
نشر موقع “زيتيو” تقريرا أعدّه بريم ثاكر، كشف فيه أن أحد المرتزقة الأجانب الرئيسيين، المفترض توليهم مسؤولية توزيع المساعدات الغذائية على الفلسطينيين في غزة، سبق أن روّج لفكرة أن إسرائيل “هي شعب الله المختار”، كما تم منعه سابقا من التعاقد مع الحكومة الأمريكية.
وأشار الموقع إلى أن أحد المتعاقدين المكلّفين بتوفير الحماية لعمليات “مؤسسة غزة الإنسانية” المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، وللمواقع التي يتم عبرها توزيع المساعدات، يشغل منصبا في نادي “إنفديلز بايكرز كلوب” أو ما يُعرف بـ”نادي الكفار للدراجات النارية”، وذلك حسب سجلات الشركة وشهادات مصدرين عملا كمتعاقدين مع المؤسسة، من بينهم أنتوني أغيلار، الجندي السابق في القوات الخاصة الأمريكية والذي خدم لمدة 25 عاما.
ويؤكد بيان مهمة نادي “الكفار” للدراجات النارية رفضه “للحركة الجهادية المتطرفة”، مشيرا إلى أنه “سيدعم الحرب ضد الإرهاب كأعضاء عسكريين ومتعاقدين لدعم الجيش، وكأمريكيين وطنيين يدعمون قواتنا المقاتلة من الوطن”. وتشجع صفحة النادي على “فيسبوك” المهتمين بدعم الحرب “ضد التطرف الإسلامي” على الانضمام إلى الفروع المحلية للنادي.
وتقول المصادر إن “جوني ملفورد”، المعروف أيضا باسم “تاز”، يشغل منصبا بارزا في شركة “يو جي سوليوشنز”، وهي شركة أمنية متعاقدة مع “مؤسسة غزة الإنسانية”. وتشير سيرته الذاتية على أحد المواقع إلى أنه “انضم إلى قوات مشاة البحرية الأمريكية فور تخرجه من المدرسة الثانوية، وبعد إتمام جولته الأولى، التحق بالجيش الأمريكي حيث خدم لأكثر من 20 عاما، وكان قائدا لفريق المظلات ‘الفرسان الذهبيون’ التابع للجيش الأمريكي، كما خدم مع مجموعتي القوات الخاصة الثالثة والسابعة في العراق وأفغانستان”.
أغيلار، الذي قال إنه خدم مع ملفورد سابقا، وانتقل معه مؤخرا إلى غزة ضمن شركة “يو جي سوليوشنز”، شكك في كفاءته لقيادة عقد أمني كبير لصالح المؤسسة، وقال: “أحترم خدمة أي شخص يرفع يده اليمنى ويؤدي اليمين لخدمة الجيش، ولكن إن كنت في سلاح المظلات، فهذا لا يعني أنك خبير متميز في الأسلحة القتالية، وهو ما يحاول هو أن يروّجه”. وأضاف: “هذا هو الرجل المسؤول عن الجهاز الأمني بأكمله في غزة، لكنه لا يملك الخبرة الكافية للتخطيط على هذا المستوى، لم تكن لديه في الجيش، ولا يملكها الآن”. وتابع: “إذا كنا سنتولى عملية بهذا الحجم، فنحن بحاجة إلى الأشخاص المناسبين في مواقع القيادة”.
ووصف متعاقدون آخرون عمل “مؤسسة غزة الإنسانية” بأنه “فوضى عارمة”، بل إن البرنامج واجه انتقادات حتى قبل انطلاقه. فقد استقال “جيك وود” من منصبه كمدير تنفيذي قبل ساعات من بدء البرنامج في مايو/أيار، قائلا: “من الواضح أنه من غير الممكن تنفيذ هذه الخطة مع الالتزام الصارم بالمبادئ الإنسانية المتمثلة في الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلالية، والتي لن أتخلى عنها”.
ومنذ انطلاق عمليات التوزيع، وجد آلاف الفلسطينيين الجائعين، الذين قطعوا أميالا مشيا للوصول إلى مواقع المساعدات، أنفسهم محاصرين في ممرات ضيقة محاطة بالأسلاك الشائكة. وهناك، واجهوا قوات إسرائيلية ومتعاقدين أمريكيين يتعاملون مع الحشود اليائسة عبر استخدام “رذاذ الفلفل والقنابل الصوتية والرصاص الحي”، ما أدى إلى “عمليات قتل جماعي يومية”، وفقًا لما وصفه متعاقدون، من بينهم أغيلار، بأن المواقع تحوّلت إلى “مصائد موت” و”ساحات قتل”. وأشارت التقارير إلى مقتل أكثر من ألف مسعف على يد قوات الاحتلال خلال الأسابيع الماضية.
هذا الأسبوع، دعا خبراء أمميون إلى تفكيك “مؤسسة غزة الإنسانية” ومحاسبة إدارتها، واصفين المؤسسة بأنها “مثال مقلق للغاية على كيفية استغلال الإغاثة الإنسانية لتحقيق أجندات عسكرية وجيوسياسية سرية، في انتهاك خطيرٍ للقانون الدولي”.
وأشار أغيلار إلى أن ملفورد مُنع مؤقتا من التعاقد مع الجيش الأمريكي. ووفقا لوثائق عسكرية، تم منعه في يونيو/حزيران 2005 بعد تلقيه عقوبة غير قضائية بموجب المادة 15 من قانون القضاء العسكري الموحد، بتهم التآمر على ارتكاب رشوة وسرقة وتقديم بيانات كاذبة. ويُزعم أنه شارك في مخطط للحصول على عمولة من متعاقد قدّم تدريبا على القفز المظلي في قاعدة “فورت براغ”. وفي يناير/كانون الثاني 2007، أنهى الجيش قرار المنع.
