أحدث الأخبار
السبت 05 تشرين أول/أكتوبر 2024
العنف والجريمة في النقب: 22 قتيلا منذ مطلع العام!!
بقلم : الديار ... 02.10.2024

يستدل من الإحصاءات والمعطيات المتوفرة أن عدد ضحايا جرائم القتل في منطقة النقب، جنوبي البلاد، منذ مطلع العام ولغاية اليوم بلغ 22 ضحية.وتبين أن رهط، أكبر مدينة عربية في النقب، شهدت ارتفاعًا حادًا وغير مسبوق في أعداد ضحايا جرائم القتل، إذ بلغ عدد ضحايا جرائم القتل 12 قتيلا، منذ مطلع العام الجاري ولغاية اليوم. وفي القرى العربية بالنقب، المعترف بها ومسلوبة الاعتراف، قُتل منذ مطلع العام ولغاية اليوم 10 أشخاص.وتعد هذه الحصيلة مرتفعة مقارنةً بالأعوام السابقة وسائر المدن والقرى العربية في البلاد.وفي النقب عموما، كسائر البلدات العربية في أراضي 48، تنوّعت طرق القتل، إذ قُتل في جرائم إطلاق نار 17 ضحية، وقُتل في جرائم طعن 5 ضحايا، بينهم 4 قاصرين.
12 قتيلا في رهط
وفي مدينة رهط قتل 12 ضحية، حيث كان أول ضحية جريمة قتل في المدينة هذا العام، الطفل صهيب رافي أشوي (15 عامًا) والذي قتل في جريمة إطلاق نار وقعت يوم 23 شباط/ فبراير، وقتل إبراهيم الشيخ عيد (23 عامًا) يوم 23 آذار/ مارس في جريمة إطلاق نار، وقتل المسن خالد موسى العطاونة (68 عامًا) بعد تعرضه للضرب حتى فارق الحياة، يوم 20 أيار/ مايو، وقتل عماد قيسي الزيادنة (42 عامًا) في جريمة طعن يوم 28 أيار/ مايو، وقتل محمد سليمان الكحاوشة (32 عامًا) في جريمة طعن يوم 11 حزيران/ يونيو، وقتل القاصر أحمد عاطف أبو غيظة (15 عامًا) في جريمة طعن يوم 29 حزيران/ يونيو، وبعد يوم واحد قتل غزال عزات أبو لطيف (26 عامًا) في جريمة إطلاق نار يوم 30 حزيران/ يونيو.
وتوقفت الجريمة في رهط نحو ثلاثة أسابيع لتعود بعد ذلك، إذ قتل طلال منور الزيادنة (40 عامًا) في جريمة إطلاق نار يوم 18 تموز/ يوليو، وقتل سمير عبد الجعار (37 عامًا) في جريمة إطلاق نار يوم 25 آب/ أغسطس. وفي جريمة لم تعرف عنها الكثير من التفاصيل، قُتلت امرأة (27 عامًا) إثر تعرضها للطعن يوم 26 آب/ أغسطس.
وفي 8 أيلول/ سبتمبر قتل محمد شيخ العيد (30 عامًا) في جريمة إطلاق نار، ومن ثم قتل موسى عدنان الجعار (50 عامًا) في جريمة إطلاق نار يوم 16 أيلول/ سبتمبر.
وفي البلدات الأخرى بمنطقة النقب، كانت أعلى حصيلة قتل في شقيب السلام، إذ قتل 3 أشخاص في البلدة في جرائم إطلاق نار، ففي يوم 8 شباط/ فبراير قتل سلامة الصوفي (40 عامًا)، وفي يوم 9 أيار/ مايو قتل بكر محمد الجرابعة (17 عامًا)، وفي يوم 18 آب/ أغسطس قتل أمين أبو القرينات (30 عامًا).
وفي تل السبع، قتل أمجد نواف أبو رقيق (19 عامًا) يوم 25 كانون الثاني/ يناير، في جريمة إطلاق نار، وبعد مرور قرابة 9 أشهر قتل منير سلمان الأعسم (30 عامًا) في جريمة إطلاق نار، يوم 10 أيلول/ سبتمبر.
وفي كسيفة، قتل عطية الجويني (45 عامًا) في جريمة إطلاق نار يوم 9 آذار/ مارس، وفي ذات اليوم قتل علي رحيل أبو طراش (30 عامًا) بعد تعرضه لإطلاق نار.
وفي حورة، قتل القاصر عمر الأعسم (14 عامًا) بعد تعرضه لحادث ومن ثم إطلاق نار، يوم 13 حزيران/ يونيو، وفي عرعرة النقب قتل سليمان عزيز أبو عرار (23 عامًا) في جريمة إطلاق نار، يوم 24 آب/ أغسطس.
وفي قرية قصر السر غير المعترف بها إسرائيليًا، قتل سلامة مسلم ابن عايش (35 عامًا) في جريمة إطلاق نار، يوم 30 تموز/ يوليو.
وعن ارتفاع الجريمة في رهط والنقب، قال الناشط السياسي والمحامي عامر العتايقة من مدينة رهط، لـ"عرب 48" إن "عدد ضحايا جرائم القتل في رهط وصل إلى 12 قتيلا منذ مطلع العام الجاري، وهذا عدد كبير جدًا مقارنة بالسنوات السابقة، حيث أن كل جريمة تقترف تتبعها جريمة دون توقف".
وحول خلفية الجرائم في رهط، أوضح أن "معظم النزاعات في رهط وجرائم القتل خلفيتها نزاعات عائلية وليس كما في باقي المناطق، ولكن هناك أمر آخر يتطور في هذه النزاعات، وهو لجوء العائلات إلى العصابات المنظمة حتى تأخذ بالثأر أو لمدها بالسلاح وأمور أخرى، وما يحصل في الواقع هو واقع عصابات إجرامية تحت غطاء العائلية".
