كتب علي سمودي – لم تتوقف مطامع الاحتلال في قرية المغير التي تعتبر من المناطق الصامدة على حدود الوطن شرق محافظة جنين ، لتميزها بموقعها الاستراتيجي وطبيعة تضاريسها وجمالية أراضيها ، وما زال أهلها صامدون ويصرون على تحدي سياسات الاحتلال الذي التهم مساحات واسعة من أراضيها لصالح جدار الفصل العنصري الذي يلتف بين جبالها وسهولها ، محاولاً عزل المواطن عن وطنه، وسلبه أرضه ومقامه، وعبثا ما أراد ، كما يقول رئيس المجلس أحمد أبو مويس ” فلن نتخلى عن ذرة من ترابنا ، وسنبقى نكافح ونتحدى لحماية أرضنا ووجودنا ، رغم ما تتعرض له المنطقة من إهمال وتهميش وحرمان من كافة أشكال الدعم كباقي المناطق الجدارية المستهدفة “.
تبعد قرية المغير ، مسافة 13 كيلو متر شرق مدينة جنين ، وتتميز كما يوضح أبو مويس ، بطبيعتها الجغرافية ، فهي جبلية متوسطة الصعوبة، وتحيط بها غابات من الأشجار الحرجية الكثيفة من أشجار الصنوبر والسرو والسريس وبعض أشجار الخروب ، ويضيف ” تبدو لمن يعيش فيها ويزورها ، كأنها العروس التي ترتدي ثوباً أخضر تنبعث منها رائحة الأزهار الجبلية كالنرجس والدحنون ، ولو أردت الحديث في هذا الجانب لاحتاج فصلا أخر”.
*نبذة تاريخية ..
يوضح أبو مويس ، أن اسم القرية ، جاء من كثرة المغاور والكهوف التي تتواجد في المنطقة، ويقال أيضا، إن اللصوص وقطاع الطرق في العهد العثماني، كانوا يغيرون الطريق عند اقترابهم منها، بسبب اعتقاد السكان قديماً، أن تلك المنطقة هي أرض “وقف”، أوقفها سيدنا إبراهيم عليه السلام لله ، وإن مرورهم بما لديهم من مال حرام منها سيهلكهم فيها، ومن ذالك جاء اسمها، وتغير مع السنين حتى أصبحت اليوم تحمل اسم (المغير ).ويذكر أبو مويس ، أن الوقائع والمشاهدات والآثار ، تؤكد أن المنطقة كانت معمورة فيما سبق.. السكان.ذ ألاف السنين، فمن خلال الحفريات والأعمال الخاصة والغير منظمة وفي أكثر من مكان، تبين وجود عدد من المغارات والكهوف القديمة والتي تحتوي على أثار تدل على أنها سكنت في مراحل غابرة ، ومن تلك المعالم والإشارات علامات تدل على تواجد سكاني سابق ، كتلك التوابيت المحفورة في جدران الكهوف، وكذلك العثور على أسرجة وأواني فخارية وعملة قديمة رومانية(انتيكة) وغيرها من قطع الأواني الزجاجية ومكعبات فسيفسائي، موضحاً، انه للأسف لم يتم التعامل معها بالطريقة العلمية والمنظمة مما أدى إلى اندثارها تحت جشع تجار الآثار وجهل المواطنين بقيمتها وأهميتها، حيث بيعت (بثمن بخس دراهم معدودة )إضافة إلى غياب الرقابة أو الجهة المسئولة خصوصا في مرحلة الثمانينيات وأوائل التسعينيات من القرن الماضي.
*السكان ..
يبلغ عدد سكان قرية المغير والقاطنين بها، بحسب إحصائية المجلس القروي فيها في العام 2020 ، ما يقارب (3800)نسمةـ إضافة إلى عدد يزيد عن ثلثهم يسكنون خارج الوطن، ومنهم من توجه إلى السكن في مدينة جنين لأسباب تتعلق إما بإعمالهم التجارية أو الوظيفية.
*جدار الفصل العنصري ..
