أحدث الأخبار
السبت 23 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
مصطلحات من القضاءالعشائري في النقب!!

بقلم : موسى الحجوج  ... 16.08.2010

هذه حفنة من المصطلحات التي تستعمل في القضاء العشائري، مع شرحٍ يُعرِّف بها ويبين الطرق التي تستعمل بها ويوضّح معناها.
العَطْوة:
هي الهدنة، وهي الوقف الفعلي للقتال الذي يسود بين عائلتين متخاصمين، وهى المهلة التي يمنحها الفريق المعتدى عليه إلى الفريق المعتدي حتى يتقدم للصلح حسب عادات وعُرف أهل البادية. ويلجأ البدو إلى أخذ العَطْوة عند حدوث مشاكل متعلقة بالضرب أو بالقتل أو بالعرض. والذي يطلب العَطْوة هو المتهم بالاعتداء ويسمى المحقوق؛ أي المعتدي وذلك بواسطة رجل له مكانته الاجتماعية وسمعته وهيبته بين القبائل.
البشعة:
وقاضي البشعة يسمى المبشِّع، وهو قاضي الجرائم التي لا شاهد لها أو عندما ينكر المتهم الجريمة, وهناك ثلاث طرق لعمل المبشع, وهي النار والرؤيا والماء. والمبشع هو من قبيلة العيايدة.
يصل المتهم إلى مكان التقاضي حيث يحمي المبشّع إناءً عادة ما يكون من النحاس حتى يصبح لونها أحمر قاتم من شدة الحم والحر، ويقوم بمسح الإناء بيده عدة مرات ويطلب من المتهم أن يغسل لسانه بالماء وأن يظهر ذلك للحضور ومنهم الشُّهَّاد, ثم يأخذها المتهم من المبشع فيلحسها ثلاث مرات، ومن ثم يقوم بغسل لسانه بالماء ويريه للحضور والمبشع حينها إذا ظهرت النار على لسان المتهم وجفّ ريقه فإنه مذنب ويلحقه الحق، أما إذا كان عكس ذلك فهو بريء من التهمة.
أما الطريقة الثانية فهي عن طريق ماء في إبريقٍ من الفخار، حيث يجلس الحضور في دائرة ومعهم المذنب ثم يبدأ المبشع بالتعزيم بكلمات غير مفهومة، وعندها يبدأ الإبريق بالتحرك من مكانه فإذا توقف عند المتهم، فإن ذلك دليل على أنه مذنب، أما إذا سار الإبريق وتوقف عند المبشّع فإن ذلك إشارة إلى براءة المتهم من الجريمة والتهمة.
ويقال في الرؤيا إن المبشّع ينظر في المتهم ثم إنه ينام في الليل، وأثناء نومه تظهر له الرؤيا، حيث يشاهد المذنب الحقيقي وفي الصباح ينطق المبشّع بحكمه على حسب ما شاهده في رؤياه.
المنشد:
والمنشد هم قضاة عرفيون كل اختصاصهم يتجلى في قضايا تتعلق بالشرف وكل ما يدور حوله مثل الاعتداء على بيوت الناس، أو مثل الاعتداء أثناء رمي الوجه ويسموه قطع الوجه.
والمنشد هو قاض يختص بالحكم في المسائل الشخصية الخطيرة كقطع الوجه، ومسّ الشرف والإهانة الشخصية، ويعرف المنشد بالمسعودي نسبة إلى قبيلة المساعيد التي تختص بنظر هذا النوع من القضايا.
قصاص الأثر:
من الشخصيات المعاونة والمساعدة بشكل كبير جداً للقاضي العرفي، يبدأ عمله في قضايا السرقة والنهب بعد الحادثة بشكل مباشر، فهو يعتمد على تتبع الخطوات من مكان الجريمة لتحديد اتجاه صاحب الأثر على الرمال، بينما ينقطع عمله على الطرق المعبدة التي لا تظهر عليها آثار الخطوات، تعتمد عملية قص الأثر على الموهبة الفطرية، وقد يكتسبها صاحبها من التجارب وعادات الآباء والأجداد.
رمي الوجه:
هو الاستنجاد برجل من الوجهاء أو الشيوخ لمنع شر أو درء خطر أو خصومة بين شخص وآخر أو قبيلة وأخرى.فإذا هب رجلان أو قبيلتان للقتال وقال أحد الحضور "رميت وجهي، أو وجه فلان، بينكما" كف الفريقان عن القتال فوراً. لأن للوجه حرمة كبيرة عند البدو. فإذا استمر الفريقان أو الشخصان في القتال بعد "رمي الوجه" قال صاحب الوجه"فلان قطع وجهي" ودعاه إلى "المنشد" (القاضي). فإذا رفض، أشهد عليه أربعة شهود، وشرع في أخذ "الوثاقة" من إبله حتى يقبل الذهاب إلى "المنشد". ولا بد للمنشد في هذه الحالة من فرض عقوبة على "قاطع الوجه".
