
باريس- تحت عنوان “إسرائيل تحاول التقليل من أثر العقوبات الأوروبية المحتملة”، قالت صحيفة “ليزيكو” الفرنسية إن المسؤولين الإسرائيليين يسعون إلى انتقاد وتقليل العواقب الاقتصادية للعقوبات التي أوصت بها المفوضية الأوروبية للتنديد بمواصلة الحرب في قطاع غزة، والوضع الإنساني في هذه المنطقة بعد نحو عامين من القتال.قال بنيامين نتنياهو مطمئنًا الإسرائيليين بشأن تأثير العقوبات التي اقترحتها المفوضية الأوروبية، على شكل رسوم جمركية على الصادرات الإسرائيلية نحو الاتحاد الأوروبي: “هذا لن يؤثر علينا كثيرًا”.
أمّا في صفوف رجال الأعمال الإسرائيليين، فالنبرة أقل اطمئنانًا، إذ انتقد رون تومر، رئيس جمعية الصناعيين، وهي أهم منظمة أرباب عمل في إسرائيل، قائلاً: “إنه قرار سياسي متنكر في شكل درس أخلاقي”، مؤكّدًا أن ذلك سيؤثر على الشركات، تضيف الصحيفة الفرنسية.
الزراعة الأكثر تضررًا
مع ذلك، – تتابع “ليزيكو” – يتفق الخطابان على أن إعادة النظر في اتفاق الشراكة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي، الذي أُبرم قبل خمسة وعشرين عامًا، من المرجح أن تُلحق أضرارًا بالصادرات الأوروبية نحو إسرائيل أيضًا.
على الورق، تبدو المخاطر كبيرة بالنسبة لإسرائيل، إذ يُعَدّ الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول للبلاد. حيث تمثل المبادلات التجارية معه 32% من التجارة الخارجية الإسرائيلية، متقدّمًا على الولايات المتحدة والصين، تُشير الصحيفة الفرنسية، موضّحةً أن العقوبات المحتملة تشمل الصادرات الإسرائيلية من السلع التي بلغت العام الماضي 15.9 مليار يورو، والتي قد تُفرض عليها مجددًا رسوم جمركية.
تستهدف هذه “العقوبة” خصوصًا مبيعات الآلات، ومعدات النقل والمعدات الطبية، إضافة إلى المنتجات الصيدلانية والكيميائية، التي تمثل الجزء الأكبر من الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي. لكن الصادرات الزراعية ستظل الأكثر تضررًا بفارق كبير، إذ إنها حتى الآن لا تستفيد سوى من إعفاء جزئي من الرسوم الجمركية مقرون بحصص بالنسبة للفواكه والخضروات وزيت الزيتون، على سبيل المثال، توضّح “ليزيكو”.
وذكّرت الصحيفة الفرنسية أن المنتجات الصناعية أو الزراعية القادمة من الأراضي التي احتلتها إسرائيل في 1967 لا تستفيد من أي إعفاءات وتخضع لنفس الرسوم الجمركية المطبّقة على الدول التي لم تُبرم أي اتفاق مع الاتحاد الأوروبي.
أمّا بالنسبة للخدمات، وخاصة شركات التكنولوجيا المتقدمة، فيتوقّع أحد مسؤولي وزارة المالية الإسرائيلية أن “فرض عقوبات محتملة سيكون أصعب بكثير”، لأن أكثر من نصف الشركات الناشئة وكبريات الشركات في هذا القطاع الحيوي، الذي يمثل نصف الصادرات الإسرائيلية، تمتلك مقرات رئيسية في الخارج، لا سيما في الولايات المتحدة الأمريكية، ما يجعل من الصعب استهدافها بالعقوبات.
وفقًا لتقديرات المفوضية الأوروبية، فإن الكلفة الإضافية المفروضة على الصادرات الإسرائيلية، بافتراض التوصل إلى اتفاق بين الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، لا ينبغي أن تتجاوز 227 مليون يورو سنويًا. وتنقل “ليزيكو” عن أحد المسؤولين: “ليس الرقم هو المهم بحد ذاته، بل الرسالة التي يمكن أن نوجّهها إلى جميع شركائنا في العالم. فالعقوبات الأوروبية قد يكون لها تأثير كرة الثلج”.
تبدو المخاطر كبيرة بالنسبة لإسرائيل، إذ يُعَدّ الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول للبلاد. حيث تمثل المبادلات التجارية معه 32% من التجارة الخارجية الإسرائيلية
وهو تشخيص يشاركه فيه رون تومر، الذي يأسف قائلاً: “بسبب الدول التي تدعم الإرهاب، فإن صادراتنا تتضرر يومًا بعد يوم”.
ومن جهته، أطلق جدعون ساعر، وزير الخارجية، حملة دبلوماسية واسعة مستخدمًا الاتصالات الهاتفية، في محاولة لإقناع بعض زملائه الأوروبيين بعرقلة مقترح المفوضية الأوروبية.
وتحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن خطر أن تقوم بعض الدول الأوروبية بحظر صادرات المعدات العسكرية وقطع الغيار، على غرار ما فرضته جزئيًا، منذ بضعة أشهر، كل من بريطانيا وإيطاليا وألمانيا، وهو ما قد يؤثر على إمدادات الجيش الإسرائيلي. وعزا هذه الإجراءات إلى النفوذ الذي تمارسه “أقليات إسلامية إرهابية في أوروبا الغربية، التي تقود حملة دعائية معادية لإسرائيل”، على حد قوله.
وقد تم طرح حجّة أخرى تتعلق بالأثر العكسي المحتمل للعقوبات، نظرًا لأن الاتحاد الأوروبي يستفيد من فائض تجاري سنوي يزيد على 5 مليارات يورو في تجارته السنوية مع إسرائيل، تُشير “ليزيكو”.
