أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
الأوضاع الثقافية والتعليمية داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية!!

بقلم : أ. رافت حمدونة ... 04.04.2010

** مقدمـــة
إن المتتبع لمحطات النضال للأسرى للارتقاء بأوضاعهم الثقافية والأكاديمية ومحاولات إدارة مصلحة السجون لتجهيلهم والتأثير على تقدمهم ومحاولات تفريغهم من محتواهم الثقافى يجد نفسه أمام تجربة نادرة تستحق المتابعة والدراسة والتوثيق .
فالأسرى فى السجون تحدوا السجان ومحاولاته الفاشلة وأصروا على استلهام العلوم بأنواعها ومشاربها ونجحوا فى تحويل السجون إلى مدارس وجامعات وتحويل هذا الشعار الى واقع .
فهنالك عملية مستمرة وممنهجة من جانب الأسرى وخاصة القدامى بارشاد كل من هو جديد للاستفادة من الوقت والسيطرة عليه ، الأمر الذي حول الأسير الأمي إلى متعلم يجيد القراءة والكتابة ويتحول إلي أسير مثقف يحب المطالعة ، والمتعلم يتوسع في دراسته ، ثم يطور ذاته بدراسة اللغات وحفظ القرآن والمطالعة في شتى العلوم والأبحاث ، والتخصص في مجالات يميل إليها .
ففى السجون الجلسات التنظيمية والحركية والفكرية والتاريخية والاهتمامات الأدبية والثقافية داخل الغرف وساحة السجن ، وتشهد الغرف والساحات الكثير من الحوارات والنقاشات والتحاليل السياسية والاهتمام بالقضية الفلسطينية والهموم العربية والإسلامية والتطورات الدولية 0
وهذا التوجه نحو التعلم والالتحاق بالجامعات يأتى فى سياق رفض الأسير لنظرة المجتمع الاستعطافية الصرفة باتجاهه ، بل يحفر الأسرى فى الصخر ويولون أهمية لنظرة الانجاز والتحصيل العلمي والأكاديمي والحصول على المكانة على مستوى الوظيفة والعمل بعيداً عن نظرة الشفقة .
هذا وأضاف مركز الأسرى أن هنالك ما يزيد عن 300 أسير فلسطيني يكملون تحصيلهم فهنالك عدد من الأسرى من خرج حاصل على درجة البكالوريوس والماجستير من الجامعات ، رغم ظروف الأسر الصعبة والإجراءات القاسية التي يعيشها المعتقلون جراء الممارسات والمضايقات الإسرائيلية.
وعلى الرغم من العراقيل التى تضعها إدارة السجون بحق الأسرى كحرمانهم من ادخال الكتاب عبر الزيارة ، ومصادرتهم له فى التفتيشات ، ومنع الانتساب للجامعات الفلسطينية والعربية والدولية ، ومنع تقديم الثانوية العامة ، والعراقيل التى تضعها فى وجه طلاب الجامعة المفتوحة فى اسرائيل المسموح بالانتساب لها إلا أن الأسرى نجحوا فى تحقيق الكثير من المكانة والتحصيل ،واستطاعوا بعد تحريرهم لأن يصلوا إلى قمة الهرم على مستوى الوظيفة والعمل والمكانة على مستوى القطاع العام والخاص والعمل النضالي والحزبي ومعظم المؤسسات الرسمية والأهلية ، وأن ينالوا مكانتهم بانجازهم فى المجتمع ، فأصبحوا رغم سنوات الاعتقال الطويلة مدرسوا جامعات ووزراء وسياسيون ونواب مجلس تشريعي وأمناء عامون لفصائل ومدراء ومثقفون وكتاب ومحللون .
** مراحل تطور العملية الثقافية والتعليمية داخل سجون الاحتلال
مهم الذكر أن العملية الثقافية والتعليمية داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي كما - وثق الباحث فى قضايا الأسرى الأستاذ عبد الناصر فروانة - مرت بمراحل عدة ، وتطورت تلك العملية بفعل نضالات وتضحيات الأسرى ، ولم تصل بعد إلى مستوى انتزاع حقهم في التعليم بشكل حر وكامل ، وبالرغم من ذلك لا زال الأسرى محرومين من مواصلة تعليمهم ، كحق مشروع يكفله القانون الدولي .
