سيكون نازحو قطاع غزة الذين عادوا إلى مناطق سكنهم المدمرة، وأولئك الذين بقوا في مناطق النزوح، والسكان الذين تضررت منازلهم بشكل بليغ، أمام معضلة متكررة، تتمثل بوصول منخفض جوي عميق “قطبي”، يصل القطاع نهاية الأسبوع، وسط تحذيرات كبيرة من أضرار جسيمة ستؤثر على النازحين، في مقدمتها اقتلاع خيامهم وغرقها.وحسب الأرصاد الجوية، فإن منخفضاً جوياً عميقا سيؤثر على المنطقة، مع حلول يوم الأربعاء، ويصل إلى قطاع غزة يوم الخميس، وقد توقعت أن تهطل خلاله أمطار غزيرة مع برودة منخفضة ورياح شديدة السرعة.ويقول الراصد الجوي ليث العلامي، إن المنخفض الجوي القادم يعتبر المنخفض القطبي الأول هذا الموسم، لافتا إلى أنه يتسم ببرودة كبيرة ولافتة، وأنه سيكون هناك نشاطا كبيرا ولافتا على سرعة الرياح مع هبات قوية أحياناً خاصة ما بين مساء الأربعاء وحتى نهار الخميس، لتتجاوز بعض هبات الرياح حاجز 80/90 كم/الساعة.وحذر أهالي قطاع غزة المقيمين بالقرب من البحر وعلى الشاطئ (النازحين) من ارتفاع أمواج البحر، وأشار إلى أن أمطار المنخفض ستبدأ ما بين صباح ونهار الأربعاء، وحتى نهار الخميس، وتشمل جميع المحافظات من شمال فلسطين المُحتلة مروراً بالضفة الغربية وقطاع غزة.وبما يؤكد خطورة المنخفض، نشر موقع “طقس القدس” تحذيرا جاء فيه “إنذار أحمر” لسكان قطاع غزة، منخفض جوي عالي الفعالية وعاصف جدا متوقع يومي الأربعاء والخميس، ودعا المواطنين للابتعاد عن شاطئ البحر قدر الإمكان وعدم الاقتراب منه، حتى انتهاء ذروة الرياح العاصفة، كما طالب النازحين بتثبيت الخيم بالحجارة كي لا تطير، كما دعا المعنيين والمسؤولين والجمعيات الخيرية، لتجهيز خيم جيدة للنازحين ومآوي تحمي من الرياح والأمطار المقبلة.ودعا جهاز الدفاع المدني الموطنين لاسيما النازحين في الخيام ومراكز الإيواء، لأخذ التدابير الوقائية اللازمة لتجنب مخاطر المنخفض الجوي والرياح الشديدة، ومنها تجنب الإيواء في المباني التي تعرضت للقصف الشديد وغير الصالحة للسكن خشية من تأثرها بشدة مياه الأمطار وانهيارها على السكان، وكذلك تجنب إشعال النيران داخل الخيام وقرب المواد البلاستيكية والأقمشة تجنباً لحدوث الحرائق.وفهم من التحذيرات أن هذا المنخفض القطبي الأول الذي يصل هذا العام إلى فلسطين، سيكون أكثر شدة على قطاع غزة، من تلك المنخفضات السابقة التي تعرضوا لها منذ بداية فصل الشتاء الحالي، رغم أنها أدت عند وصولها إلى القطاع، وآخرها قبل أكثر من ثلاثة أسابيع، إلى اقتلاع خيام النازحين، كما أدت الأمطار إلى غرق الخيام والأغطية والملابس الشتوية، كما أثر على الأسر التي تضررت منازلها خلال الحرب، وسجل حالات كثيرة تسربت فيها أمطار الشتاء إلى داخل المنازل، فيما غمرت المياه أيضا الطرق التي تضررت فيها شبكات الصرف الصحي، بسبب الهجمات الإسرائيلية.