المشَمَّس:
وهو الرجل الذي ارتكب جرماً ما، أو يفتعل مشاكل مع قبائل أخرى ولا يسمع لكلام الشيخ فتقرر القبيلة تشميسه؛ أي إخراجه من صفها حيث لا يعترفون به بعد ذلك.
حرمة البيت:
تحدد مسافة حرمة البيت بدائرة نصف قطرها أربعون خطوة تكال من طرف البيت, وقد كفل القانون العرفي الحماية للبيت ولمن فيه من بشر ومتاع, إذ لا يحق للرجل أن يلحق غريمه داخل حرمة بيت آخر ويضربه, كما لا يحق للرجل أن يضرب أحد أبنائه أو زوجته داخل بيت أحد وإلا كلفه ذلك دفع ثمن انتهاك حرمة البيت.
الحسنة :
معناها أن يحسن إنسان لآخر بأن يقدم له معروفاً؛ كأن ينقذه من موت أو يحميه أو يستر عورته أو يرد إبله المنهوبة.
والحسنه تبقى متوارثة من جيل إلى جيل ولا تحمي أبد الدهر, والبدو يُجِلّون من أسدى لهم معروفاً ولا ينسونه, فإن كان الضيف القادم له «حسنة» عند أحد المقيمين (المحلية) فهو أحق بقراه وإكرامه من الآخرين كي يرد إليه بعض جميله.
وإذا عارضه أحدهم وذهبا إلى القضاء يقول صاحب الحسنة للقاضي: «هذا ضيف بيني وبينه حسنة, الحسنة اللي تلزم الملازيم وتفكّ المرازيم», فلا شك بأنه سيربح القضية, ويستأثر حسب العرف والعادة بقرى هذا الضيف .
القصّاص:
القصاص - رجل خبير معروف بين الناس يقص (يقدر الإصابات بين الطرفين) ويبِّين الصحيح والخطأ في مسلك الطرفين ومن ثم يصدر حكمه.
وهو الذي يتولى قص الجروح في الطوشات ويبين ذلك حقاً للمجني عليه وتغريماً للجاني الذي لا يتكلم بل يدفع. وما دام القصاص مختصاً بالجروح في جسم الإنسان فهو الذي يصدر حكمه على الجاني بأن يقدر قيمة العضو المصاب الذي ليس له بديل بجزء من الدية. يذهب الجاني إلى القصاص مكلوم" أي لا يد تخط ولا لسان يرد" بمعنى أنه معترف ومقر بالجرم والذنب الذي اقترفه ولا يحق له أن يدافع عن نفسه أمام القصاص، هنا يجب التفريق بين القصاص الذي يحكم في القضية بما يناسب الحق الشخصي والحق العام ومصلحة المجتمع والحفاظ على قيمه وأخلاقه وبين قاص الأثر أو قصاص الأثر إذ لا علاقة بينهما.
منقع الدم:
وهو قاضٍ يفصل في قضايا الفشخ (الضربات) التي ينتج عنها سيل دم. "مثال ضُرب رجل على وجهه وطلب القاضي منه الرجوع إلى الوراء أمام الديوان حتى اختفى الجالسون عن ناظريه فظهرت الإصابة على وجهه عندها أخذ القاضي يَعُد الخطوات من موقد النار حتى وصل إلى الرجل وثمّن كل خطوة بخمسة دنانير.
ومنقع الدم رجل له خبرة ومكانة مرموقة بين الناس يفهم في القضاء العشائري، ينشده الناس في الدماء والأعراض ويقصّ الحق الذي يترتب على الجاني ويحل الخصام ويختص في فكّ وحل المشاكل الصعبة بين الطرفين.
كما يسمى منقع الدم المنشد الكبير لأن مهمته الفصل في النزاعات والبت في الحكم، أي هو الحكم النهائي. ومنقع الدم يكشف عن جريمة الدم الغامضة عندما ينعدم الإقرار بها، وقد أطلقت عليه أسماء أخرى منها: منقع دم، منهل دم، منهى دم، ولما كانت أبرز القضايا التي ترد إليه تتعلق بالدماء غلبت عليه تلك التسمية وهي منهى دم لأن عنده ينتهي الفصل فيها، ومنهى الدم أقل مكانة في العرف العشائري من مكانة المنشد لكنه أعلى مكانة من القضاة والمصلحين.