وأضاف الباحث أنه وبالرغم من الإجراءات القاسية التي اتبعتها إدارة السجون منذ السنوات الأولى لاحتلالها فلسطين ، وهى تعكف على محاربة التعلم وتدوير المعارف فيما بين الأسرى وحرمانهم من الأوراق والأقلام وعقد الجلسات ، إلا أن الحركة الأسيرة لم تستسلم ، وأصرت على انتزاع هذا الحق ، فلجأت إلى تهريب الأقلام واستخدام ورق السجائر وأوراق الكارتون أو أي مادة ورقية يمكن الكتابة عليها ، وتدريجياً ومن خلال الإضرابات عن الطعام والتضحيات انتزعوا حقهم في امتلاك القلم والدفتر ومن ثم عقد الاجتماعات الداخلية داخل غرفهم .
ومع هذا وبعد السماح باقتناء القلم والدفتر وادخال الكتب التعليمية ، وضعت قيوداً على ذلك ، وبدأت بمحاربة ومصادرة المادة المكتوبة في الدفاتر من خلال المراقبة والتفتيش والمصادرات والإتلاف ، وفي تحديد نوعية وكمية الدفاتر والكتب المسموح بإدخالها ، ولا زالت لغاية اليوم تحارب ذلك وتقتحم الغرف وتصادر الكتب والكراسات ، وفي بعض السجون تمنع التجمعات والجلسات الثقافية .
ثم منعت الانتساب للجامعات الفلسطينية والعربية والدولية ، وحرمت الأسرى من تقديم امتحان الثانوية العامة ووضعت العراقيل فى وجه الأسرى المنتسبين للجامعة المفتوحة فى اسرائيل.
** الانتساب للجامعة المفتوحة في إسرائيل
لم يأت التحاق الأسرى الفلسطينيين بالجامعة العبرية المفتوحة في إسرائيل بمحض إرادتهم، بل كان خيارهم الوحيد لمواصلة دراستهم الأكاديمية في ظل منعهم من قبل إدارة السجون من الانتساب للجامعات العربية ، إضافة إلى وضع العراقيل أمامهم للحيلولة دون تقدمهم العلمي والثقافي والفكري ظنا منهم أن الاستمرار في اعتقال الأسرى وعزلهم من شانه منعهم من العلم والمعرفة.
ولم تكن تجربة الانتساب إلى الجامعة المفتوحة مقدمة عل طبق من ذهب ، ولم تكن منه أو منحة للأسرى إنما هي وليدة لمعركة طويلة خاضها الأسرى بجوعهم وصبرهم حتى تمكنوا من انتزاع حقهم ونيل الموافقة للالتحاق بهذه الجامعة، بعد رفض إدارة السجون الانتساب لغيرها من الجامعات بحجة الأمن أو التحريض أو المبررات الأمنية.
كما أن هذه الجامعة مثلت نوعا من التعجيز والتحدي لصعوبة اللغة والتنقلات بين السجون وخضوع الأسرى لمزاجية الرفض أو القبول ومنع إدخال الكتب ومصادرتها والعزل لمنع الأسرى من التواصل الجامعي قبل الانتهاء من الدراسة باشهر، وغيرها الكثير.
بيد أن ذلك لم يقف عائقا أمام رغبة الأسرى وإرادتهم القوية لقهر إرادة السجان، فاستطاعوا تسجيل انتصارا جديدا يفخر به وطنهم بحصولهم على شهاداتهم الجامعية.
ومهم التوضيح أن تجربة الانتساب إلى الجامعة المفتوحة في إسرائيل جديرة بالاهتمام ، فبفضل الله ثم بفضل المعركة التي خاضوها الأسرى بجوعهم وصبرهم استطاع الأسرى أن ينتزعوا حق التعليم الجامعي من إدارة السجون كحل وسط في إضراب 27-9-1992 ، حيث أن الأسرى في حينه طالبوا بالانتساب للجامعات العربية وتقابل بالرفض من الجانب الإسرائيلي كنوع من التعجيز ، فأتقن الأسرى اللغة العبرية بجهودهم الذاتية ومساعدة بعضهم وانتسب للجامعة المئات من الأسرى منهم من حصل على البكالوريوس ومنهم من حصل على درجة الماجستير.
