أحدث الأخبار
الأربعاء 27 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1 2 3 47740
العيد في غزة ينكأ جراح 176 أسرة جديدة ويحرم مئات المصابين من احتفالاته وفرحته!!
22.08.2018

لن تكون الظروف الاقتصادية وحدها هي من تحرم عشرات الأسر الغزية من «فرحة العيد»، فبالإضافة إلى هذا السبب الرئيسي الذي طال غالبية السكان، هناك «الموت» الذي جاء عبر فوهات بنادق جنود الجيش الإسرائيلي، وغيب 176 فلسطينيا في الأشهر الأربعة الأخيرة، من بينهم أطفال ونساء، شاركوا في فعاليات «مسيرة العودة»، إضافة إلى عشرات الجرحى الذي إما بترت أطرافهم، أو تهتكت عظامهم.وستستذكر أمهات الشهداء وذووهم تلك الأيام التي كان فيها ذلك الغائب يشاركهم بابتسامته العريضة فرحة العيد، وهو ما سينكأ جروحهم من جديد، وسيضطرهم كما جرت العادة، إلى ترك عادات العيد بعمل الكعك وتحضير الحلويات لضيافة الأقارب، بزيارة القبور، وتحضير «القهوة المرة» لتقديمها للأقارب والجيران، الذين جرت العادة أن يحضروا في أول عيد لمنزل الفقيد لمواساتهم من جديد، والتخفيف من هول مرور العيد بدون الحبيب الغائب.ومن بين أبنائها صغارا وكبارا، ستفقد والدة الشهيد مهند أبو طاحون نجلها، الذي غيبته رصاصة قناص إسرائيلي، فجرت دماغه، وأردته شهيدا، خلال مشاركته في إحدى فعاليات «مسيرة العودة» على الحدود الشرقية لقطاع غزة.
وستصدم هذه السيدة، كباقي أفراد الأسرة مجددا، وستعيش من جديد لحظات الحزن، التي عاشتها قبل أسابيع قليلة، بظهور نتائج الثانوية العامة التي لم يتقدم لها نجلها مهند كباقي رفاقه، بسبب تلك الرصاصة الغادرة.كذلك سيحرم الشاب محمد أبو خماش، من فرحة العيد بعد ان غيب زوجته إيناس أبو خماش، وطفلته بيان ذات العام والنصف، صاروخ احتلالي، خلال التصعيد الأخير على غزة قبل عشرة أيام، أطلقته إحدى الطائرات الحربية الإسرائيلية على منزل العائلة.وأشارت آخر إحصائية فلسطينية إلى سقوط 176 شهيدا، بينهم نساء وأطفال، وإصابة أكثر من 18 ألف جريح، بينهم من تعرض لعمليات بتر في الأطراف، أو تعرض لإصابة خطيرة لا يزال يعاني من آثارها.وبسبب الاستهداف المتعمد من قبل جنود القناصة الإسرائيليين، الذين يواجهون بـ «القوة المفرطة» المسيرات الشعبية، أصيب العشرات من الشبان برصاص في منطقة عظام الساق والقدم، مما أدى إلى تفتيت عظامهم، وإجبارهم على الاتكاء على عكاكيز لمساعدتهم في حركتهم البطيئة، وسيحرم هؤلاء من طقوس العيد، بزيارة الأهل والأقارب، بسبب هذه الإصابات.وقبل يومين كان أحدهم واسمه يوسف، وهو شاب في منتصف العشرينات، موجودا برفقة والده في محيط مجمع الشفاء الطبي، منهيا مراجعة روتينية للأطباء، لمتابعة حالته الصحية، بعد سؤاله عن حالته، حيث ثبت الأطباء عظام ساعده بجسر من البلاتين، قال إنه بات يعتمد على أسرته في غالبية احتياجاته اليومية، من الأكل واللبس وغيرهما، لعدم قدرته على تحريك يده بسهولة.ومن بين من أصيبوا بأعيرة نارية أدت إلى تفتت العظام، هناك فتية وأطفال، وسيحرم هؤلاء من اللهو مع أقرانهم، ضمن طقوس العيد المعروفة.