
فاضت بلدة المزرعة الشرقية شمال مدينة رام الله بالمواطنين الغاضبين الذين حملوا جثماني الشهيدين اللذين سقطا مساء الجمعة بفعل هجمات المستوطنين المتطرفين، في أعنف مواجهة تقع في المنطقة التي تتعرض منذ نحو شهرين لعمليات واسعة لإقامة بؤرتين استيطانيتين مدعومتين بجيش الاحتلال.واحتشد آلاف المواطنين من البلدة وقرى مجاورة للمشاركة في تشييع الجثمانين، وذلك بعد يومين من الحادثة المؤلمة التي هزت البلدة والضفة الغربية، وتأخرت عملية التشييع إلى حين وصول أفراد من عائلة الشهيد الثاني الذي كان يحمل الجنسية الأمريكية.
وبعد يومين من الجريمة، شيّعت الجماهير الغاضبة جثماني الشهيدين محمد الشلبي وسيف الدين كامل مصلط.انطلق موكب التشييع من أمام طوارئ بلدة سلواد المجاورة، في موكب مهيب، وصولًا إلى منزلي عائلتي الشهيدين في المزرعة الشرقية.وألقيت على الشهيدين نظرة الوداع، ثم جاب المشيعون شوارع البلدة حاملين جثمانيهما الملفوفين بالعلم الفلسطيني، مردّدين الهتافات المنددة بجرائم الاحتلال والمستوطنين بحق الشعب الفلسطيني.وتوجه المشيعون إلى مدرسة محمد بن راشد، حيث أُديت صلاة الجنازة عليهما وسط أجواء من الحزن والحداد، قبل مواراتهما الثرى في مقبرة البلدة.وكان مستوطنون قد تمكنوا من الاستفراد بالشابين من البلدة خلال مواجهات واشتباكات مع شبان احتشدوا في أراضيهم في منطقة جبل الباطن القريبة من بلدة المزرعة.نًقل الشهيد الأول، فيما بعد، بينما لم يُعثر الشبان على زميل لهم كان مشاركًا في الهجمات العنيفة.وبعد ساعات من أوسع عملية بحث شعبية مساء الجمعة، عثر الشبان على جثمان الشهيد محمد عوض.استغرقت عملية البحث ست ساعات، استخدم خلالها المواطنون كشافات وأنوار السيارات.لقد سيطر الشبان على الحقول والجبال وفتشوها مترًا مترًا إلى أن وجدوا الشاب وقد نزف حتى الموت.في يوم الجمعة الماضي، بينما كان العشرات من أهالي بلدتي سنجل والمزرعة الشرقية ينظمون فعالية سلمية لحماية أراضيهم من الاستيطان، تحوّل المكان إلى ساحة جريمة جماعية، أسفرت، إلى جانب استشهاد الشابين، عن إصابة نحو 50 آخرين، في هجوم منسّق نفذه المستوطنون تحت أنظار وحماية جنود الاحتلال.وحسب شهادات من شاركوا في التظاهرة السلمية، فإن المستوطنين استفردوا بعدد من الشبان في مناطق مختلفة من جبل الباطن، حيث حاصروا الشاب سيف الدين مصلط (21 عامًا)، وهو مواطن أمريكي من بلدة المزرعة الشرقية لا يحمل هوية فلسطينية، وقاموا بالتنكيل به وضربه في مختلف أنحاء جسده.أما الشهيد الثاني، محمد الشلبي (23 عامًا)، فقد ظهرت عليه علامات إطلاق نار من مسافة قريبة، بالإضافة إلى اعتداءات بالضرب المبرّح.فقدت آثار كلا الشابين في الجبال، حيث عُثر على الشهيد الأول بعد ثلاث ساعات من البحث، أما الشهيد الثاني فعُثر عليه حوالي الساعة 11 ليلًا.وحسب المسعف سليمان عصفور، فقد عُثر على الشهيد الثاني في الجبال، حيث يقول: «سرنا به بين الصخور والشوك على النقالة لمسافة تقارب كيلومترين. وفي كل مرة كان قلبه يتوقف، نضعه على الأرض ونحاول إنعاشه مرارًا، حتى وصلنا إلى مركبة الإسعاف، وهناك فارق الحياة ولفظ أنفاسه الأخيرة».