بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 24.03.2010
في كل صباح، أقف ضارعاً متوسلاً لله أن يخرج شعبنا من حالة الانقسام، وأن ينجي أطفالنا من غدٍ؛ يتربص لهم فيه عدو لا يرحم، يوقد النار تحت قِدر الخلاف، ويجمع الحطب، أقف ضارعاً لله أن يمنَّ علينا بالمصالحة الداخلية، وأن يتم نعمة الإسلام علينا بالمؤاخاة بين الشعب الواحد، وأن ننعم بالسلام الداخلي، فألف عدو إسرائيلي من الخارج لا يوجع حياتنا الاجتماعية، وقضيتنا السياسية كعدو واحد داخلي يسكن فينا، ويسري في عروقنا.
في كل صباح أفتش في الأخبار عن قطرة ماء تبل العروق، وتعلن عن نهاية الجفاء، وترطب الأجواء الفلسطينية الداخلية، فالعاقل يدرك أن الانقسام الفلسطيني شر وإن جلب خيراً شخصياً لبعض الفلسطينيين الذين ارتضوا لأنفسهم أن يتكسبوا من القسمة، ويحسبون أنفسهم من الخاسرين لو التقى الجمع. لهؤلاء أقول: الفرح والأمن والارتواء حالة عامة، فلا يحس أحدكم بالفرح والمنطقة تغرق في الأحزان، ولا يحس بالأمن من تحصن بالحراس والمنطقة مهددة بالأخطار، ولا يحسبن البعض نفسه ناجٍٍ بنفسه وولده وماله إن غرقت السفينة.
في كل صباح أسأل نفسي السؤال ذاته: هل ستنتصر فتح على حماس، وتقتلعها من جذورها، وتسحق آخر فلسطيني ينتمي إلى هذه الحركة؟ وأقلب صيغة السؤال على الشكل التالي: هل ستنتصر حماس على حركة فتح، وتقتلعها من جذورها، وتسحق آخر فلسطيني ينتمي إلى هذه الحركة؟ وأبصر الجواب معلقاً على باب كل بيت، وأبصره في الشارع، وفي السوق، وعلى لسان سائقي السيارات، وفي المداس، والمستشفيات، والمساجد، الجواب الذي يصرخ: لا؛ لن ينجح أيهم في تصفية الآخر، واقتلاعه من جذوره ولو بعد مئة عام. فماذا يتعمق الخلاف، ويصل إلى حد رفض الآخر، ولفظة بصوابه وخطئه؟ لقد انقسم مجتمعنا الفلسطيني على نفسه، وأسلم أمره إلى أحد التنظيمين، وصار الفرز في المجتمع رأسياً، وصارت الكراهية حادة النصل، لا تجرح من يقترب من شفرتها وحسب، وإنما تقطع من حاول نفض الغبار عن المرحلة، أو لمس الانقسام بطرف إصبعه، وأشار إلى خطأ هنا، أو إلى ملاحظة سلبية هناك، لقد صارت الألفاظ تحسب لهذا الطرف أو ضد ذاك.
في كل صباح، يقف الشعب الفلسطيني بين يدي الله، وقبل أن يسأل تحرير فلسطين، يسأل الله نهاية مرحلة الانقسام، ولسان الحال يقول: كفى، لقد اختبر كل طرف قوة الآخر، وتأكد لديه أن لا قدرة للنصف على التفرد في الحكم، وقمع النصف الآخر، فالحياة مشاركة، وأخذ وعطاء، وتبادل أفكار وآراء، ووحدة الوطن تفاهم وتسامح، ووصول إلى نصف الطريق للخلاص من حالة تمزق مهين، لا يتمنى بقاءها إلا كل عدو مبين.