** محاولات إدارة السجون لإفشال مشروع التعليم داخل السجون
1- تضييقات حينما نتحدث عن الجانب الثقافى فى السجون مهم التفريق بين التطور الثقافى للأسير " والذى يأتى عن طريق المطالعة الذاتية والجلسات التنظيمية والعامة " وبين التعليم الرسمى " كتقديم امتحان الثانوية العامة " أو التحصيل الأكاديمى الذى يحققه الأسير عبر الانتساب للجامعات وعلى رأسها الجامعة المفتوحة فى اسرائيل " .
وفى معظم الحالات فقد عكفت إدارة السجون على عرقلة كل تلك العملية بمنع الكتاب وهو أحد أعمدة التقدم الثقافى على كل الصعد ، وقامت بمنع الجلسات الثقافية وعاقبت بالعزل كل القائمين عليها ، ومنعت الأدوات الدراسية والقرطاسيات .
ومنعت الانتساب للجامعات الفلسطينية والعربية ، ومنع المحطات الفضائية ذات الطابع الثقافى والتعليمى ، واتخذت عدة قرارات تهدف إلى حرمان الأسرى الفلسطينيين من استكمال دراستهم فى الجامعة المفتوحة في إسرائيل والتى سمحت هى بها بهدف تقليص عددهم وإفشال مشروع التخرج للآخرين منهم وعرقلة تخرج المنتسبين منهم ، ومن تلك التضييقات " صعوبة الموافقة على طالب جديد للانتساب ، وتحديد عدد الأسرى المنتسبين في كل سجن وفى حال تخرج أحدهم يدخل جديد مكانه فقط ، ومنع الطلبة الأسرى من التعليم في تخصصات معينة كالعلوم ، ومنع المرشد الجامعي من لقاء الطالب الأسير ، وعقاب الطالب الجامعي الأسير من مواصلة التعليم عند أي مبرر ، وسحب الكتب ولمبة الضوء عند نقل الطالب الأسير من سجن لسجن حتى يحصل على موافقة جديدة من إدارة السجن الذي ينزل إليه ، ومنع الأسير الطالب من إخراج المقررات ( الكورسات ) الذي انتهى منها عبر الزيارة للأهل .
2- المنع من تقديم الثانوية العامة
من أقسى العقوبات وأكثر الانتهاكات الأخيرة هو قرار مصلحة السجون منع الأسرى من تقديم امتحانات الثانوية العامة "التوجيهي" في السجون ، والذى لم يكن امتيازاً منحته إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية للأسرى في السجون ، بل إنجازاً حققته الحركة الوطنية الأسيرة عبر خطوات نضالية دفع الأسرى مقابله الشهداء ، اللذين خاضوا عبر مسيرتهم النضالية الطويلة الإضرابات المفتوحة عن الطعام للنهوض بواقع المعتقلات .
3- معوقات مالية
ومن المضايقات أيضاً ارتفاع رسوم الدراسة الجامعية والتى تصل الى 1000 دولار لكل أسير معه كورسين أى ما يعادل 12 ساعة فى الفصل الواحد " الأمر الذى تغطيه وزارة الأسرى والمحررين في السلطة الوطنية الفلسطينية لكافة الطلبة من الأسرى بدون استثناء .
، والأهم أن هنالك رقم حساب واحد يتم دفع كل الرسوم الجامعية لكل الطلبة عليه الأمر الذي يوجد خلل في توزيع الرسوم على الطلبة وفق الحاجة وتستغله إدارة السجن سلباً ضد أسرى آخرين ، ومنعهم من إدخال الكتب عامة والمساعدة في التعليم الجامعي خاصة للسجون في محاولة للتنغيص على الأسرى وعرقلة تخرجهم .
4- العقابات
ومهم الذكر أن إدارة السجون جعلت من قضية المواصلة فى التعليم ورقة ضغط على الأسير وذلك بعقوبته عند أى موقف نضالى كما حدث فى سجن هداريم فى منتصف مارس 2010
حينما تعرضوا لهجمة مسعورة من قبل إدارة السجن ، وحينما رفض الأسرى اقتحام القسم من قبل قوات خاصة تحت حجة البحث عن هواتف خلوية قامت إدارة السجن بعقاب " 26 أسير " فى سجن هداريم " قسم 3 " - وهم " الأسير طارق عز الدين ، والأسير عبدو عبيد ، والأسير أيمن الشرباتى ، والأسير ابراهيم مشعل ، والأسير ناصر عبد ربه ، والأسير سلامة مرعى، والأسير أويس حمادة ، والأسير محمد عرمان ، والأسير ياسر البرغوثى ، والأسير محمد النطاح ، والأسير نضال السوركجى ، والأسير أيمن سدر، والأسير عوض السلايمة ، والأسير عواد الرجبى ، والأسير حسان عويس ، والأسير نافذ الغروف، والأسير مصطفى الكنيرى، والأسير نافذ طنبوز، والأسير غسان أبو سفاقة ، والأسير جهاد طوقان، والأسير رائد الشيخ ، والأسير محمود السرخى، والأسير أحمد عمر، والأسير ناصر عويس، والأسير
ماجد المصرى، والأسير محمد عبد ربه " - بالمنع من التعليم الجامعى لمدة عام بالاضافة لغرامة مالية لكل أسير بقيمة 250 شيقل ومنع زيارة الأهالي لمدة شهر.
