نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالا للأستاذة المساعدة في علوم الأرض والغلاف الجوي في جامعة كورنيل، جوديث هوبارد، قالت فيه إن الزلازل الكبيرة تحدث بشكل مفاجئ ولا مفر منها، وعليه فأحداث يوم الاثنين القاتلة في تركيا وسوريا لا تختلف عن ذلك.
وأضافت أنه تم توثيق النظام الصدعي الذي تسبب في حدوثها والزلازل الأخرى في المنطقة بشكل جيد من خلال الدراسات الميدانية المجهدة والسجلات التاريخية والملاحظات الجيوفيزيائية على مدى عقود عديدة.
إلا أن كل هذا لم يعط قدرة لأي باحث في علم الزلازل لكي يتنبأ بالموقع الدقيق للزلزال الذي وقع هذا الأسبوع، وقته أو شدته.
وفي النهاية يظل الماضي دليلا جيدا لما يجب القيام به الآن. ويمكن الآن تطبيق الدروس المستفادة من الزلازل السابقة في المنطقة وربما كانت هذه الكارثة بمثابة تحذير للاستعداد للزلازل القادمة.
ولفهم الكيفية، ما علينا إلا التفكير بالتكتونية أو الآثار الواسعة التي تصيب قشرة الكرة الأرضية. فقد تهشمت الصفيحة العربية التي تتحرك بلا هوادة نحو الشمال وانقسمت بسبب ذلك المنطقة المحاصرة بينها وبين الصفيحة الأوراسية – تركيا إلى قطع ممزقة.
وعلقت الباحثة أن الأسطح التي انزلقت يوم الاثنين واقعة بالقرب من الصفيحة العربية وهي جزء من صدع شرق الأناضول النشط باستمرار والذي يعمل بجانب صدع شمال الأناضول. وفي الوقت الذي تتحرك فيه الصفيحة العربية شمالا، يبتعد غرب تركيا عن طريق منطقة الاصطدام.
وعلى الرغم من سهولة رؤية حركات الصفائح المتزايدة باستخدام قياسات الأقمار الصناعية، إلا أن الزلازل التي تنتجها غير منتظمة بشكل ملحوظ. وبعض الصدوع تبقى ساكنة لأكثر من ألف سنة. وعندما تكون الفواصل الزمنية بين الزلازل الكبيرة طويلة، كما هو الحال مع العديد من أخطر صدوع الأرض، فغالبا ما يكون الناس غير مدركين للخطر وغير مستعدين.
ويمكن حتى للجيولوجيين أن يصابوا بالحيرة، كما تعلمنا في عام 2008 عندما ضرب زلزال بقوة 7.9 على مقياس ريختر سيشوان بالصين، وكانت الباحثة تدرسه.
ويعتقد الكثيرون أن المنطقة تتشوه ببطء شديد بحيث لا تؤدي إلى مثل هذا الحدث الضار. وتساءلت الباحثة عما يعنيه هذا للأمم المصابة من آثار الزلازل؟ تقدم الباحثة لنا خمسة دروس.
أولا، علمتنا التجربة أن بعض الأنظمة الصدعية تنتج سلسلة من الزلازل على مدى أيام إلى عقود. وعليه فالاستمرار في الاستعداد لمزيد من الزلازل الكبيرة في تركيا وسوريا لا يقل أهمية عن الإنقاذ وإعادة البناء بعد هذا الزلزال. ولا تختلف الزلازل التاريخية على صدع شرق الأناضول كثيرا عن النشاط في صدع شمال الأناضول الذي سبق وأن شهد ستة زلازل كبيرة من عام 1939 إلى عام 1967.
ثانيا، من المحتمل أن يستغرق الأمر عدة سنوات لكي نكون قادرين على تقدير حجم هذه الكارثة. وتركز التقارير المبكرة عن الأضرار والوفيات بشكل عام على المدن. وفي بعض الزلازل، لا يعرف التأثير بدقة على الإطلاق. على سبيل المثال، تتراوح تقديرات عدد القتلى من الزلزال الذي ضرب هاييتي في عام 2010 من أقل من 100.000 إلى أكثر من 300.000 وحتى بعد إعادة الإعمار.
ويمكن أن تستمر التأثيرات على الأفراد الذين ربما فقدوا منازلهم وسبل عيشهم وأسرهم طوال حياتهم. ولن يظهر الفهم الحقيقي للآثار المادية والاجتماعية لزلزال كبير إلا بعد عدة عقود.
ثالثا، يجب أن تركز المساعدة على الاحتياجات المهمة التي تهم السكان المحليين والقدرة على الصمود على المدى الطويل. فإعادة إعمار المنازل وفقا للمعايير الهندسية السيئة سيكون حلا سريعا للحاجة الماسة وتوفير المأوى للمشردين، ولكنه سيعرض الناس لخطر استمرار النشاط الزلزالي.
رابعا، وهو من الماضي، فبينما تجلب الزلازل معاناة لا توصف فإنها يمكن أن تؤدي أيضا إلى تغيير إيجابي. فقد ساعد زلزال سومطرة عام 2004 على إنهاء حرب أهلية حيث اجتمع الطرفان للتركيز على الخروج من الكارثة. لا تزال ولاية آتشيه في شمال سومطرة تنعم بالسلام. ويجب اغتنام فرص تحسين البنية التحتية وحل الخلافات السياسية في تركيا وسوريا، بالنظر إلى الأزمة الإنسانية الموجودة مسبقا على طول الحدود.
خامسا وأخيرا، يعرف الأمريكيون الذين يشاهدون أخبار مأساة تركيا وسوريا هذا: يمكن للناس أن يستيقظوا في أي يوم على زلزال مماثل بقوة في سان فرانسيسكو. مثل صدوع شمال وشرق الأناضول، فإن سان أندرياس عبارة عن صدع طويل ضحل قابل للانزلاق مع معدل انزلاق مماثل.
لم يحصل زلزال بقوته القصوى على معظم صدوع الولايات المتحدة النشطة والخطيرة في الذاكرة الحية، بما في ذلك كاسكاديا في شمال غرب المحيط الهادئ، وواساتش في ولاية يوتا وغيرها الكثير. فالولايات المتحدة، مثل كل دولة نشطة زلزاليا، وسيكون من الحكمة استخدام فترات السكون للتخفيف من آثار الزلازل التي لا يمكن التنبؤ بها ولكن لا مفر منها.
صحافة :الدروس المستفادة من كارثة تركيا وسوريا: لا مفر من الزلازل والتحضير لها مهم والجميع في العالم عرضة لمثلها!!
08.02.2023