بسبب موقعها ، تعرضت القرية لاستهداف ومصادرة أراضي منذ النكسة ، لكن الكارثة الكبرى حلت كما يبين رئيس المجلس ، بعد بناء جدار الفصل العنصري الذي أثر على الناحية الزراعية والرعوية في المنطقة ، فقد اقتطع الجدار ألاف الدونمات من الأراضي الزراعية التي يملكها المواطنون الذين يعتمدون على ما تنتجه محاصيلها، كالزيتون والمزروعات الشتوية والصيفيه المعروفة في بلادنا، إضافة إلى الأراضي الأميرية التي يعتمد عليها الرعاة في تربية المواشي .وذكر أبومويس، إن المواطنين وأصحاب الأراضي يعانون يوميا منذ بناء جدار الفصل العنصري ، بسبب سياسات الإغلاق والتصاريح التي يتحكم بها الاحتلال من جهة ، وعدم صلاحية الطرق المؤدية لها ، لعدم قدرة المجلس على تنفيذ مشاريع لشق طرق وغياب أي دعم من أي جهة ، مشيراً، إلى خطر أخر يتهدد
الأراضي الوقت،ية التي تضم مناطق حرجية يتمثل في الاعتداءات والقطع الجائر يوميا من بعض المواطنين في غياب المتابعة من الجهات المعنية .في نفس الوقت ، اشتكى أهالي المغير ، من انتشار الخنازير البرية التي يطلقها الاحتلال في المنطقة والتي تهاجم المحاصيل الزراعية وتدمرها وتكبد المواطنين خسائر مادية باهظة .
*واقع القرية ..
رغم جهود المجلس للنهوض بالقرية وتطويرها ، لكنها تعاني من مشاكل ونقص في الخدمات والاحتياجات خاصة على صعيد البنية التحتية ، وذكر أبو مويس ، أن المغير تعاني من مشاكل على صعيد المياه والصحة والبنية التحتية من شبكة صرف صحي وشبكة طرق داخليه وطرق زراعية ، موضحاً ، أن المياه شبكة قديمة منذ سنة1982، وهي بحاجة إلي تأهيل وصيانة حيث تكبد المجلس خسائر باهظة بسبب الفاقد في الشبكة ، كما تفتقر القرية لعيادة صحية أو مركز صحي متطور ، و العيادة الحالية ، مقامة تحت المسجد وهي عبارة عن غرفتين ولا تكفي لتلبية احتياجات المواطنين .وذكر ، أن الشارع الرئيسي في القرية بحاجة إلى تأهيل وتوسعة وإنارة كونه المدخل الوحيد للقرية والقرى المجاورة ، بينما هناك حاجة لتأهيل وتعبيد 35 دخلة وشارع في القرية ، بينما هناك حاجة ماسة لزيادة غرفة صفية في مدارس الإناث الأساسية والثانوية أو بناء مدرسة أساسية جديدة .
*الخطة الإستراتيجية..
المجلس يبذل جهود كبيرة ويسعى للتواصل مع كافة الوزارات المختصة في الحكومة الفلسطينية ، لتبني ودعم الخطة الإستراتيجية لتطوير المغير والنهوض بها والتي تشمل تأهيل الطرق وتعبيدها ، توسعة شبكة الكهرباء ، خلق بيئة نظيفة للتخلص من النفايات الصلبة والتزود بشراء حاويات، تطوير قطاع التعليم من خلال إنشاء مدرسة إناث أساسية جديدة ، تحسين مستوى الخدمات الصحية و إنشاء مركز صحي متكامل يخدم جميع الفئات ، تشكيل مجلس شبابي يهتم بقضايا ومشاكل الشباب ، تمكين ذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين والعمل على إنشاء مركز لذوي الاحتياجات الخاصة ، شق طرق زراعية واستصلاح أراضي زراعية ، تأهيل المرافق السياحية والترفيهية للبلدة وتوفير قاعة اجتماعات مؤهلة وقاعة تخدم المواطنين .
*دعم ومساندة ..
ضمن سعيه المستمر لحماية المنطقة وأراضيها ، ذكر أبو مويس ، أن المجلس ، قرر تنفيذ فعاليات إحياء يوم الأرض الخالد في 30-3-2022 ، في المنطقة لتعزيز صمود المواطنين وثباتهم في أراضيهم ، مناشداً رئيس الوزراء الدكتور محمد اشتية ، اصدر تعليماته لكافة الوزارات والمؤسسات المعنية لإدراج القرية التي تعاني من التهميش ضمن خططها ومشاريعها وتوفير احتياجاتها لتطويرها والنهوض بها كباقي المناطق المجاورة، وقال ” قريتنا وأهلها يستحقون المساندة والدعم والتعزيز ،فمن جهة نحارب الاحتلال ومخططاته لمصادرة أراضينا وتقطيع أوصالها بالجدار، ومن جهة أخرى تعاني المنطقة من الإهمال وعدم الاهتمام فكيف يستطيع المزارع الصمود وهو لا يجد من يثبت صموده في أرضه ؟”.
**المصدر : “القدس” دوت كوم
فلسطين : المغير.. قرية صامدة أمام قهر الاحتلال!!
18.03.2022