أحدث الأخبار
الجمعة 03 تشرين أول/أكتوبر 2025
1 2 3 41163
صحافة: القدس العربي : خطة ترامب: مسلسل الانحياز الأمريكي يتواصل ويتمدد!!
01.10.2025

تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لدى استقبال رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض أو خلال المؤتمر الصحافي المشترك، عكست حماساً شديداً لخطة البنود الـ20 (كانت 21 بندا، وتم إلغاء البند الخاص بالتزام إسرائيل بعدم شن ضربات في قطر بعد اعتذار نتنياهو عن الاعتداء) التي اقترحتها الإدارة الأمريكية لإنهاء الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة. لكنها في الآن ذاته لم تفلح في تبديد الشكوك الكثيرة التي تزايدت لدى المراقبين حول قابلية الخطة للتطبيق على الأرض بما يضمن السلام المزعوم الذي تغنى به ترامب، وأن العكس هو الذي سيكون مآل معظم بنودها.
ذلك لأن ما عجزت عن تنفيذه آلة الجيش الإسرائيلي الوحشية المنفلتة من كل عقال، منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وحتى الساعة، لن تفلح في فرضه على الأرض بنودٌ تزعم التطلع إلى السلام ولكنها تنهض أصلاً على نقائض من داخلها لا تكرّس إلا الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني. هذه التي أجهزت على حياة مئات الآلاف من أطفال ونساء وشيوخ القطاع، ودمرت الأخضر واليابس والعمران والبنى التحتية والمستشفيات والمدارس ومخيمات اللجوء، وجوّعت حتى الموت سائر سكان غزة وخاصة الأطفال، وارتكبت صنوف جرائم الحرب التي لم تبدأ من التهجير والقسري وليست تنتهي بالتصفية الإثنية.
وإذا كان ترامب قد تقصد إضفاء تمثيلات وردية على الخطة الأمريكية الجديدة، فإنه لم يتأخر عن لغة التهديد والوعيد ومساندة دولة الاحتلال أكثر فأكثر نحو «إنجاز العمل» في شتى أشكاله الإبادية والوحشية، ولم يغفل عن تحويل رئيس حكومة الاحتلال من مجرم حرب مدان بموجب القانون الدولي إلى «محارب» وشريك للولايات المتحدة في صناعة السلام. نتنياهو بدوره لم يتأخر عن تكشير أنيابه ضد الشعب الفلسطيني عموماً وأهل غزة خصوصاً، فادّعى حماسة مماثلة لخطة لا تتطابق تماماً مع أجنداته الشخصية رغم أنها صناعة أمريكية ـ إسرائيلية مشتركة.
ولسوف يتكشف تباعاً أن كل بند في نقاط الخطة سوف يتطلب جولات متعاقبة من مفاوضات فرعية، ستكون خاوية الوفاض ليس بسبب التناقضات الداخلية التي صيغت على نحو يكبّل التنفيذ العملي فحسب، بل كذلك لأن نتنياهو وحكومته الأشد يمينية وعنصرية وفاشية في تاريخ الكيان الصهيوني لن تتورع عن اختراع العراقيل وافتعال التعطيل.
ولسوف تُفتضح تباعاً أيضاً سلسلة الحقائق حول السياقات التي دفعت إدارة ترامب إلى طرح هذه الخطة في هذا التوقيت بالذات، حيث يستميت ترامب لتوفير كل ما يتوفر لدى إدارته من الأسباب التي قد تضمن له الحصول على جائزة نوبل للسلام. السبب الثاني هو التحولات الكبرى والجوهرية على صعيد مواقف الرأي العام الدولي تجاه دولة الاحتلال وحرب الإبادة التي تشنها على القطاع، وسيل الاعترافات بالدولة الفلسطينية. السبب الثالث، والأهم ربما، هو أن إخفاقات الجيش الإسرائيلي العسكرية تتزايد وتأخذ وجهة منهجية لجهة الخسائر في الأرواح، والفشل الذريع في إتمام أي من الأهداف التي أعلنها نتنياهو منذ الساعات الأولى بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
وقد لا تكون مفارقة، بل مجرد استكمال منطقي لانحياز الإدارات الأمريكية الأعمى لصالح دولة الاحتلال، أن تصريحات ترامب اليوم تردد أصداء أقوال جو بايدن في أيار/ مايو 2024، ساعة تلفيق وقف لإطلاق النار يغطي على إدانة نتنياهو في المحكمة الجنائية الدولية.