أحدث الأخبار
السبت 23 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1 2 3 41058
صحافة : موقع بريطاني: بن سلمان أصبح عراب محور التطبيع الإسرائيلي وهو لا يخاف شعبه بل عائلته!!
29.10.2020

تحت عنوان “كيف يساعد محمد بن سلمان وبهدوء المحور الإسرائيلي في العالم العربي؟” كتبت الأكاديمية السعودية المعروفة مضاوي الرشيد، الأستاذة الزائرة في معهد الشرق الأوسط بمدرسة لندن للاقتصاد، مقالا نشره موقع “ميدل إيست آي” قالت فيه إن ولي العهد السعودي يعمل على استخدام التأثير والوعود المالية لدفع المزيد من الدول العربية للتطبيع مع إسرائيل.
وبدأت بالمزاعم التي أطلقها الملياردير الإسرائيلي- الأمريكي حاييم سابان من أن محمد بن سلمان أخبره عن سبب تردده بالتطبيع مع إسرائيل لخوفه من قتل إيران أو قطر أو حتى “شعبه” له، مشيرة إلى أن هذا الكلام مبالغة وعلينا عدم التعامل معه بجدية.
فالحقيقة هي أن ولي العهد يخشي اغتياله داخل القصر الملكي أكثر من خشيته من شعبه، علاوة على أن تقتله قطر أو إيران. وما يخشاه أكثر هو أنه قد يصبح ملكا على السعودية باعتباره الرجل الذي دمر الإجماع داخل العائلة الحاكمة وأهان زمرة من الأمراء المنافسين له.
وأضافت أن بن سلمان لن يتعجل بالإعلان عن علاقاته مع إسرائيل طالما كان قادرا على الحفاظ عليها تحت الطاولة. فهو ليس مجبرا على توقيع اتفاق مثير للجدل مع إسرائيل إذا كانت تكاليف ذلك أعلى بكثير من الحفاظ على تحالف سري معها.
وعلقت الرشيد أن الحديث عن سيناريو لقتله من شعبه أو قطر أو إيران غريب ولا يستطيع أي منها أو لديه القدرة على تنظيم عملية اغتيال له.
كما أن محمد بن سلمان ليس أنور السادات الذي اغتيل عام 1981 بعد توقيعه معاهدة سلام مع إسرائيل والمعروفة باتفاق كامب ديفيد 1979 والذي صدم معظم العرب بمن فيهم السعوديون. وأعلن الملك فهد الراحل عن مقاطعة مالية لمصر في محاولة منه لتخفيف مشاعر السعوديين الغاضبين والعالم العربي، مع أنه تراجع عن سياسته هذه سريعا وعمل جاهدا لجلب مصر إلى الحظيرة العربية.
وتعلّق الرشيد أن الوضع اليوم مختلف عن أيام السادات. فالنظام السعودي بشكل عام، ومحمد بن سلمان بشكل خاص، يمكن أن يكون مفيدا وبشكل كبير لقضية التطبيع مع إسرائيل دون أن تكون له علاقات معلنة يترتب عليها رؤية العلم الإسرائيلي وهو يرفرف في سماء الرياض.
ويمكن لمحمد بن سلمان أن يقوم بدور القناة، أو الميسّر، أو الوكيل الذي يعمل من وراء الكواليس، مستخدماً النفوذ السعودي والوعد بتقديم الجوائز المالية لجلب المزيد من البلدان العربية وضمها إلى محور إسرائيل في المنطقة. وحتى هذا الوقت وقعت الإمارات والبحرين والسودان اتفاقيات مع إسرائيل تحت المظلة السعودية وبدون تحرك محمد بن سلمان بطريقة تفسر على أنها دعم واضح للرئيس الحالي دونالد ترامب وحملته لإعادة انتخابه، في الوقت الذي تشير استطلاعات الرأي إلى تقدم المرشح الديمقراطي جو بايدين في السباق على البيت الأبيض. كما سيتردد محمد بن سلمان للانضمام إلى قطار التطبيع.
أضف إلى المحور الجديد، فطالما استطاع هو ووالده الملك سلمان، مواصلة التظاهر والدعوة إلى ضرورة احترام مبادرات السلام العربية البائدة، مثل تلك التي أعلن عنها الملك فهد في ثمانينيات القرن الماضي فلن يسارعا للتطبيع. وحتى تحين اللحظة المناسبة للخروج إلى العلن والتطبيع مع إسرائيل، يستطيع محمد بن سلمان جلب المزيد من العرب إلى معسكر التطبيع، بشكل يعطيه المزيد من الحظوة في واشنطن، ويتظاهر في الوقت نفسه بدعمه للحقوق الفلسطينية.
