أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
في ذكرى النكبة ..يعترينا الخلل!!

بقلم : حسام الطويل* ... 17.05.2010

تتوالى السنون منذ عام ثمانية وأربعين وتتعاظم معها نكبة الشعب الفلسطيني فمنذ اثنين وستين عاما قامت العصابات الصهيونية بارتكاب ابشع جرائم الحرب والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني المسالم واقثلع هذا الشعب من أرضه وقذف به لاجئا الى المخيمات والمنافي ومن يرفض نظرية المؤامرة وعلى الأقل فيما يتعلق بنكبة الشعب الفلسطيني عليه ان يفسر لنا بمقاربة أخرى غير المؤامرة تواطؤ بريطانيا العظمى بغض الطرف عن موجات الهجرة المتتالية للصهاينة الأوائل الى أرض فلسطين التاريخية ابان الانتداب البريطاني ومن قبل ذلك اصدارها لوعد بلفور المشؤوم ومن بعد ذلك توالي الدعم والاعتراف والاحتضان والحماية لاسرائيل من قبل القوى العظمى وعلى راسها الولايات المتحدة الامريكية وذلك في كل مراحل تغوّلها وبطشها واحتلالها وتدميرها لواقع الفلسطينيين على رؤوسهم وتمزيق وسلب وتهويد كل ما يمكن أن يمثل أملا لهم في المستقبل أو أية أرضية ممكنة لاقامة دولتهم بعد سلب وطنهم التاريخي فلسطين.
وتتعاظم الحملات التي تهدف الى النيل من حق عودة اللاجئين الفلسطينيين وتتحول من طور التخطيط الغير معلن قي الغرف المغلقة وفي أروقة السياسة وخاصة الامريكية والاسرائيلية الى طور العلانية بشكل متزامن مع الضعف الذي بات يعتري الموقف الفلسطيني بشكل خاص والموقف العربي بشكل عام خاصة بعد طرح المبادرة العربية للسلام في قمة بيروت والتي الحقت لها الحاقا يعض العبارات التي تتحدث عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين والتي تحدثت عن السلام والتطبيع الكامل مع اسرائيل مقابل حل القضية الفلسطينية على أساس الحد الادنى وبلا أدنى شك أن اسرائيل استقبلت رسالة الكرم العربي هذه بوصفها رسالة تعبر عن حالة الضعف العربي وعلى نحو غير الذي اراده لها العرب فبدلا من أن تساهم المبادرة بتحريك المياه الراكدة في عملية السلام عبّرت اسرائيل وبشكل واضح عن سياساتها في ابتلاع الأراضي والتهويد والتهجير وانتقلت بهذه السياسات الى الطور العملي الشرس والمسعور،.
وعندما نتحدث عن ضعف الموقف الفلسطيني العام سواء فيما يتعلق بمسار التسوية والمفاوضات او فيما يتعلق بحالة منظمة التحرير الفلسطينية أو فيما يتعلق بالوضع الفلسطيني الداخلي وحالة الانقسام الراهنة فاننا نتحدث عن شواهد وواقع معاش لا يجوز ان نتجاوزه خاصة وأن هدف هذا الحديث هو لوضع الاصبع على موطن الألم وهو حديث لمن يتوخى سبل العلاج للخروج من حالة الضعف والتمزق الى حالة القوة والتماسك والوحدة.
وهنا لا بد من القول ان مسؤولية تصحيح المسار الفلسطيني العام هي مسؤولية جماعية فالمسألة ليست بالتشخيص فقط او معرفة بعض طرق علاج الداء التي بينَتها وعلى أكثر من صعيد توافقات الحوار الفلسطيني الفلسطيني من اعلان القاهرة في مارس 2005 وحتى وثيقة الوفاق الوطني في مايو 2006 وانما هي بوجود الارادة الحقيقية للذهاب الى مشروع وحدة فلسطيني قادر على جمع كل الفلسطينيين تحت لوائه والابحار بهم في خضم هذه المرحلة والوصول بهم الى بر الامان ومن كان يعتقد أن هذه المهمة سهلة وتكفي بعض الشعارات والخطابات من هنا وهناك لمواجهتها فهو واهم لأن طريق العودة الى مسار وحدة فلسطينية حقيقية هو طريق شاق وصعب حافل بالعثرات والعقبات ويحتاج الى تضحيات ونكران للذات الشخصية والفصائلية وارادة لمواجهة ارادات أخرى دولية واقليمية تتعارض مصالحها مع أي مشروع وحدة فلسطيني لذلك نقول أن مستقبل القضية الفلسطينية وعلى رأسها مستقبل قضية اللاجئين الفلسطينيين سيبقى مجهولا وعرضة للانتهاك والتذويب وسيبقى الموقف الفلسطيني متوشحا بالضعف الذي يطال الجميع ما لم تتوافر تلك الارادة التي تحدثنا عنها للتصدي لهذه التحديات الجسام.