وخرج مئات المتطوعين من بلدتي المزرعة الشرقية وسنجل للبحث عنه، لكنهم عثروا عليه بعد أن فارق الحياة.وتتعرض سنجل والمزرعة وترمسعيا منذ نحو شهرين لاعتداءات متكررة في نفس المنطقة، تتزامن مع حماية جيش الاحتلال للمستوطنين.ميدانيًا، أقام مستوطنون بؤرة استيطانية جديدة على أراضي المواطنين في منطقة المنيا، جنوب شرق بيت لحم.وقال رئيس مجلس قروي المنيا زايد كوازبة، إن مجموعة من المستوطنين نصبت عددًا من الخيم في المنطقة الجنوبية من القرية.وأضاف أن إقامة هذه البؤرة جاء بعد أقل من 24 ساعة على الهجوم الهمجي الذي شنّه مستوطنون في منطقة واد سعير القريبة، والذي أسفر عن إحراق مركبة المواطن إيهاب شلالدة، وتدمير خلايا طاقة شمسية يستخدمها الأهالي في الإنارة وسقي المواشي.وأضاف كوازبة: «ما يحدث تصعيد خطير في مسلسل التهجير القسري، فمنذ أسابيع تتعرض منطقتنا لهجمات متكررة من قبل المستوطنين في حماية الجيش، بهدف دفع الأهالي إلى ترك أراضيهم، وها هم اليوم يشرعون بإنشاء بؤرة استيطانية تؤكد النوايا المبيتة للاستيلاء على الأرض».وفي السياق ذاته، أغلقت قوات الاحتلال المنفذ الوحيد لبلدة تقوع جنوب شرق بيت لحم باتجاه مركز المدينة، في تصعيد جديد لإجراءاتها العسكرية بحق المواطنين.وأفاد مدير بلدية تقوع تيسير أبو مفرح، أن قوات الاحتلال أغلقت شارع خربة الدير الرئيسي، وهو الطريق الوحيد الذي يربط البلدة بمدينة بيت لحم، ما أدى إلى عزلها بشكل كامل وتعطيل حركة المواطنين.وأوضح أن هذا الإغلاق يأتي في سياق القيود المفروضة على البلدة منذ بداية العدوان على قطاع غزة، حيث أقدمت قوات الاحتلال على إغلاق المدخل الرئيسي ببوابة حديدية، كما نصبت 7 بوابات حديدية بين أحياء البلدة، ما أدى إلى تقطيع أوصالها وإعاقة تنقل السكان.وفي جنين، واصلت جرافات الاحتلال الإسرائيلي، لليوم الثاني على التوالي، تجريف أراضٍ زراعية من قرية رابا شرق جنين.وقال رئيس مجلس رابا غسان البزور، إن الاحتلال واصل تجريف أراضٍ في القرية تمهيدًا لإقامة شارع عسكري بالقرب من جبل المسالمة.وأضاف أن مسار الشارع لا يقع في الأراضي التي تم الإخطار بالاستيلاء عليها سابقًا، لذا فإن مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية، والتي تقع في المنطقة الشرقية من جدار الفصل العنصري، سيُمنع وصول الأهالي إليها وتُقدّر تقريبًا بـ 2200 دونم.وكان الاحتلال قد أخطر بالاستيلاء على أراضٍ تابعة للقرية في الجهة الجنوبية والجنوبية الشرقية، بحجة إقامة شارع عسكري ومعسكر لجيش الاحتلال في المنطقة المسماة جبل المسالمة.وتبلغ مساحة أراضي القرية حوالي 27 ألف دونم، ويسكنها قرابة 5 آلاف نسمة، وقد أقام الاحتلال الإسرائيلي جدار الضم والتوسع العنصري على أراضيها عام 2003.كما واعتقلت قوات الاحتلال الصحافي معاذ غنام من بلدة عقابا شمال طوباس أثناء تغطيته أعمال التجريف التي ينفذها الاحتلال في منطقة جبل المسالمة في قرية رابا شرق جنين.وفي رام الله، أحرق مستوطنون بركسًا في بلدة دير دبوان شرق رام الله في منطقتي «المرج» و»واد القطن» شرق البلدة، حيث ألقوا مواد مشتعلة تجاه بركس فارغ يعود للمواطنين صبري صنديح ويوسف عواودة، ما أدى إلى احتراقه!!