وتقول الرشيد إن بن سلمان سيكون قادرا على مواصلة تقويض الدعم العربي للفلسطينيين من خلال مؤسساته الإعلامية، وصولا إلى النقطة الحرجة التي تجعله يعتقد أن التطبيع السعودي بات أمرا واقعا لن يكلفه حياته أو ينال من شرعية النظام السعودي. وعلى ترامب وإسرائيل الانتظار حتى تثمر حملة تقويض الحقوق الفلسطينية ثمارها.
وربما خسر ترامب الانتخابات وغادر البيت الأبيض، لكن بن سلمان يبدو أنه سيظل بعد رحيل الرئيس الأمريكي. وخلافا لما يقوله الملياردير سابان، فالخوف على حياة بن سلمان لا ينبع من شعبه، أو قطر أو إيران، ولكنه نابع من أطراف أخرى من عائلة آل سعود نفسها، وليس من داخل “شعبه” الذي لم يقم باغتيال واحد من أفراد العائلة المالكة.
ومن الناحية التاريخية فكل الاغتيالات في داخل المملكة نفذها أفراد من آل سعود منذ القرن التاسع عشر، فمن قتل من الأمراء والملوك السعوديين، قُتل على يد شقيق أو عم أو ابن أخ.
وكانت آخر جريمة قتل وقعت داخل القصر تلك التي راح ضحيتها في عام 1975 الملك فيصل عندما أطلق عليه الرصاص ابن شقيقه، والذي كان اسمه أيضاً فيصل. ولم تكن لجريمة الاغتيال علاقة بالقضية الفلسطينية أو بغيرها من القضايا. فالدافع لكل الاغتيالات كان ببساطة، خلافات داخل العائلة، خيانة، انتقام وصراع على السلطة.
وهذا هو ما يخشاه محمد بن سلمان أكثر مما زعم سابان أن ولي العهد أخبره به. لكل هذا فلدى ولي العهد الكثير من الأسباب للخشية من محاولات اغتيال من داخل العائلة بسبب تنكره للحقوق الفلسطينية أو التطبيع مع إسرائيل. ومنذ صعوده إلى السلطة في 2017 تبنى سياسة اعتقال الأمراء المنافسين له. وحتى الآن لم يعدم نقاده من داخل العائلة، مع أن إعدام المعارضين له في تزايد مستمر.
ولن يمر وقت قبل أن يفكر محمد بن سلمان بتصفية منافسيه جميعا. فقد كسر إجماع العائلة المالكة، وتبنى سياسات تقوض النظام بشكل عام، وليس تقوية فرصه ليصبح ملكا. ولم يظهر أمير بعد يرى في محمد بن سلمان خطرا على كل العائلة، وعندما يظهر، ستكون الرهانات عالية.
وسيواصل الكثير من السعوديين معارضة التطبيع مع إسرائيل. إلا أن هؤلاء يتعرضون وبشكل تدريجي إلى عملية تثقيف وغسل دماغ تجعلهم في نهاية الأمر يقبلون بالتطبيع. وهذا بسبب الدور الذي يقوم به الإعلام السعودي.
وتعتقد الكاتبة أن للإعلام دوره، ولكن السعوديين باتت تشغلهم الكثير من القضايا الملحة. فتدني مستويات المعيشة والخوف من نشوب صراعات على السلطة داخل العائلة المالكة، نشرت حساً من عدم الأمان بين السعوديين، خاصة في ظل هذا النظام الذي بدد أموالهم وقمعهم وحرمهم من الحياة الكريمة في واحدة من أغنى البلدان في العالم.
وترى الرشيد أن محمد بن سلمان لا يزال غير قادر على تحقيق المصالحة داخل عائلته وتأمين العرش لنفسه. وتقول إن “شعب” محمد بن سلمان لا يعرف الاغتيال أو الخيانة، وكل ما يبحث عنه هو حياة كريمة وأن تكون لأبنائه كلمة ورأي في إدارة شؤون بلدهم. وفي الوقت الحالي يصم محمد بن سلمان آذانه عن مطالبهم، وعندما يصبح ملكا قد ينفد صبر العائلة، وعندها انتظر الطوفان.