كان لا بد لي من أن اعرِّج الى الوضع الداخلي وحالة الضعف الفلسطيني والعربي الراهنة وانا بصدد الحديث عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين في ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني هذا الحق الذي يتعرض لمحنة لا تقل عن محنة القدس والمقدسات وعن محنة الارض الفلسطينية التي تبتلعها ويشكل يومي جرافات الاستيطان وقواطع الجدار لا بل تزيد وذلك لان حق العودة وبرغم تمتعه بالشرعية الدولية والقانونية واستناده الى الشرعة الدولية لحقوق الانسان الا ان سيل المشاريع والاطروحات والمقارابات والمبادرات السياسية التي تهدف الى النيل منه والقضاء عليه هو سيل لا ينتهي فتارة بنشط الحديث عن التوطين وبما يوازيه من مصطلحات مثل الاندماج والاستيعاب وغيرها وتارة الحديث عن التعويض سواء للاجئين مقابل تنازلهم عن حقهم في العودة أو للدول المضيفة لهم مقابل استيعابهم وتارة اخري تطفو الى السطح التصريحات التي تحمل معنى فكرة العودة الى الدولة الفلسطينية هذه الدولة التي أشك كثيرا بأننا سنراها خلال العام 2011 برغم كل وعود فياض ومساعي ميتشيل وابتسامات الرئيس اوباما.
وكثيرا ما يواجَه السياسي من قبل كثيرين بأسئلة بسيطة ولكنها في غاية الصعوبة مثل: وبعد كل هذا التوصيف ما هو الحل؟ فلا يكون امام من لا يملك الجواب الا اغراق السائل بسيل من الاحتمالات والاسئلة في المقابل والسبب أن هناك ازمة رؤية حقيقية وهذه الازمة لا تقتصر على مسار بعينه بل برأيي هي شاملة واستطيع ان أرجع السبب وانا اتمتع بكثير من الثقة الى وجود خلل هيكلي في المسار الفلسطيني العام بكل مكوناته سواء على صعيد البرامج السياسية او على صعيد المؤسسات الفلسطينية وعلى رأسها منظمة التحرير ومن أهم تداعيات هذا الخلل الهيكلي هي حالة الانقسام الراهنة ومن التداعيات الهامة أيضا عدم توفر أي بديل لدى أي طرف فلسطيني عن المسار القسري الذي يخوض فيه بمعنى آخر يمكنني القول وبكثير من الثقة ايضا ًاننا جميعا كفلسطينيين وفي هذه المرحلة بالذات نفتقر ونفتقد الى الخطة (ب).
ولما كان الخلل الذي يعتري المسار الفلسطيني العام خللا ًهيكليا ًكما اسلفت فهو بحاجة الى اصلاحات هيكلية بالضرورة بمعنى ان أي وثيقة مصالحة وعلى الرغم من أهميتها وضرورتها لن تكون هي الحل اذا لم تكن تمثل نقطة انطلاق لعمل فلسطيني واعي منظم من أجل مراجعة شاملة للمسار الفلسطيني العام ومن أجل احياء وتفعيل واصلاح هيكلي للمؤسسات الفلسطينية وعلى رأسها منظمة التحرير ومن أجل خلق استرتيجية فلسطينية جديدة موحدة تستفيد من حالة الاختلاف الموجودة على الارض وتستثمرها من خلال واقع جديد قائم على تعدد البدائل والخيارات دون اسقاط أيا ً منها، ذلك أن استمرار الوضع الراهن سيعزز من حالة الضعف الفسطيني بما لا يمكن معها استعادة الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني سواء في القدس أو في الأراضي التي يبتلعها الجدار والمستوطنات أو في حرية الاسرى ناهيك بطبيعة الحال عن حق العودة.

*عضو لجنة اللاجئين بالمجلس التشريعي الفلسطيني