
تجددت الاشتباكات، أمس، بين مقاتلين من البدو ومجموعات محلية مسلحة في محيط مدينة السويداء التي انسحبت منها القوات الحكومية.وطلبت الأمم المتحدة فتح تحقيقات «مستقلة وسريعة وشفافة» في أعمال العنف التي يعتقد أنها أسفرت عن مقتل نحو 600 شخص، داعيةً إلى وقف «سفك الدماء».وسحبت السلطات السورية قواتها من محافظة السويداء، أمس الأول، مع إعلان الرئيس أحمد الشرع أنه يريد تجنّب «حرب واسعة» مع إسرائيل التي هدّدت بتصعيد غاراتها، بعدما أكدت أنها لن تسمح باستهداف الأقليات في السويداء، أو بانتشار قوات عسكرية تابعة للسلطات في جنوب سوريا.وفي السويداء نفسها، يعاني المستشفى الحكومي الوحيد في المدينة ظروفاً بالغة الصعوبة. وتقول عاملة في الفريق الطبي بالمستشفى: «الوضع سيئ جداً.. لا ماء ولا كهرباء.. والأدوية بدأت تنقص كثيراً».واستقبل المستشفى نفسُه أكثر من 400 جثة منذ الاثنين، وفقاً لنقيب أطباء السويداء.ودخل وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، لكن الرئاسة السورية اتهمت ليل الخميس المقاتلين المحليين بخرقه.وتجدّدت الاشتباكات، أمس، في محيط مدينة السويداء بين المقاتلين من العشائر ومسلحين محليين، كما أكد مقاتلون من الجانبين ومصادر مستقلة.وسمع مراسلو وسائل الإعلام داخل مدينة السويداء وفي محيطها، أصوات إطلاق رصاص.ولا تزال مدينة السويداء تعاني من انقطاعات الماء والكهرباء، وسط ضعف في شبكة الاتصالات، بحسب ما أفادت مصادر إعلامية من داخل المدينة، وتضيف: «الوضع الإنساني كارثي، لا يوجد حتى حليب للأطفال».وأعلنت إسرائيل، أمس، أنها بصدد إرسال مساعدات إنسانية إلى السويداء تبلغ قيمتها نحو 600 ألف دولار، وتشمل حصصاً غذائية وإمدادات طبية، بحسب بيان لوزارة الخارجية الإسرائيليةوفي جنيف، قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك: «يجب أن يتوقف سفك الدماء والعنف، وحماية كل الأشخاص يجب أن تكون الأولوية المطلقة».وأضاف: «يجب إجراء تحقيقات مستقلة، سريعة وشفافة، في كل أعمال العنف، وأن تتم محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات».وأرغمت أعمال العنف نحو 80 ألف شخص على النزوح من منازلهم في السويداء، وفق ما أعلنت، أمس، المنظمة الدولية للهجرة.ونفت إسرائيل، أمس، أنباء عن تنفيذها مزيداً من الضربات الجوية قرب السويداء ليل الخميس.وقال متحدث عسكري إسرائيلي: «ليس لدى الجيش الإسرائيلي علم بضربات جوية خلال الليل في سوريا».وكانت إسرائيل قد هدّدت، الأربعاء، بمزيد من التصعيد ضدّ القوات الحكومية ما لم تنسحب من محافظة السويداء، بعدما قصفت مواقع عدة أبرزها مجمّع هيئة الأركان العامة ومحيط القصر الرئاسي في دمشق.كما أعلنت الولايات المتحدة، أنها لم تساند الغارات الإسرائيلية على سوريا.واندلعت الاشتباكات، يوم الأحد الماضي، في محافظة السويداء على خلفية عملية خطف طالت تاجر خضار وأعقبتها عمليات خطف متبادلة.ومع احتدام المواجهات، أعلنت القوات الحكومية، تدخّلها في المحافظة لفضّ الاشتباكات، لكن بحسب فصائل محلية فقد تدخلت هذه القوات إلى جانب البدو.واتهمت الفصائل القوات الحكومية بارتكاب انتهاكات في مدينة السويداء بعيد انتشارها فيها، وقالت إن مقاتلين من العشائر توافدوا دعماً للبدو وتجمّعوا صباح أمس في قرى محيطة بالمدينة.وفي سياق متصل، أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، خلال مكالمة هاتفية مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، عن «قلقه الكبير» حيال أعمال العنف في سوريا، داعياً إلى «إرساء الاستقرار».وقال الكرملين في بيان، إن الرئيسين «إذ عبرا عن قلقهما الكبير حيال التصعيد الأخير للعنف في هذا البلد، شددا على أهمية إرساء سريع للاستقرار عبر الحوار وتعزيز التماسك الوطني». من جهته، أبلغ الرئيس التركي نظيره الروسي بأن المواجهات المسلحة في جنوب سوريا تشكل تهديداً إقليمياً، بحسب ما أفاد مكتبه.وقال أردوغان، إن الاشتباكات التي وقعت بعد خروج القوات الحكومية السورية من مدينة السويداء «تشكل تهديداً للمنطقة برمتها»، مشدداً على أهمية ألا تنتهك إسرائيل سيادة سوريا.
