نشرت صحيفة “ديلي تلغراف” تقريرا أعده جيمس روثويل، قال فيه إنه ولسنوات، كانت الضفة الغربية المحتلة هي النظير الهادئ نسبيا لقطاع غزة المحاصر.
مضيفا: “صحيح أنه كان هناك الكثير من العنف، حيث كان المستوطنون اليهود والجماعات الفلسطينية المسلحة تهاجم بعضها البعض بشكل متكرر، لكن القليل كانوا سيصفون الضفة الغربية بأنها منطقة حرب نشطة”.
كل ذلك كان حتى الأسبوع الجاري، عندما شنت إسرائيل أكبر اقتحام لمدينة جنين منذ 20 عاما، في ما يمكن أن يمثل بداية حقبة جديدة ودموية للغاية في الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني.
وقال الكاتب إن الاقتحام الواسع لجنين التي قتل فيها عشرة فلسطينيين، هو أحد أعراض فشل عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والآمال المتلاشية في أن يتم تنفيذ حل الدولتين على الإطلاق.
فالعديد من أولئك الذين يقاتلون الإسرائيليين في جنين هم من الشباب. جيل جديد من المقاتلين المراهقين الذين لم يشهدوا في حياتهم محاولة قابلة للتطبيق من أجل السلام، مثل اتفاقيات أوسلو في حقبة التسعينات.
واستدرك بالقول إنه منذ ذلك الحين، قامت إسرائيل فقط بتوسيع مستوطناتها في الضفة الغربية، والتي يعتبرها حتى حلفاؤها عقبة أمام السلام، في حين أن القيادة السياسية الفلسطينية أصبحت أضعف وأكثر تفتتا، مما أدى إلى صعود الجماعات المسلحة القوية كمنافس لها.
كما يشعر العديد من الشباب الفلسطينيين أن “العنف” كما تسميه الصحيفة، هو الآن السبيل الوحيد لحل النزاع.
ويقول منتقدو عملية جنين إنه حتى لو قامت القوات الإسرائيلية باعتقال أو قتل عدد كبير من المسلحين الفلسطينيين، فسيتم استبدالهم على الفور تقريبا بمجندين آخرين. كما أن هناك مخاوف من أن الغارات المتكررة منذ العام الماضي، لا تؤدي إلا إلى إنشاء جيل جديد من الفلسطينيين الساخطين الذين سيحملون السلاح أيضا.
كما أن فشل السلطة الفلسطينية، التي تسيطر اسميا على منطقتي جنين ونابلس، سيتم الاستشهاد به كعامل رئيسي في تدهور الوضع بسرعة.
ويمكن أن ذلك يؤدي إلى المزيد من المتاعب لإسرائيل التي تشعر بالقلق من أنها لا تزال على بعد أسابيع فقط من حرب جوية متعددة الجبهات، مع إطلاق مسيرات وقنابل وصواريخ من غزة ولبنان وسوريا وربما حتى من العراق.
نعم، من الواضح أن العنف في الضفة الغربية قدّم الفرح للعناصر اليمينية القوية المتزايدة في ائتلاف بنيامين نتنياهو.
وعلّق الكاتب أن التكتيكات الجوية التي تم استخدامها في جنين هذا الأسبوع، هي أسلوب شائع تم الاعتماد عليه عندما قصفت إسرائيل قطاع غزة، المنطقة المحاصرة التي تسيطر عليها حركة حماس، كما كان الحال خلال الحروب القصيرة في أيار/ مايو 2021، وآب/ أغسطس 2022، ونيسان/ أبريل 2023.
وتقول الصحيفة إن هناك دلائل على أن النشطاء في شمال الضفة الغربية يعملون بأنفسهم على إنشاء ما يسمى “غزة” في المنطقة، من خلال تخزين أسلحة أكثر قوة.
وألمح القادة العسكريون الإسرائيليون إلى أن العملية التي جرت هذا الأسبوع في جنين، هي الأولى من بين العديد من العمليات المماثلة، على الرغم من أنه من غير الواضح ما هو الهدف النهائي منها.
وحذرت الصحيفة من أن تزداد الأمور سوءا، مع عدم وجود نهاية واضحة تلوح في الأفق، وعدم وجود رغبة في محادثات سلام جادة من كلا الجانبين.
ولم تستبعد الصحيفة أن تكون العملية تنطوي أيضا على عنصر سياسي. وتطالب منذ أسابيع العناصر اليمينية المتطرفة في ائتلاف نتنياهو، القادرة على إسقاط حكومته، بموقف أكثر صرامة من الجماعات المسلحة في الضفة الغربية. ومن الواضح أنهم سعداء بالتصعيد إلى الهجمات الجوية.
لكن الجولة الحالية من العنف لا يتم تأجيجها فقط من خلال العنف المتبادل بين المستوطنين والجنود على الجانب الإسرائيلي، والمسلحين الفلسطينيين من ناحية أخرى.
هناك يأس عميق بشأن عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية المحتضرة، وفي ظل غياب أي محادثات سلام جادة لعقود، يشعر العديد من الشباب الفلسطينيين أن العنف هو الآن السبيل الوحيد لحل النزاع، وفق الصحيفة.
صحافة : ديلي تلغراف: تحويل مدن الضفة لساحة حرب مثل غزة لن يحل المشاكل بل سيفاقمها!!
06.07.2023