أحدث الأخبار
الخميس 12 كانون أول/ديسمبر 2024
1 2 3 41136
الإسكان الفاخر يغير ملامح العاصمة الأفغانية!!
05.12.2024

كابول - في مدينة عانت كثيرا وتكافح للعودة، يسعى رجل يدعى أميدالله لتحقيق ثروة. يعمل أميدالله وكيل العقارات في كابول على بيع فيلا تجمع بين اللونين الأبيض والذهبي مكونة من تسع غرف نوم وتسعة حمامات في كابول. على قمة السطح تبرز كتابة عربية متلألئة تغري المشترين والوسطاء بعبارة “ما شاء الله”.
تعرض الفيلا بسعر 450 ألف دولار، وهو رقم مذهل في بلد يعتمد أكثر من نصف سكانه على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة.
يقول أميدالله، “إن القول بأن الأفغان لا يملكون المال أمر محض خيال، فلدينا رجال أعمال كبار يمتلكون مشاريع ضخمة في الخارج. هناك منازل هنا تقدر قيمتها بملايين الدولارات.”
ويعود أشخاص قضوا سنوات في العيش والعمل بالخارج إلى ديارهم، متحمسين للاستفادة من الأمن والاستقرار الكبيرين اللذين حققتهما البلاد بعد عقود من الحرب والدمار وتدهور البنية التحتية. من بينهم الأفغان الذين يفرون من حملات الترحيل في إيران وباكستان، حاملين معهم أموالهم.
والقروض العقارية نادرة في أفغانستان لأن البنوك ليست لديها الودائع اللازمة لتسهيل الإقراض، لذلك يشتري الأفغان العقارات نقدا أو يستخدمون خيار “الجيروي”، وهو ترتيب يقوم فيه شخص بتقديم مبلغ ثابت لمالك عقار مقابل العيش في عقاره والبقاء هناك حتى يعيد المالك المبلغ.
ووفقا لوكيل عقارات آخر، هو غلام محمد حقدوست، كان الأشخاص يخشون الاستثمار في كابول قبل استيلاء طالبان على السلطة. لكن حكام البلاد الجدد خلقوا ظروفا أفضل لسوق العقارات بعدة طرق.
وأصبحت كابول أقل عنفا منذ أن انتقلت طالبان من التمرد إلى السلطة وانسحبت القوات الأجنبية، رغم أن المركبات المصفحة ونقاط التفتيش والمجمعات العسكرية لا تزال من المشاهد المألوفة.
ويبدي حقدوست سعادته بسهولة وسرعة إنجاز الأمور تحت الإدارة الجديدة. وقال: “ارتفعت أسعار المنازل بنسبة تقارب 40 بالمئة.” وأضاف: “خلال السنوات الثلاث الماضية، بعنا ما يقارب 400 عقار. لم يكن الوضع كذلك من قبل.”
وباتت الأعمال مزدهرة بالنسبة لحقدوست، حيث يوظف 200 شخص في قسم الإدارة، بما في ذلك نساء يتعاملن حصريا مع العميلات، بالإضافة إلى حوالي ألف شخص في قسم البناء التابع لشركته.وقال إن معظم العملاء يصطحبون زوجاتهم عند معاينة العقارات، لأن القرار في شراء العقارات يعود غالبا للنساء، حتى في بلد يتهم بقمع النساء وسلبهن السلطة. وأضاف: “السلطة الحقيقية في المنزل بيد النساء، وهن من يقررن شراء المنزل أم لا.”أوضح أميد الله وحقدوست أن العملاء يفضلون أن تحتوي المنازل على حديقة وصالة رياضية وساونا ومسبح وأماكن للضيوف ومطبخ واحد على الأقل. فالضيافة جزء أساسي من الثقافة الأفغانية، وهذا التقليد ينعكس في تصميم المنازل.
