أحدث الأخبار
الاثنين 17 تشرين ثاني/نوفمبر 2025
جهود حكومية لمكافحة العنف الرقمي ضد النساء في ليبيا!!
بقلم : الديار ... 17.11.2025

***تتصاعد جرائم العنف الإلكتروني ضد النساء في ليبيا وتخشى النساء من التبليغ بحكم العادات الصارمة في المجتمع. وفي غياب رادع قانوني يتفاقم التحرش والتشهير الإلكتروني والابتزاز الرقمي ضد النساء في ليبيا، لذلك تبذل الحكومة جهدا في مكافحة الظاهرة كما تعمل المؤسسة التشريعية بالبلد، حاليا، على مناقشة مسودة قانون العنف الرقمي ضد المرأة بعد أن أقرت قانون الجرائم الإلكترونية.
بنغازي (ليبيا) - تكافح الحكومة الليبية العنف الرقمي ضد النساء؛ حيث أقرت قانونا لمكافحة الجرائم الإلكترونية وتعمل المؤسسة التشريعية بالبلد حاليا على مناقشة مسودة قانون العنف الرقمي ضد المرأة. وقالت عضو مجلس النواب عائشة الطبلقي إن العنف ضد المرأة، بما في ذلك العنف الرقمي، أصبح من أبرز التحديات الاجتماعية في ليبيا، محذّرة من آثاره النفسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأشارت، خلال فعاليات المؤتمر العلمي الدولي للعنف الرقمي ضد المرأة الذي نظمه مكتب دعم وتمكين المرأة بجامعة بنغازي، إلى أن مجلس النواب يضع ضمن أولوياته تمكين المرأة الليبية وضمان حقوقها القانونية والمعيشية.
بدوره، ألقى مدير مكتب شؤون الديوان مفتاح المهشهش كلمة نيابة عن رئيس ديوان المجلس عبدالله المصري الفضيل، شدد فيها على أن العنف الرقمي لم يعد قضية هامشية بل صار تهديداً مباشراً لأمن المجتمع واستقراره. وثمّن المهشهش جهود جامعة بنغازي ومكتب دعم وتمكين المرأة، مؤكداً على أهمية التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والأمنية لتطوير سياسات مواجهة هذه الظاهرة.
وقالت عضو اللجنة العلمية سليمة زيدان إن مشاركتها في المؤتمر جاءت ضمن محور التربية الإعلامية كآلية لمواجهة العنف الرقمي، مؤكدة أهمية الوعي الرقمي ودوره في الحد من الممارسات المسيئة للنساء عبر الإنترنت. وخطت ليبيا خطوة مهمة نحو حماية النساء والفتيات من العنف الرقمي، من خلال إصدار أول قانون وطني يُعنى بمكافحة الجرائم الإلكترونية، وفق ما أكدته الدكتورة حورية الطرمال، وزيرة الدولة لشؤون المرأة في ليبيا ورئيسة المجلس التنفيذي لمنظمة المرأة العربية.
وأوضحت الطرمال أن القانون الجديد يُعد الإطار القانوني الأول من نوعه في ليبيا، ويهدف إلى تنظيم استخدام الفضاء الإلكتروني، ويُجرّم بشكل واضح الاعتداء على الخصوصية والتحرش والتشهير الإلكتروني والابتزاز الرقمي، مع مراعاة تضمين أحكام خاصة لحماية النساء، وتعزيز آليات التعاون القضائي الدولي في هذا المجال.
وشددت الوزيرة، خلال الجلسة الافتتاحية لأعمال المؤتمر العام العاشر لمنظمة المرأة العربية المنعقد في العاصمة المصرية القاهرة خلال مايو الماضي، على أن العنف السيبراني ليس ظاهرة منفصلة عن السياق الثقافي والسياسي، بل هو امتداد للتمييز الممنهج ضد المرأة، والذي انتقل إلى الفضاء الرقمي بأساليب وأدوات أكثر تطورًا وتأثيرًا، مؤكدة أن الوقت قد حان لرفع مستوى الجاهزية القانونية والتقنية والإعلامية لمواجهة هذا النوع من العنف المستحدث.
ويعد هذا القانون خطوة إستراتيجية تعكس التزام ليبيا بحماية حقوق النساء والفتيات، وتعزيز دورهن في الفضاء الرقمي، بما يضمن بيئة آمنة وعادلة تسهم في تمكينهن على كافة المستويات.
وأكدت دراسة عن العنف الرقمي ضد النساء في ليبيا، نشرت في سبتمبر 2024، أن العنف الرقمي تعززه العادات والتقاليد، وتحميل النساء مسؤولية شرف العائلة، أو الدوافع الدينية، مثل عدم تقبل اختلاط النساء بالرجال في أماكن العمل. كما تساهم في انتشاره على نطاق واسع ثقافة الإفلات من العقاب وغياب الرادع القانوني وآليات تطبيق العدالة، كذلك النفاق الاجتماعي حيث يتظاهر الجميع بالعفة والشرف على حساب المعنفاتً فينساقون في حملات العنف ضدهن لتبرئة أنفسهم، إضافة إلى المنافسة على الحيز العام بين الرجال والنساء وقلق الرجال من تفوق النساء في المجالات التي لم يخضنها سابقا.