** شهادات جامعية عمدت بالدم والسهر فى داخل السجون
*أ- أسرى تخرجوا من الجامعة المفتوحة فى اسرائيل وهم داخل الاعتقال
سبق وأن نوهنا أن الموافقة من جانب الاحتلال على الانتساب للجامعة المفتوحة فى اسرائيل كان أحد انجازات الاضراب المفتوح عن الطعام فى 27/9/1992 م والذى ذهب ضحيته شهداء فى داخل السجون وخارجها .
وأن هنالك أسرى أنهوا تعليمهم رغم قلة الامكان من وسائل وبالكثير من العقوبات والتضييقات عليهم وأهم تلك الأسماء " الأسرى فى السجون ممن حصل على درجة الماجستير فى العلوم السياسية من الجامعة المفتوحة فى اسرائيل أثناء الاعتقال ولا زال وهم " الأسير عبد الرحمن شهاب من غزة ، والأسير تيسير البردينى من غزة ، والأسير سعيد سرساوى من إبطن ، والأسير محمود سرور من مخيم عايدة ، والأسير موسى عكارى من مخيم شعفاط ، والأسير ياسر حجاز من المزرعة الشرقية ، والأسير على عامرية من إبطن ، والأسير مخلص برغال من اللد ، والأسير وليد دقة من باقة الغربية ، والأسير ابراهيم بيادسة ، والأسير محمد اغبارية من أم الفحم ، والأسير محمد زغلول من رام الله ، والأسير عبد الناصر عيسى من مخيم بلاطة ، ، والأسير جلال رمانة من مخيم الأمعرى، والأسير محمد كميل " الرشق " من قباطية ، والأسير على العامودى من غزة " خانيونس " .
وأضاف الأسير أبو نعيم من سجن هداريم للمركز أن هنالك عدد آخر من الأسرى ممن حصل على درجة البكالريوس فى العلوم السياسية أثناء الاعتقال ولا زال وهم " الأسير زاهر جبارين من سلفيت ، والأسير محمد حمدية من غزة ، والأسير عثمان مصلح من الزاوية ، والأسير عوض سلمية من الخليل ، والأسير محمود مرداوى من حبلة ، والأسير عبد الحكيم حننى من بيت دجن ، والأسير جهاد بنى جامع من عقربة ، والأسير مجدى عمرو من دورا ، والأسير عثمان حسن من جنين ، والأسير هزتع السعدى من جنين، والأسير نعمان الشلبى من جنين ، والأسير عادل حامد من غزة ، والأسير مؤيد الجلاد من طولكرم تخصص إدارة أعمال.
جدير بالذكر أن هنالك أسيران محرران من قطاع غزة حصلوا على درجة البكالريوس فى علم الاجتماع والعلوم الانسانية من الجامعة المفتوحة فى اسرائيل أثناء الاعتقال وهما الأسير المحرر رأفت حمدونة ، والأسير فريد قديح ، وهنالك عدد آخر من الأسرى المحررين من الضفة الغربية ممن أنهى دراسته أثناء الاعتقال من نفس الجامعة أمثال الأسير المحرر سامى حسين والأسير المحرر مهند العناتى والأسير المحرر صلاح حبوب والأسير المحرر زهير حمد الله وآخرين ، وكذلك الأسير العربى المحرر سمير القنطار من لبنان .
