
*كتب نايف زيداني...تشير معطيات إسرائيلية إلى تمدد الاستيطان الرعوي في الضفة الغربية المحتلة بسرعة كبيرة، حيث بلغ عدد المزارع الاستيطانية 133 "بعد أن كان صفراً في عام 2021". ويدور الحديث عن بؤر استيطانية يقطنها مستوطنون متطرفون من التنظيم الإرهابي المعروف باسم "شبيبة التلال"، ويربون فيها أغناماً وأبقاراً ويعملون من خلالها على الاستيلاء على مساحات واسعة جداً من الأراضي الزراعية والجبلية في الضفة، لتعزيز الاستيطان ومنع إقامة دولة فلسطينية مستقبلية، بدعم من المستويين السياسي والعسكري.وباتت المزارع، إلى جانب توسيع المستوطنات القائمة وإنشاء جديدة، من بين أبرز المشاريع الاستيطانية لحكومة الاحتلال الحالية، وجزءاً من المساعي الإسرائيلية لإحباط أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية مستقبلية، فضلاً عن التضييق على الفلسطينيين في المناطق المصنفة (ج) البالغة مساحتها 60% من أراضي الضفة. ويتّفق المؤيدون والمعارضون الاسرائيليون لهذا المشروع الضخم، كما تصفه صحيفة يسرائيل هيوم العبرية، اليوم الجمعة، على أنه يشكّل خطوة حاسمة، حيث تستعيد إسرائيل السيطرة على "الأراضي التي تنازلت عنها قبل عامين أو ثلاثة".وقالت الصحيفة إنّ المبادرين لتعزيز الاستيطان الرعوي يحافظون على درجة عالية من السرّية فيما يتعلّق بالمزارع، ومواقعها، ونشاطاتها، ولذلك لا تتوفر معلومات رسمية حول عددها أو تأثيرها على الأرض. ولكن استناداً إلى المعلومات التي جمعتها منظمات مختلفة، كشفت "مجموعة تمرور البحثية"، وهي جهة إسرائيلية، نطاق هذه المزارع. ووفق ما نقلته "يسرائيل هيوم" عن المجموعة، يوجد في الوقت الراهن 133 مزرعة استيطانية منتشرة في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة. وبالنظر إلى أنه في عام 2021 لم تكن هناك ولا حتى مزرعة، وفقاً للمعطيات الإسرائيلية، "فإن هذا الرقم يشكّل زيادة هائلة".وخلال السنوات الأخيرة، وكما يظهر بوضوح في البيانات الجديدة، بُذلت جهود كبيرة في المنطقة لإنشاء المزيد من المزارع الاستيطانية. في عام 2022 كانت هناك 64 بؤرة استيطانية رعوية، وفي عام 2023 ارتفع العدد إلى 82. في عام 2024، وخلال فترة الحرب، قفز الرقم إلى 118، وحالياً يوجد 133 مزرعة استيطانية على الأقل، في جميع أنحاء المنطقة.ولا تقتصر المخاطر بالنسبة للفلسطينيين فقط على وجود هذه البؤر، بل أيضاً في الأراضي الرعوية التي تحتلها. ويتفق المؤيدون والمعارضون لهذه المشاريع، على بعض الحقائق؛ منها أنّ المزارع تحتل مساحة واسعة بسبب القطعان الموجودة فيها، مما يقلل من حرية حركة الفلسطينيين في المناطق ج. وفي حين تنتقد جهات فاعلة ضد الاستيطان هذه المشاريع بشدة، وترى أن هذه المزارع تؤدي إلى طرد الفلسطينيين من أراضيهم، ترى جهات يمينية أنها خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية بشكل كبير.