
لا يكاد يمرُّ يومٌ منذ بدء شهر رمضان، إلا ويُسجَّل سقوط قتلى وجرحى وسط سكان مخيمات النازحين بدارفور، غرب السودان، جراء القصف المدفعي المتكرر، بينما تفرض «قوات الدعم السريع» حصاراً على المخيمات التي تؤوي عشرات الآلاف الفارين من القتال في الإقليم.وقال محمد خاطر المقيم في «مخيم زمزم» على بعد 15 كيلومتراً جنوب مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، لـ«الشرق الأوسط»: «يومياً نفقد عدداً من الأرواح، وتقع إصابات؛ بسبب سقوط قذائف مدفعية بشكل عشوائي على منازل المواطنين بالمخيم».وأضاف: «كنا ننتظر حتى يهدأ القصف المدفعي لنقوم بدفن الموتى في المقابر. قد يستغرق ذلك ساعات قبل أن نتأكد أن الأوضاع تسمح لنا، لكن كثيراً من القتلى تم دفنهم بالقرب من منازلهم».في وقت لا يهدأ فيه القصف المدفعي ولا الغارات الجوية، «تتفاقم الأزمة الإنسانية، وانعدام الغذاء، وتفشي الأمراض في المخيم، ويزداد عدد الموتى»، بحسب خاطر.بدوره، قال مسؤول الصحة بـ«مخيم زمزم»، آدم محمود، لـ«الشرق الأوسط» إن عدداً كبيراً من الأشخاص قُتلوا بفعل القصف المدفعي خلال الأيام القليلة الماضية.وأضاف: «إن القصف المدفعي المتكرر على المخيم يُقيِّد من تحركاتنا كثيراً، ويجعل من الصعوبة القيام بمهمة حصر الضحايا في وقت حدوث القصف. فقدنا كثيراً من الأرواح تحت أنقاض المنازل التي تهدَّمت فوق رؤوس ساكنيها؛ بسبب القذائف المتفجرة».وأشار محمود، إلى أنه رغم دخول شهر رمضان، فإن النازحين يعيشون «وضعاً كارثياً، وظروفاً إنسانيةً بالغة التعقيد. فقدنا كثيراً من النساء والأطفال بسبب الجوع».وهناك أكثر من 500 ألف نازح في «مخيم زمزم» يعانون بشدة من انعدام الغذاء ومياه الشرب؛ بسبب استمرار القتال بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع». وقال محمود: «لجأ الناس إلى تناول مخلفات الفول السوداني بعد استخلاص الزيت منها، وهي في الأصل غذاء للبهائم، لكنها الآن غير متوفرة». وتوقع أن تزداد حالات الجوع في الفترة المقبلة، إذا لم يحدث تحول إيجابي في المشهد.وأوضح المسؤول الصحي، أنه «على الرغم من حلول شهر رمضان، فإن حجم المساعدات الإنسانية قليل جداً، ولا يكفي العدد الكبير للنازحين».وأشار إلى أن «(قوات الدعم السريع) تطوِّق المخيم من محاور عدة»، داعياً إياها إلى السماح بدخول المساعدات الإنسانية لعشرات الآلاف من النازحين الذي يتضورون جوعاً.وقال محمود: «إن الوضع الصحي منهار تماماً، حيث تنعدم الأدوية والمحاليل الوريدية، وتكثر الإصابات بالإسهال والملاريا والالتهاب الرئوي التي تودي بحياة المرضى»، عازياً هذا التراجع، إلى تعليق منظمة «أطباء بلا حدود» نشاطها في المخيم جراء العمليات العسكرية الأخيرة، وتوقف معظم المراكز الصحية عن تقديم الخدمات العلاجية للجرحى والمرضى.ونزح سكان 52 قرية إلى «مخيم زمزم» إثر الهجمات الأخيرة التي شنَّتها «قوات الدعم السريع» على مناطق في شمال دارفور. وأفادت مصادر محلية بأن غالبية النازحين يصومون رمضان في ظروف حرجة، ويقيم عدد كبير منهم في منازل متهالكة، بعضها تعرَّض لهدم ودمار جزئي؛ بسبب القصف، كما يفتقد سكان المخيم المياه الصالحة للشرب.وقالت إحدى نساء المعسكر: «نحن صائمون، وأحياناً لا نجد ما نتناوله. نريد من المنظمات الإنسانية والخيرين أن يوفروا لنا غذاء ومياه شرب».!!