*أسرى تخرجوا من جامعات فلسطينية وعربية وهم داخل الاعتقال
كما أن هنالك من استطاع أن يبتكر الطرق للانتساب للجامعات العربية دون موافقة إدارة السجون على هذه الخطوة أمثال الأسير المناضل مروان البرغوثي والذى حصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من معهد البحوث والدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية فى منتصف مارس 2010 م بدرجة مرتبة الشرف الأولى ، والتى كانت بعنوان " الأداء التشريعي والرقابي والسياسي للمجلس التشريعي وإسهامه في العملية الديمقراطية في فلسطين، تجربة المجلس التشريعي في الفترة ما بين 1996-2008م " وبحضور السفير محمد صبيح الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين بالجامعة العربية وأمين سر المجلس الوطني الفلسطيني، وعدد كبير من السفراء العرب والأجانب، ومندوبي الدول المختلفة لدى الجامعة العربية، ورئيس المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم البرفسور محمد العزيز بن عاشور، وعدد من المسؤولين المصريين من مدنيين وأمنيين.
كما أن هنالك أسرى آخرين من حصلوا على شهادات مماثلة وابتدعوا أساليب جديدة مكنتهم من الحصول على الشهادات العليا وتقديم رسائلهم لجامعاتهم الفلسطينية رغم كل عراقيل السجان " كما يؤكد الباحث فروانة " كالأسير ناصر عبد الجواد والذى ناقش رسالة الدكتوراه بنجاح عبر الهاتف النقال المهرب من معتقل مجدو مع جامعة النجاح في أغسطس 2003 ، وتلاه الأسير رشيد نضال رشيد صبري في نفس العام حينما ناقش وبنفس الطريقة رسالة الماجستير من معتقل عوفر مع جامعة بيرزيت ، وتلاهما المعتقل وائل عبد الله طحاينة من جنين والذي ناقش رسالة الماجستير في سبتمبر عام 2004 مع جامعة النجاح ، وتلاهم طارق عبد الكريم فياض في مايو 2006 وبذات الطريقة وناقش رسالة ماجستير من معتقل عوفر مع جامعة القدس وغيرهم .
** صعوبات تم تجاوزها على الصعيد الفلسطينى الداخلى
قد نتفهم وضع العراقيل فى وجه الأسرى من جانب الاحتلال وإدارة مصلحة السجون ، وكان على المؤسسات العربية والفلسطينية احترام وتقدير الانجازات التى حققها الأسير على المستوى الثقافة والتعليمى ، ولكن للأسف كانت المفاجئة من قبل المؤسسات الفلسطينية بتجميد الاعتراف بالشهادات لحتى حل هذه المعضلة منذ فترة وجيزة
فالأسرى الفلسطينيين فى السجون وبعد التحرير واجهوا تحدى داخلى وهو عدم الاعتراف بشهاداتهم من قبل التعليم العالى وخاصة فى الضفة الغربية ، دون وجود نص قانوني واحد أو إشارة قانونية تبيح هذا الرفض.
والأسيران المحرران زهير حمد الله وصلاح حبوب نموذجان من حالات كثيرة مشابهة لهذه الحالة ،فهم حصلا على شهادة البكالوريوس من جامعة إسرائيل المفتوحة أثناء الاعتقال ، وبعد التحرر لم يتم مصادقة شهاداتهما اللواتى مولتهما السلطة الوطنية من قبل وزارة شؤون الأسرى التى تدفع ما يقارب من نصف مليون شيكل سنويا على ما يقارب من 400 أسير داخل السجون منتسبين للجامعة المفتوحة فى إسرائيل ، وهذا يعتبر تأكيدا لاعتراف السلطة بحق الأسرى بالتعليم فى تلك الجامعة وبدعمها ووقوفها الى جانبهم ، وتمويلها لتعليمهم يجب أن يقود إلى الاعتراف بشهاداتهم ومعادلتها.
وفي حديث مع 'وكالة وفا ' قالت وزيرة التربية والتعليم العالي فى حينه أ. لميس العلمي تعقيبا على الموضوع: هناك لجنة اعتماد شهادات مكونة ليس فقط من وزارة التعليم العالي إنما من ممثلي مختلف قطاعات المجتمع، والقضايا التي ترفع لها هي قضايا' استثنائية' ومعنى استثنائية أن فيها ما يخالف القانون وبالعودة للنظام والقانون أوضحت انه لا يوجد في النظام الحالي بند أو نص يعتمد التعليم المفتوح لذلك نحن نعمل وبجد من اجل تعديل القانون أو إضافة نص يتعلق بالتعليم المفتوح لنصل إلى آلية نتمكن بموجبها معادلة هذه الشهادات .