وتشير معطيات "تمرور"، إلى أنه في عام 2012، كان هناك 29 كيلومتراً مربعاً من الأراضي تحت سيطرة الاستيطان الرعوي في الضفة الغربية المحتلة، معظمها في مناطق نابلس ورام الله وشمال غور الأردن، وهي المساحة التي تمددت بحلول عام 2018 إلى 116 كيلومتراً مربعاً، لكن معظمها كانت في المناطق ذاتها، بالإضافة إلى مواقع في جنوب جبل الخليل.واتسعت رقعة المزارع الاستيطانية والأراضي التي التهمتها على نحو لافت في عامي 2019 و2020، حيث بدأ هذا الرقم بالنمو بشكل كبير، وبلغ 312 كيلومتراً مربعاً من أراضي "الرعي"، وفقاً للمعطيات الإسرائيلية، معظمها في منطقتي نابلس ورام الله، بالإضافة إلى تعزيز الوجود الاستيطاني في جبل الخليل. ولفهم حجم التغيير، شهد عام 2020 وحده، إضافة 111 كيلومتراً مربعاً من أراضي "الرعي" إلى المساحات القائمة، مقارنة بـ13 كيلومتراً مربعاً في السنوات الثلاث التي سبقته.وتحت غطاء رسمي وعسكري إسرائيلي، شنّ المستوطنون الذين يقطنون البؤر الاستيطانية الرعوية هجمات مكثفة ودامية على الفلسطينيين في عام 2023، ما تسبب بتهجير نحو 25 قرية بدوية شرقي الضفة الغربية، كانت تقطنها منذ عقود طويلة عشائر بدوية تصنفها الأمم المتحدة من ضمن الشعوب الأصلية للمنطقة. وتشير بيانات المجموعة البحثية الإسرائيلية، إلى أنه في عام 2023، احتلت المزارع الاستيطانية أراضي بمساحة 254 كيلومتراً مربعاً، وفي عام 2024 أضيفت 116 كيلومتراً مربعاً أخرى. بينما في هذا العام، يبدو أن هناك انخفاضاً حتى الآن، وفق الادعاء الإسرائيلي، في احتلال أراضٍ لإقامة مستوطنات في المناطق (ج)، حيث تم احتلال حوالي 7 كيلومترات مربعة، وسط ترجيحات بأن السبب المحتمل لذلك هو أن المساحات المفتوحة بدأت في النفاد، ولم يتبق سوى القليل من الأراضي التي يمكن احتلالها في المناطق ج، بين القرى والمدن الفلسطينية والمستوطنات الإسرائيلية.في غضون ذلك، أعلن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن يسرائيل كاتس، أمس الخميس، أن المجلس الوزاري المصغّر للشؤون السياسية والأمنية "الكابينت" صادق على إقامة 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة تشمل تسوية بؤر استيطانية، على طول الحدود مع الأردن.وتشمل الخطة التي يقودها سموتريتش وكاتس، ومن بين أهدافها تعزيز الاستيطان والسيطرة الاستراتيجية في جميع أنحاء الضفة، إعادة إنشاء مستوطنتي "حومش" و"سانور"، اللتين انسحبت منهما دولة الاحتلال الإسرائيلي في إطار خطة فك الارتباط عام 2005، والتي شملت في حينه الانسحاب من قطاع غزة وإخلاء المستوطنات فيه، بالإضافة إلى إخلاء مستوطنات في الضفة الغربية.ووصف سموتريتش القرار بأنه "يوم عظيم للاستيطان ويوم مهم لدولة إسرائيل"، مؤكداً أنّ الاستيطان هو "السور الواقي لدولة إسرائيل"، فيما قال كاتس إنّ "القرار التاريخي يعزز قبضتنا ويشكل رداً ساحقاً على الإرهاب الفلسطيني"، على حدّ تعبيره، مع العلم أنّ البؤر الاستيطانية الرعوية تشكل اليوم مراكز حشد المستوطنين المتطرفين في الضفة، ونقاط انطلاق للهجمات الإرهابية شبيه اليومية والآخذة في التصاعد على الفلسطينيين ومنازلهم وممتلكاتهم.
*المصدر : العربي الجديد