وفي تقرير نشره موقع “ذي إنترسبت”، أعدّه سام بيدل ومات بيدل، ذُكر أن ملفورد يحمل وشما لصليب يُستخدم عادة من قِبل اليمين المتطرف. وقال الموقع إن ملفورد بدأ في مايو/أيار الماضي بتجنيد أفراد من شبكته على “فيسبوك” لفرصة عمل غير محددة، قائلا: “إذا كنت لا تزال قادرا على إطلاق النار والحركة والتواصل، فاتصل بي”.
وأكد ملفورد في اتصال هاتفي مع “ذي إنترسبت” أنه موجود حاليا في إسرائيل، مضيفا أنه “في طريقه إلى نقطة تفتيش”، رافضا تقديم أي تفاصيل إضافية.
وتثير عضوية ملفورد في جماعة “الكفار” ووشومه المرتبطة بالحروب الصليبية واليمين المتطرف تساؤلات حول أهليته كمتعاقد مع “مؤسسة غزة الإنسانية”. وفي منشورات له على “فيسبوك”، عبّر عن تأييده للصهيونية المسيحية، وشارك منشورات تصف إسرائيل بأنها “شعب الله المختار”، كما نشر فيديوهات ساخرة من المتظاهرين المؤيدين لفلسطين.
وعلّق أغيلار على ذلك قائلا: “إذا دخلتُ إسرائيل وعلى ذراعي صليب معقوف وقلت ’هايل هتلر‘، فماذا سيظن الناس بي؟”، في إشارة إلى وشوم ملفورد وانتمائه إلى جماعة “الكفار” في سياق حساس مثل الشرق الأوسط.
بدوره، قال درو أوبراين، المتحدث باسم “يو جي سوليوشنز”: “جوني ملفورد شخص محترم بخبرة تزيد عن 30 عاما في دعم جهود الحكومة الأمريكية وحلفائها. أي ادعاءات تشير إلى خلاف ذلك هي ادعاءات باطلة وتشهيرية بشكل قاطع”. وأضاف: “نحن لا نتحقق من الهوايات الشخصية أو الانتماءات التي لا تتعلق بأداء العمل أو معايير الأمن. يخضع كل عضو في الفريق لفحوصات شاملة عن سيرته، ويتم توظيف الأفراد المؤهلين والمدققين فقط”. ورفض التعليق على وشوم ملفورد.
تأسس نادي “إنفديلز” أو “الكفار” عام 2006 على يد مرتزق أمريكي في العراق يُعرف باسم “سلينغشوت”، وكان أعضاؤه الأوائل من المتعاقدين الأمنيين وقدامى المحاربين. وبحسب موقعه الإلكتروني، فإن النادي “مخصص للأمريكيين الوطنيين وحلفائهم الداعمين”، ويؤكد في منشور له على “فيسبوك” أنه “لا يدعم ولا يتسامح مع الحركة الجهادية ومن يدعمونها”، مضيفا: “إذا كنتم تدعمون جهود الدولة في مكافحة التطرف الإسلامي، فادعموا نادي ’الكفار‘ المحلي لديكم”.
في عام 2015، نظّم فرع “إنفديلز” في كولورادو سبرينغز حفل شواء لحم خنزير “تحديا لحرمة صيام رمضان”، تضمن “تشبيهات بين الرجال المسلمين ومتحرشي الأطفال”، وفقا لتقارير إعلامية محلية. وكان ملفورد، الذي سجّل الفرع المحلي للنادي في فلوريدا، عضوا نشطا فيه، وظهر في العديد من الصور على الإنترنت برفقة زملائه، وهم يرتدون سترات جلدية متطابقة عليها اسم النادي وصليب أحمر على الظهر. في إحدى الصور، تحمل سترة ملفورد رقعة مطرزة كتب عليها “الكافر الأصلي”.
ويتباهى أعضاء “الكفار”، ومنهم ملفورد، بأيقونات صليبية في وشومهم وملابسهم. وتُظهر صور ملفورد وشوما بصُلبان مرتبطة بالحروب الصليبية، والحركات المسيحية اليمينية الحديثة.
ويقول ماثيو غابرييل، أستاذ دراسات العصور الوسطى بجامعة فرجينيا للتكنولوجيا، إن رموز مثل “صليب القدس” و”درع فرسان الهيكل” كثيرا ما تظهر لدى الجماعات المتطرفة، في سياق “صراع وجودي متخيّل بين الإسلام والمسيحية”. وأوضح أن هذه الرموز لا تعكس الواقع التاريخي، بل تعبّر عن “خيال انتقامي مسيحي”، حيث يتم تصوير الإسلام كعدو دائم للمسيحية.
وأضاف غابرييل: “هذه ليست رموزا من العصور الوسطى بقدر ما هي إعادة تصور رومانسي للصراع”، مشيرا إلى أنها أصبحت شائعة بشكل متزايد في فترة “الحرب على الإرهاب”، وتُستخدم “كوسيلة للتماهي مع هوية الصليبي”.وقد أثارت هذه الرموز جدلا واسعا عندما ظهرت لدى شخصيات عامة مثل وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث، الذي وُجهت له أسئلة حول وشم صليب القدس خلال جلسات استماع بمجلس الشيوخ. وقال غابرييل إن هذه الرموز تعكس “رؤية عالمية تعتبر المسلمين تهديدًا يجب القضاء عليه”.