خطوات استباقية
وبدأ الكثير من النازحين في هذا الوقت بتثبيت خيامهم، في محاولة لمنع اقتلاعها خلال المنخفض، ووضع قطع بلاستيكية أعلاها، من أجل منع تسرب مياه الأمطار، وهي أمور تشغل بال السكان كثيرا، وتستنزف جهدهم ومالهم، منذ أن بدأت الحرب وبدأت مشكلة النزوح القسري.وكان المكتب الإعلامي في غزة، أكد في وقت سابق، أن هناك أكثر من 110 ألف خيمة مهترئة في قطاع غزة، بسبب الظروف الجوية، وأن سكانها يكابدون مشقة الحياة، وبعد التهدئة طالب بسبب استمرار أزمة النزوح، بضرورة إدخال المواد الإيوائية، وقد أكد أيضا أن الاحتلال يُماطل في تنفيذ “البروتوكول الإنساني”. وأوضح أنه وفقاً للبروتوكول، كان من المفترض أن يتم إدخال 60,000 كرفان و200,000 خيمة مؤقتة إلى قطاع غزة، لاستيعاب النازحين، وإدخال 600 شاحنة يومياً محملة بالمساعدات والوقود، غير أن ذلك لم يتحقق بشكل كامل، مما يضاعف معاناة السكان المدنيين، ويجعل له تداعيات وآثار خطيرة وغير مسبوقة.وهناك مئات الآلاف من سكان قطاع غزة، لا زالوا في النزوح، بعد أن تضررت منازلهم بشكل بليغ أو دمرت بالكامل، بمن فيهم النازحين الذين عادوا بعد دخول اتفاق التهدئة حيز التنفيذ إلى مناطق سكنهم في مدينة غزة وبلدات الشمال، وفي المناطق القريبة من الحدود الشرقية للقطاع، وفي مدينة رفح جنوبا، وهؤلاء اضطروا للانتقال للإقامة من خيام في مناطق وسط وجنوب القطاع، إلى خيام مماثلة نصبوها قرب مساكنهم في مناطق الشمال.وفي بلدة بيت حانون التي دمرت غالبية مبانيها خلال الحرب، وضع محمد الكفارنة، أحد سكان البلدة الذين فقدوا منازلهم قطع من الخرسانة التي كانت تشكل قبل الحرب جزءا من سقف منزله المدمر، على أطراف خيمته الجديدة، في محاولة منه لمنع اقتلاعها، حال اشتدت رياح المنخفض المرتقب، وقال لـ”القدس العربي”، وهو يشتكي الحياة بعد العودة إلى منطقة سكنه، حيث نزح في جنوب القطاع لأكثر من 14 شهرا “الوضع زي ما هو، لم يتغير شيئ”، وتحدث عما كان يواجه الأسر النازحة خلال المنخفضات الجوية في مناطق النزوح.وكالعادة وضعت أسر نازحة تقيم في الخيام، أكياسا الدقيق الفارغة بعد أن ملؤها بالرمال، حول خيامهم المقاومة في مناطق منخفضة، فيما يشتكي جميع سكان القطاع، من قلة الأغطية والملابس الشتوية، مع استمرار سلطات الاحتلال في منع إدخالها إلى القطاع.لكن ذلك لم يمنع مخاوف عائلة النازحة في الخيام انتصار عليان، من تسرب مياه المطر كما المرة السابقة، لافتة إلى أنها كغيرها من النازحين، لم تشعر بأي تغير حدث في الحياة اليومية، سوى توقف أصوات القنابل.وتشير لـ”القدس العربي”، إلى أن وضع الطعام لا يزال سيء، حيث لم تتلقى أسرتها كما كانت تأمل الكثير من المساعدات الغذائية، التي تساعدها على ضنك الحياة، كما لم تتسلم عائلتها خيمة إيواء جديدة، بدلا من خيمتها المتهرئة والضيقة، وتضيف هذه السيدة الأربعينية “لا أحد يعرف متى سيتغير هذا الوضع”.
أوضاع سيئة
وتضطر العوائل الغزية وبالأخص النازحة، إلى وضع أطفالها بجوار بعضهم البعض، وتغطيتهم سويا بالقليل من البطانيات التي لا تقيهم من برودة الشتاء القارس، خاصة في الخيام شديدة البرودة، وقد أدت انخفاضات الحرارة والبرد الشديد خلال موسم الشتاء الحالي، إلى وفاة سبعة أطفال رضع.ويقول حسن النجار من وسط قطاع غزة “كل طرق التدفئة لا تعمل أي نتيجة”، لافتا إلى أنه يشعر ببرودة الشتاء، ويضيف “ما بالك الأطفال”، ويضيف أن أسرته التي تقاسمت أغطيتها مع أخرى نازحة من الأقارب، لا يتوفر لها الكمية الكافية للشعور بالدفء، لافتا إلى أن الوضع أيضا نفس الشيء بالنسبة للملابس الشتوية والأحذية المفقودة من الأسواق.ويضطر الكثير من أطفال غزة بسبب منع سلطات الاحتلال إدخال الأحذية منذ بدايات الحرب، مثل الكثير من المستلزمات الأساسية الشخصية، للمشي حفاة في الطرقات، ومنهم من يطأ بقدميه الأرض الباردة وقت المنخفضات، وهو ما تسبب بزيادة كبيرة بأمراض نزلات البرد الشديدة.وإلى جانب هذه المعاناة الخطيرة، لا زال سكان القطاع يعانون من صعوبة الحصول على الدواء والعلاج، بسبب التدمير الممنهج الذي قام به جيش الاحتلال، واستهدف فيه المشافي، فعمل على تدمير الكثير منها، وإخراجها عن الخدمة بشكل كامل، وهو ما يقوض قدرة المنظومة الصحية على معالجة المرضى الذين يصابون في هذه الأوقات بنزلات البرد والأمراض الموسمية، ولذلك طالبت وزارة الصحة بضرورة الإسراع في دعم مشافي غزة على وجه السرعة بالاحتياجات اللازمة، لكي تتمكن من تقديم الخدمات اللازمة للسكان الذين لا زالوا يعانون من ويلات الدمار الكبير.
*المصدر : القدس االعربي
غزة..فلسطين : إنذار أحمر لسكان غزة.. أعنف منخفض قطبي يضرب المنطقة ويهدد باقتلاع وإغراق خيام النزوح!!
05.02.2025