فيما تطرق وزير شؤون الأسرى عيسى قراقع حول الموضوع قائلا " يجب أن تحل هذه القضية واحترام خصوصية الأسرى الذين تحدوا لنيل هذا الحق واثبتوا وبجدارة تفوقهم فيه كما رفض قراقع الاجتهادات والاتهامات بربط هذه الدراسة بموضوع التطبيع وما إلى ذلك وطالب التعامل مع القضية بدون مزايدة .
بدوره نوه رئيس نادي الأسير قدورة فارس إلى أنه لا يوجد أي سبب لرفض وزارة التعليم العالي معادلة شهادة الأسرى، خصوصا أن الحكومة الفلسطينية هي من تقوم بدفع مصاريف التعليم عن الأسرى أثناء وجودهم داخل سجون الاحتلال.
وبالفعل تم حل المشكلة مؤخراً
وبالفعل تم حل المشكلة ضمن اجتماع بتاريخ 27/01/2010 بين وزير شؤون الاسرى والمحررين عيسى قراقع ، ووزيرة التربية والتعليم العالي أ. لميس العلمي وتم التوصل إلى اتفاق عام أهم عناصره :
1 . تستمر وزارة التربية والتعليم العالي بالمصادقة على شهادات الأسرى المحررين الذين انهوا تعليمهم داخل السجون الإسرائيلية بدون أي معوقات .
2 . أي أسير محرر يرغب بإكمال تعليمه – دراسات عليا – في الجامعات الفلسطينيه يتم تزويده بكتاب من وزارة التربية والتعليم العالي موجه الى الجامعه المعنية لتسهيل قبوله .
3. كل طالب يحصل على قبوله من الجامعة – موافقة لإتمام تعليمه العالي – يتم معادلة شهادته استثناءً ، حسب الأصول المتبعة في وزارة التربية والتعليم العالي لمعادلة الشهادات .
4.أي أسير محرر أكمل تعليمه الجامعي العالي في جامعات خارج الوطن يتم معادلة شهاداته من قبل وزارة التربية والتعليم العالي بما فيها معادلة شهادة البكالوريوس بشكل استثنائي .
5. أي أسير أكمل تعليمه الجامعي العالي داخل فلسطين ولم يتم معادلة شهادته الأولى ويرغب بإكمال التعليم للحصول على شهادة الدكتوراة يتم معادلة شهادته الجامعية الأولى استثناء .
6. إن هذه التفاهمات هي تفاهمات استثنائية ، وذلك لخصوصية قضية الاسرى وأنها ستبقى سارية المفعول لحين إقرار نظام التعليم المفتوح ونظام معادلة الشهادات غير الفلسطينية .
*خاتـــمة
فى نهاية هذه الورقة حول موضوع " الأوضاع الثقافية والتعليمية داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية " أجد نفسى أمام تجربة تستحق التقدير والاحترام ، وأمام إراده انتصرت رغم امكانياتها القليلة على السجان و، وامام عزة نفس أبت الا أن تكون صاحبة انجاز ولا تعتمد على الاستعطاف ، أمام تجربة بحاجة إلى توثيق وبحث منذ اعتقال الأسير الأول لحت هذه اللحظة .
كما أناشد كل المؤسسات العربية والفلسطينية باحتضان الأسرى المحررين حملة الشهادات وتذليل كل العقبات باتجاههم على صعيد التوظيف والاعتماد والتفريغ العام والخاص فى الجامعات والمؤسسات لتكريمهم والاستفادة من تجاربهم التى عمدت بالدم والعرق والسهر والتحديات .
فهذه التجربة التى نجحت بتحويل السجون الى جامعات ، والتى انتصرت بارادتها على محاولات السجان بتفريغ الأسرى من محتواهم وعرقلة تطوير ذواتهم ، والبرغم من الظروف غير الإنسانية والمأساوية التي عاشها هؤلاء الأبطال ، إلا أنهم استطاعوا أن يحولوا هذه السجون والمعتقلات إلى منابع للعلم والمعرفة .
فكل التحية إلى أولئك اللذين دفعوا في سبيل تقدمهم ولم ينكسروا كل التضحيات ، وأثبتوا أن الإنسان الأسير الفلسطيني بل الشعب بأكمله قادر على التحدى وقادر على الانتصار ويستطيع بقوة إيمانه بقضيته التغلب على كافة تلك الصعوبات .

*باحث في شؤون الاسرى..مركزالأسرى للدراسات