وأشار حقدوست إلى أن غالبية زبائنه يعيشون في الخارج، وأن أذواقهم العالمية تؤثر على تصميم المنازل من الداخل. فهم يرغبون في إضافات جديدة مثل طاولات الطعام والأسرة، في حين أن المعتاد في أفغانستان هو النوم وتناول الطعام على الأرض. كما أن أفراد الشتات الأفغاني يفضلون الشقق المصممة خصيصا لتوفير وسائل راحة مثل التدفئة المركزية والنوافذ المزدوجة.
ولتعزيز جاذبية المدينة وتحسين ظروف العيش فيها، تعمل السلطات البلدية على بناء وصيانة الطرق وتركيب أعمدة الإنارة وزراعة الأشجار وإزالة النفايات. كما أنها تطور خططا لتعزيز الإسكان الميسور وتشجيع تملك المنازل.ولا تزال بعض الأحياء مزدحمة وصاخبة نتيجة لذلك، على الرغم من جهود البلدية لتحسين البيئة الجمالية للمدينة. ويتوجه أولئك الذين يستطيعون تحمل التكاليف إلى خارج المدينة. وهناك، على أطراف خزان قرغة، تقع بعض من أكثر المنازل فخامة وغلاء في كابول.
أحد هذه المنازل يشبه مسجدا مزخرفا، بينما يظهر آخر بتصميم جريء يشبه مخبأ أحد أشرار أفلام جيمس بوند، مع تصميمه الحاد وبروزه من التلال. يقول السكان المحليون إنه يعود لرجل أعمال تركي ثري يزور المكان بين الحين والآخر ولا يفصحون عن اسمه.وتطل هذه المجموعة من الحدائق المصممة بعناية والتراسات المزخرفة على البحيرة، وهي واحدة من أجمل المعالم الطبيعية في العاصمة. ومنذ تولي طالبان السلطة، أصبحت المنطقة في الغالب مخصصة للرجال فقط. وتتوقف النساء هناك لفترات قصيرة مع عائلاتهن، لكنهن عادة لا يبقين طويلا بسبب رجال وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في نقاط التفتيش المحيطة بالبحيرة.
يحاول أراش أسد بيع عقار عمه، الذي يمتد على مساحة حوالي أربعة آلاف متر مربع (43 ألف قدم مربع) من الأرض. يتمتع العقار بإطلالات مفتوحة على الخزان وجبال باغمان عند سفح سلسلة جبال هندوكوش الهيمالايا. والسعر المطلوب 800 ألف دولار.
وهناك مبان جانبية على أحد الأطراف ومنطقة سكنية في وسط الأرض يُتوِّجُها سقفٌ أزرق ساطعٌ. ومعظم العقار مغطى بصفوف من الزهور وأشجار الكرز، إلى جانب عدد من طيور الكركي التي تعد جزءا من الممتلكات.
وقال أسد، “الحدائق مهمة جدا للأفغان الذين ينحدر الكثير منهم من القرى. وعندما ينتقلون إلى المدن، يريدون الاحتفاظ بذكرى ماضيهم لأنها تبقى معهم.” وداخل منطقة المعيشة ذات الجدران الزجاجية، يجلس عمه متأملا منظر الماء.
وتفضل عائلة أسد تحويل العقار إلى مشروع تجاري بدلا من بيعه. ولكن وكيل العقارات يتلقى العديد من المكالمات والرسائل خلال الرحلة التي تستغرق 30 دقيقة من وسط كابول. وقد أثارت صور العقار على وسائل التواصل الاجتماعي اهتماما كبيرا.وقال أسد، “يعتقد الأشخاص أن هذا البلد بلا وظائف ولا اقتصاد.” وخارج السيارة، تغرب الشمس فوق الخزان بينما تتوجه سيارات مليئة بالرجال إلى البحيرة. وأضاف: “لكن الأفغان قد جمعوا أموالهم، سواء بطريقة شرعية أو غير شرعية، على مر السنين. لن تصدق ذلك.”

1