أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
الإعلام منتجاً للعنف !!

بقلم : ريم عبيدات ... 19.03.2010

يحق أن نجزم أن الإعلام المعاصر، بات منتجاً حقيقياً للعنف، وإلا فكيف نبرر أحداث العنف الجسدي والتحرش الجنسي مثلاً التي تصاعدت بعيد عرض بعض الأعمال الدرامية والفنية بحسب بعض الدراسات التي رصدت ظواهر شبيهة بذلك .
مبدئياً، فإن مخارز كثيرة تصيب العين والقلب والروح قبل اليدين، في الحديث عن العنف كظاهرة عابرة للقارات والثقافات . وفي العنف الموجه ضد النساء تحديداً مراشح كثيرة للنزف والألم، فهو وبحسب التقاويم القانونية، الجريمة الأكثر انتشارا في العالم، والأقل محاسبة لمرتكبيها .
الأشكال الجديدة للعنف ضد المرأة إبداعية كطبيعة المنتجات التجارية والاستهلاكية الأخرى، وحين نحلل أياً من المنتجات الإعلامية وكيفية تعاملها مع المرأة، سواء المرأة موضوع الحدث، أو ضيفة عليه، أو متلقية له، فإننا نرى العجب العجاب من الافتئات على حقوقها والإساءة لها وتشويه دورها التاريخي ناهيك عن الاستهتار بمشاركتها ورأيها، وحتى شكلها، وبالذات في حالة المرأة المهنية او صاحبة القيمة العلمية والفكرية .
ثم أليس البون الشاسع بين واقع المرأة الشائك وتفاقم حدة الظروف التي تحيط بالمرأة العربية من هجرات وحروب وبؤر توتر تزخر بها المنطقة وتلف نفسها كخيط من نار على عنق المرأة، هو أيضا صورة من صور العنف تسمى عنف التساهل والتجاهل بل والاستهتار .
ناهيك عن تجاهل الكم العريض من الأمراض الخبيثة العاصفة بأركان المجتمع العربي من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وتحديات التعليم والعمل الضاغطة على أنفاس المنطقة بأكملها وعلى رأسها المرأة .
ثم أليس في مراوحة الإعلام لمكانه في تهميش قضايا المرأة والطروحات المسطحة لكل ما يتعلق فيها، وإخراجها وقضاياها تماما من دائرة التاريخ عنف جديد هو عنف الاستسخاف والتهاون؟
ألا يمثل تصوير المرأة وكأنها كائن لا علاقة له بالأرض ولا بقضايا الحياة إضافة أيضا لقائمة عنف طويلة يمارسها الإعلام ضد النساء، هي عنف التسطيح والإقصاء؟
تاريخياً مارس الإعلام دوره كأداة ممارسة الأهداف التي أوجبت حضوره ونفوذه بضراوة شاسعة، وبخاصة إبان حكم التكنولوجيا . وما بروز ما سمي “بالإعلام الحر” إلا واجهات جديدة سجل الاعلام من خلالها النجاحات الأخطر خدمة لمصالح الدول والشركات، والقوى الناتئة . ليسجل أكبر عنف معاصر أيضا في تعاطيه مع قضايا النساء اللواتي حولهن إلى جواري “الاقتصاد السوقي” وليس فقط “السوق” . وضحايا أفكار الحرية والتحرير، مستخدما إياهن كخشب المحرقة التي تشعل لهيب الإعلان والترويج للصناعات والشركات المختلفة على حساب قضاياهن ودموعهن ومعاناتهن وبالتالي على حساب البشرية جمعاء!!