لم تمنع الأجواء الحارة، ولا حالة العطش الشديد ولا الصيام، المتظاهرين السلميين المشاركين في فعاليات «مسيرة العودة الكبرى»، من الوصول إلى كافة مناطق الحدود المخصصة للمواجهات، والاشتباك هناك مع جنود الاحتلال، استجابة لدعوة «جمعة الوفاء للشهداء والجرحى»، ما أدى إلى إصابة العديد من المتظاهرين. واستمرت المواجهات حتى أذان المغرب، وهناك تناول المشاركون طعام الإفطار، ومن ثم أدوا صلاة التراويح.وكعادة الجمع الماضية نزل الشبان الغاضبون إلى مناطق المواجهات القريبة من «مخيمات العودة الخمسة»، رغم حالة الصيام والعطش الشديد، ورشقوا جنود الاحتلال بالحجارة، مستخدمين «المقاليع»، فيما رد جنود الاحتلال بإطلاق االرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع.وتمكن عدد من النشطاء من إطلاق العديد من الطائرات الورقية المحترقة، ما أدى إلى إشعال حرائق في الجانب الآخر من الحدود، كما أشعل المشاركون النار في إطارات السيارات.وجاءت فعالية الأمس أيضا تأكيدا على استمرار فعاليات «مسيرة العودة» السلمية الشعبية، خاصة بعد أن شهدت أحداث يوم الإثنين الماضي، مجزرة حقيقية بسقوط 62 شهيدا، وأكثر من 2800 مصاب، بسبب استخدام الاحتلال لـ»القوة المفرطة والمميتة» ضد المتظاهرين السلميين وأكد إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في هذا السياق أن «مسيرات العودة» ستستمر وأنها «لن تنتهي إلا برفع الحصار كليًا عن قطاع غزة»، نافيا أن تكون مصر قد نقلت إلى حركته قبل أيام «رسائل تهديد إسرائيلية». وأوضح أن حركته لن تدخل في أي صفقات بشأن المسيرة، ولن تأخذ قراراها إلا من خلال الإجماع الوطني. وقال في خطبة صلاة الجمعة في أحد مساجد غزة «ما عدنا نركن إلى الوفود والحلول الجزئية». وتابع «إما أن يرفع الحصار كليا، وإما فالمسيرة مستمرة، بل سوف تأخذ أشكالًا وإبداعات»، لافتا إلى ان ما جرى ترويجه من قبل وسائل إعلان إسرائيلية خلال الأيام الماضية حول «نقل التهديدات»، يهدف الى «إحداث بلبة في صفوف شعبنا والمتضامين معه في مسعى للتأثير على مسيرة العودة، وحرف الأنظار عن المجزرة الإسرائيلية في غزة».وكان وفد برئاسة هنية قد زار مصر قبل يوم واحد من فعالية الإثنين الماضي، التي شهدت سقوط الشهداء والجرحى.وشدد هنية في ذات الوقت أن رسائل التهديد «لا تخيفنا، ولا نستقبلها»، لافتا إلى أن وفد حركته أجرى لقاءات بـ «أجواء دافئة، ومشاورات معمقة» بشأن الوضع العام، والحصار على قطاع غزة، ومسيرات العودة، والوحدة الوطنية.وعاد هنية ونفى اتخاذ حركة حماس أي قرار بوقف «مسيرات العودة»، مؤكدا ان ما روج عبارة عن «إشاعات لا أساس لها من الصحة»، وقال «مسيرة العودة مستمرة حتى تحقق أهدافها»، مؤكدا في الوقت ذاته وجود «تحركات جادة» لرفع الحصار عن غزة وفتح معبر رفح «بفضل صمود شعبنا وتضحياته».وأشار إلى أن مصر طالبت بعدم تدحرج «مسيرات العودة» لتصل إلى حد «مواجهة مسلحة»، مضيفًا «وهذا كان موقفنا وموقف الفصائل». وطالب في الوقت ذاته بـ «توسيع رقعة مسيرات العودة» لتشمل الضفة الغربية، واصفا جيش الاحتلال بأنه «عصابة قتلة».وكانت إسرائيل قد استبقت وصول المشاركين في فعالية «جمعة الوفاء للشهداء»، برفع «حالة التأهب إلى الدرجة القصوى»، في صفوف قواتها، خصوصا على حدود غزة. وأبقت على أوامر إطلاق النار صوب المتظاهرين، وانتشر بشكل كبير جنود القناصة، على طول المناطق الحدودية التي تشهد المواجهات، على غرار أيام الجمع الماضية. وتوغلت قوات مدرعة في منطقة حدودية تقع إلى الشرق من مدينة خانيونس جنوب القطاع، على مقربة من «مخيم العودة» الموجود هناك.ودخل المنطقة عدد من الجرافات، بحماية آليات عسكرية، وشرعت على الفور بأعمال تمشيط وتجريف، مقابل مخيم جديد للعودة كان أُنشىء قبل نحو أسبوع في المنطقة، بالإضافة إلى المخيم الرئيس شرقي خزاعة.إلى ذلك شهدت «مخيمات العودة الخمسة» مهرجانات كُرّم خلالها شهداء وجرحى أحداث الإثنين الماضي، في «يوم الزحف الأكبر».وكانت الهيئة الوطنية لمسيرة العودة وكسر الحصار، قد قالت في بيان لها إن هذه الجمعة «تأتي وفاء لشهدائنا الأبرار الذين روت دماؤهم الزكية أرض الوطن، وفدوا بأرواحهم ثراها العزيز، ووفاء لجرحانا البواسل الذين أرخصوا في سبيل الله دماءهم، وقدموا على طريق النصر جراحهم وآلامهم». مضيفة أنها تأتي “تأكيداً على إصرارنا على حقنا وتمسكنا بمسيرتنا وانتفاضتنا المستمرة في وجه المحتل المعتدي».وفي سياق قريب، وصل وفدان طبيان قادمين من مستشفى المطلع في مدينة القدس المحتلة، يضمان عددا من الأطباء والممرضين وبعض المستلزمات الطبية إلى غزة، نظرا لاستمرار الاوضاع المأسوية في القطاع.وستباشر هذه الوفود مهامها في إجراء عمليات جراحية لمصابي أحداث «مسيرة العودة» في ظل وجود الكثير من الحالات الخطرة التي تحتاج إلى تدخلات جراحية وتخصصات غير متوفرة في غزة. وأكد المشفى المقدسي، أن الوفد الأول الذي قام بإرساله، أوضح أن هناك العشرات من المصابين ما زالوا بحاجة إلى رعاية طبية فائقة.وفي سياق متصل، زودت اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة وزارة الصحة في القطاع بأسرّة ومعدات طبية لاستخدامات مشافي غزة في ظل النقص الحاد وقلة الإمكانيات الذي تعانيه تلك المستشفيات. وقالت إن المساعدات تأتي كـ «استجابة عاجلة» لنداءات وزارة الصحة، لـ «التدخل» وتوفير المعدات الطبية، نتيجة ارتفاع أعداد الجرحى والمصابين.!!
غزة : «مسيرات العودة» تتواصل والمتظاهرون يتناولون الإفطار على الحدود!!
19.05.2018