية حول كل القضايا التي تواجهها البلاد ( أيّ بلاد ، ونحن هنا بالتحديد نعني بلادنا.. الا ردن..) ... وبغير وجود هذا الحزب السياسي الذي ينضوي تحت لواءه أولئك العسكر المتقاعدون ، يكون بيانهم الذي أصدروه قبل أيام ، بمثابة البيان رقم (1).... إنه بيان يذكرنا ببيانات الجنرالات الأتراك والتايلنديين التي ينذرون بها لحكومات ( الديمقراطية ) التركية والتايلندية المنتخبة والشرعية ، والتي عادة تنتهي بانقلاب عسكري ، يطيح بالحكومة القائمة ويأتي بجنرالات لا يفهمون بالسياسة الى سدة الحكم ليتربعوا ما شاءت لهم الأقدار أن يتربعوا ، جاثمين على صدور الشعب المسكين الذي صدّقهم ، وقد يكون تعاطف معهم ومع مزاعمهم وادعاءاتهم وشطحاتهم ....
بيان العسكر المتقاعدين ( أو بالأحرى بيان مجموعة منهم ) ، أتاح الفرصة لكل من في صدره وقلبه غلّ قديم أو جديد ، لأن ينفث سموم حقده وغلّه في وجوهنا .... كان هذا البيان بمثابة الفتيل الذي ابتدأ بإشعال حرائق ، كنا وما نزال نرفضها ، ونرفض مشعليها ، أيّا كانوا هؤلاء المشعلين ... انا هنا لا أدافع عن الحكومة , ولست معنيّا بالتأكيد أن ألمّع صورة الأداء الحكومي ... وأصلا ، فإن البيان لم يكن ضد الحكومة ، بقدر ما كان ضد شعبنا الأردني ...إنه تهديد صريح ومباشر للحالة الديمقراطية ( الهشة ) التي يعيشها شعبنا الأردني منذ 1989 م .... إنه تهديد للسلم الأهلي ، وتبشير ممجوج بمرحلة قادمة تكتم فيها أنفاس المواطن الأردني تحت سطوة البسطار العسكري ... إن البيان ، بما انطوى عليه من تهديات مبطنة ، يشكل خطرا أكيدا على حاضر ومستقبل بلادنا ... من هنا جاء الرفض الشامل لكل ما جاء بالبيان ، من كل القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني ومن كل من يؤمن بالمسار الديمقراطي ، كطريق وحيد وآمن لشعبنا نحو المستقبل .... بل إن جمعية المتقاعدين العسكريين ( الجمعية الشرعية والممثل الرسمي الوحيد لهذه الشريحة الأصيلة من أبناء شعبنا ) ، قد رفضت البيان المشؤوم ، مما يدلل أن مصدري البيان لا يمثلون سوى أنفسهم ، وربما يمثلون بعض أصحاب النفس الإقليمي من ضيّقي الأفق والإستئصاليين الإنعزاليين من المتفرغين للثرثرة السياسية ويتقافزون من أقصى اليسار (نظريا ) الى أقصى اليمين ( عمليا ) ....
بيان ( بعض ) العسكر المتقاعدين ، كان فرصة ذهبية لكل من هبّ ودبّ أن يدلي بدلوه في أمر هو في غاية الخطورة والحساسية ، يتعلق أول ما يتعلق بالوحدة الوطنية ، قافزين عما كانوا يبشرون به طوال سنوات ، أن الصراع في الأصل هو صراع طبقي ... نعم ، الصراع في الأردن ( وفي كل مكان وزمان على سطح الكرة الأرضية ) هو صراع طبقي ... هذا هو التحليل العلمي الذي أصبح يدركه الطفل الصغير ، ليس في بلادنا فقط ، بل في كل بلاد العالم .... وهم بهذا البيان يريدون أن يحرفوا النضال الحقيقي عن مساره الأصلي الى متاهات تعميق شرخ الوحدة الوطنية لكافة الأردنيين ، والتي طالما عمل المخلصون من أبناء شعبنا على عدم المسّ بها رغم ما مرّ به وطننا من تجارب مرّة ....
إن النضال المشروع للأردنيين ( كل الأردنيين ) ضد مشروع الوطن البديل ( وهو بالتأكيد مشروع صهيوني يحاول البعض أن يسوّقه ) ، لا يكون إلا بوقفة جادة لكل الوان الطيف السياسي في مواجهة هذا الخطر الداهم .... وليس وراء وهم الإنقياد الأعمى لمجموعة من الضباط المتقاعدين الذين يحاولون أن يستعيدوا دورا فقدوه في ظل الديمقراطية ( الهشة والناشئة ) في بلادنا .... إن لهؤلاء السادة الضباط المتقاعدين كامل الإحترام والتقدير من كافة شرائح شعبنا .... فهم قد قدموا الكثير وحرسوا البلاد طوال خدمتهم في صفوف قواتنا المسلحة ، ولكن عليهم أن يتخلوا عن لهجتهم التي تذكرنا كما قات في البداية ب( البيان رقم واحد في دول العالم الثالث ) ...وإن ارادوا العمل بالسياسة ، فأهلا ومرحبا بهم من خلال انتسابهم لألف حزب موجودة على الساحة السياسية .... وبغير ذلك ، ستكون تخوفاتنا مبررة من لهجة البيان .... رقم (1)...

*كاتب اردني