ًواقتصاديا أيضا أثرت الأوضاع التي يعيشها السكان على «بهجة العيد»، فالمتجول في شوارع قطاع غزة الساحلي الضيق، من أقصى شماله إلى أبعد نقطة حدودية في جنوبه وتبلغ هذه المسافة فقط 45 كيلومترا، لا يرى تلك المظاهر الاحتفالية المعتادة، والتي كانت قائمة حتى في أحلك سنوات الحصار الإسرائيلي، عند فرضه منتصف عام 2007.فبالرغم من دخول الحصار عامه الـ 12، وما واكب السنوات الأخيرة من إعلان إسرائيلي عن تراخي القبضة المفروضة على حركة مرور البضائع، إلا أن حركة الإقبال على الشراء في هذا الموسم تكاد معدومة.والمار في الأسواق الشعبية تحديدا، التي يكثر فيها الباعة، يمكنه ملاحظة الكساد الكبير الذي أصاب اقتصاد غزة، بسبب إجراءات الاحتلال الأخيرة، وعمليات الخصم التي طالت رواتب الموظفين من قبل السلطة الفلسطينية منذ عام ونصف، وجاءت في سياق استمرار الخلاف بين الخصوم السياسيين من فتح وحماس.البيع في تلك الأماكن، وحتى في مركز مدينة غزة كبرى مدن القطاع، لا يكاد يتعدى نسبة الخمسة في المئة، كما قال أحد أصحاب محال بيع الألبسة، فهذا الرجل الأربعيني واسمه حسام الخطيب، يقول إنه يقف بجانب شقيقه في هذا الموسم الذي وصفه بـ «الهزيل»، لبيع الزبائن رغم قلتهم، مستذكرا مواسم ماضية، كان يستعين بها بخمسة باعة آخرين يعملون برفقتهم في الموسم الذي يبدأ قبل خمسة أيام من حلول العيد، ويستمر حتى فجر يوم العيد نفسه.ويؤكد أن ذلك سيعود عليه وعلى غيره من التجار، بأمور سلبية كبيرة، خاصة وأن هناك التزامات مالية كبيرة يتوجب عليهم سدادها، ومن بينها شيكات بنكية، خلال الأيام المقبلة، كان يأمل بأن يغطيها من أرباح موسم العيد «الهزيل».ويترافق موسم العيد مع موسم انطلاق المدارس أيضا، التي ستبدأ بعد أيام قليلة من إجازة العيد، وهو ما يلقي بأعباء مالية جديدة على كاهل الأسر، التي فضل الكثير منها، الاستعانة بملابس وحقائب المدرسة القديمة، لعدم توفر المال اللازم لشراء الجديد.وأثرت الأحوال الاقتصادية كذلك على عمليات شراء الأضاحي هذا العام، وأكد أحد أصحاب مزارع العجول وسط غزة أن انخفاض عدد المضحين هذا العام، لم يسبق له مثيل في المراسم الماضية.ويؤكد الرجل ويدعى أبو إبراهيم، أن توقعه بموسم ضعيف، جعله لا يقبل على استيراد كميات كبيرة من العجول خلال الأسابيع الماضية، على خلاف عادته.وكان ابو ابراهيم يبيع في الموسم الواحد أكثر من 40 رأسا من العجول، لكنه لم يبع خلال الأيام الماضية سوى سبعة فقط، لافتا إلى أن موسم شراء الأضاحي يقفل قبل حلول اليوم الأول من الشهر الهجري «ذي الحجة». ويقول صاحب المزرعة «سيشعر سكان غزة وفقراؤها بذلك في أول أيام العيد»، وكان يشير في حديثه إلى قلة اللحوم التي ستوزع هذا الموسم.يشار إلى أن الاحصائيات تؤكد ارتفاع نسب الفقر في غزة لأكثر من 65%، والبطالة لأكثر من 43%، فيما بات 80% من السكان يعتمدون على المساعدات الخارجية، لتدبير أمور حياتهم، وذلك قبل تشديدات الحصار الأخيرة من قبل سلطات الاحتلال، التي اضطرت بموجبها عشرات المصانع والورش لإغلاق أبوابها.!!

1