عصابات منظمة تحت غطاء العائلة
وبشأن الضوابط في المجتمع البدوي، قال العتايقة إنه "في المجتمع البدوي والبادية بشكل عام، هناك قوانين للثأر، ولكن ما يحصل اليوم في المجتمع البدوي لا يعير أي اهتمام لقوانين البادية والثأر، إذ أصبحت عمليات الأخذ بالثأر جريمة ترتكب في وضح النهار، وتشكل خطرًا على المارة والمواطنين في الأماكن العامة، دون ضوابط، إذ أنه من الصعب أن نقول إنه في النقب لا توجد عصابات منظمة، فقد بات واضحًا أنه توجد عصابات، ولكنها تعمل تحت غطاء العائلة".
وعن أسباب ارتفاع الجريمة في رهط بشكل خاص، قال العتايقة إنه "خلال السنوات الأخيرة نرى أن النزاعات بين العائلات في رهط أصبحت نزاعات مفتوحة وممتدة لسنوات، بعض هذه النزاعات ممتد لأكثر من أربع سنوات، وهنا تزداد نسبة الأخذ بالثأر وعدد القتلى والمصابين، إذ أن الأهالي في رهط يعلمون أنه بين عائلات معينة يوجد ثأر وبالتالي تكون عملية القتل القادمة هي مسألة وقت لا أكثر".
وأضاف أنه "خلال السنوات الأخيرة ارتفع عدد العائلات المتنازعة الأمر الذي يرفع نسبة جرائم القتل، بمعنى أنه في السابق كان المعروف مثلاً أن عائلتين أو ثلاث متنازعات، أما اليوم فعدد العائلات المتنازعة أعلى وأكبر، وهذا يزيد نسبة وقوع الجريمة في الأوقات القادمة بالمدينة".
قتل مستمر وخرق ضوابط البادية
وعن المختلف في عمليات الثأر بين السابق واليوم، أوضح العتايقة أنه "خلال السنوات السابقة كان الثأر مختلف عما يحصل اليوم، حيث كانت عمليات الثأر قتل مقابل قتل، وكان معروف جملة (قبر مقابل قبر) وبالتالي تنتهي النزاعات وعمليات الثأر، ولكن ما يحصل اليوم مختلف عن السابق، وكل عملية ثأر تليها عملية ثأر والأعداد تزداد، ولا يتم الاكتفاء بعدد معين من القتلى".
وعن الارتفاع في أعداد القتلى بالقرى المعترف بها وانعدامها تقريبًا في القرى مسلوبة الاعتراف، بيّن العتايقة أن "العادات والتقاليد في رهط تغيرت نوعًا ما، وأصبحت أكثر تميل إلى العادات المدنية، وبالتالي انعدم العرف البدوي الرادع، بينما في القرى غير المعترف بها التمسك بالعادات البدوية أقوى، إذ أن رهط تمدنت، بمعنى أصبحت مدينة وابتعدت عن قسم كبير من العادات والتقاليد المتعارف عليها عشائريًا، ولم يحل محل هذا أي قانون صارم مدني، وبالتالي أحدث نوعا من الفراغ، ولا يسري شيء على أحد، حيث أنه في السابق عندما كان يكون ممثل للعائلة يلتزم الجميع بالقرارات، أما اليوم فعلى الرغم من أنه يتخذ قرار بهدنة مثلاً يستمر إطلاق النار وخرق الضوابط".
وعن دور الشرطة، قال العتايقة إنه "نلاحظ أن الشرطة من الممكن أن تقوم بنوع من عملها وتعتقل أشخاصا في قضايا صغيرة لا يوجد بها جرائم قتل، مثلاً القضايا التي يوجد بها خلافات بسيطة دون تلك التي يكون بها ثأر، والقضايا التي بها قتل لا تقوم بعملها فيها، ونحن نؤمن أنه إذا قامت الشرطة بعملها كما يجب فستقل نسبة الجريمة بشكل كبير، وعدم قيام الشرطة أدى إلى ارتفاع بالجريمة، لأنه من أمن العقاب ساء الأدب".
"التسامح طريق لحل النزاعات"
وأشار إلى أن "عدم الاعتقال وتقديم لوائح اتهام وفرض عقوبات على المجرمين يجعلهم يتمادون بالقتل واختراق كل الحدود، وأيضًا الجميع يعلم وهذا ما صرحت به الشرطة أن من يقف على رأس العصابات يحظى بالدعم من جهاز الأمن العام (الشاباك)، وهنا هو محمي بشكل وبآخر، وهذا سبب كاف لأن تتفشى الجريمة، كون من يرتكب الجرائم يعلم أنه سالم من العقاب".
وبخصوص دور لجان الإصلاح في النقب، أوضح العتايقة أنه "صدقًا، أعضاء لجان الإصلاح يتواجدون في مآزق وموقف صعب، إذ أنهم يقومون بدور هام والشكر موصول لهم، ولكن بات واضحا أنه لا توجد لهم سلطة على أحد، وبالتالي هذا أدى إلى تعقيد عمل لجان الإصلاح، وعندما تريد أن تعمل لجان الإصلاح يجب أن تكون أرضية عقلانية لدى طرفي النزاع حتى يتم الصلح، ولكن عندما لا تتوفر العقلانية، وينتقل اتخاذ القرار إلى الشباب الطائش فإن دور لجان الإصلاح يتضاءل جدًا".

*المصدر : عرب48
1