وبينت نتائج الدراسة أن العنف الرقمي يسبب ضررا نفسيا واجتماعيا ومهنيا للنساء، ويزداد القلق من انتقاله من الفضاء الرقمي إلى الواقع حيث أن نسبة تفوق 37 في المئة من العينة المستجوبة اعترفت بأن العنف أثر على صحتها الجسدية وحوالي ثلث المستجوبات أفدن بأنهن دخلن في حالة اكتئاب جراء تجاربهن مع العنف الرقمي إلى درجة أن 12 في المئة فكرن في الانتحار. وكان الأثر الأكبر الذي طال 70 في المئة من المستجوبات هو أنهن أصبحن أكثر حذرا وترددا في الفضاء الرقمي.
وهربا من العنف الرقمي اضطرت بعض النساء إلى ترك البلاد أو تغيير أماكن السكن أو العمل خوفا من التهديدات، ذلك أن المتعرضات للعنف لا يحصلن على الدعم الحكومي أو المؤسساتي والدعم يقتصر فقط على العائلة أو بيئة العمل.
وأفادت الدراسة بأن أغلب المؤسسات الليبية لا تتخذ إجراءات رادعة ضد من يمارس العنف الرقمي والتشريعات القانونية غير كافية بما في ذلك قانون الجرائم الإلكترونية لعام 2011، لذلك تلجأ النساء غالبا إلى البلاغات الإلكترونية لمنصات التواصل الاجتماعي أو فتح محاضر لدى الشرطة ولكن دون نتائج قانونية فعالة، بل إن الضغط الاجتماعي والخوف من التضييق على الحرية يجعلان بعض النساء يتجنبن اتخاذ الإجراءات القانونية.
وأوصت الدراسة بتكثيف التوعية بالعنف الرقمي ضد النساء والفتيات ودعم المؤسسات التي تقدم السند النفسي والقانوني للمتضررات. كما دعت إلى إصلاح قانون الجرائم الإلكترونية وتطوير قدرات الوحدات الأمنية لملاحقة الجناة وإنشاء مؤسسات تقدم التوعية الرقمية للنساء، وحث منصات التواصل الاجتماعي على اتخاذ تدابير أكثر جدية وسرعة في مواجهة العنف الرقمي.
ويعد العنف الإلكتروني شكلا من أشكال العنف المبني على النوع الاجتماعي، أي أنه تمييز ضد المرأة وموجه إليها، وأحياناً يكون بإساءات لفظية وصور وتلفيق تهم وتهديد وقد يصل إلى التحريض على القتل خاصةً للنساء في المجال السياسي والحقوقي في ليبيا.
وكانت عضو منظمة المرأة والطفل ببنغازي المحامية إيمان بعيو قد ناشدت، منذ ثلاث سنوات، السلطات المختصة في البلاد الإسراع في سن تشريعات تحمي النساء من مخاطر الفضاء السيبراني، خاصةً الفتيات والمراهقات اللواتي يتعرضن باستمرار لجرائم الابتزاز والتهديد دون وجود أي حماية لهن أو ضمان لحقوقهن من المشرع الليبي.
وأشارت إلى أن الفتيات هن أكثر فئة عمرية تتعرض للعنف الرقمي؛ وذلك لعدم إدراكهن مخاطر هذا الفضاء، وعدم احتواء العائلات الليبية لمثل هذه الحوادث التي يقع اللوم فيها على الفتيات والنساء دون الجاني. وأوضحت أن المجتمع يمارس العنف ضد الفتيات اللواتي يتعرضن للعنف الرقمي بأشكاله المختلفة (التنمر، التهديد، اختراق الخصوصية، التجسس…) من خلال العادات والتقاليد التي تقيد حقوق الفتيات.
وأكدت بعيو على أن القضايا المتعلقة بالعنف الرقمي الذي تتعرض له النساء والفتيات في ليبيا لا يتم حيالها اتخاذ أي إجراء من السلطات العدلية في البلاد، إذ لا تعتمد النيابة على التسجيلات الصوتية التي تعتبر من أهم الأدلة الرقمية في مثل هذه الحالات، حيث تطالب النيابة بالحصول على تسجيل رسمي من شركات الاتصال المختلفة في البلاد، والتي لا تتعاون بشكل سريع في مثل هذه الحالات، مضيفةً أن هذه القضايا لا يوجد أي تصنيف قانوني لها في قانون العقوبات الليبي.
بدورها طالبت رئيسة منظمة المرأة والطفل في بنغازي فايزة هليل بوجود هيئة مختصة باستقبال النساء والفتيات اللواتي يتعرضن للعنف الرقمي، وأن تضم هذه الهيئة شخصيات قانونية ومكونات اجتماعية تكون قادرة على التعامل مع المعنفات رقمياً بسرية تامة، خاصةً الفتيات في المرحلة الإعدادية والثانوية باعتبارهن أكثر الفئات العمرية المستهدفة.
وبينت أن المجتمع بعاداته وتقاليده يمارس دورا سلبيا ضد المتعرضات للعنف من خلال التذنيب واللوم، حيث يحمل الفتيات والنساء مسؤولية العنف الذي وقع عليهن، ما يدفع العديد من النساء إلى عدم التبليغ عن الحادثة أو عدم اتخاذ إجراء قانوني حيالها، وقد يتطور الأمر إلى أخذ الحق بالذات خاصةً إذا كان الجاني معروف الهوية.
ومع تطور التكنولوجيا واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي بشكل واسع داخل ليبيا وخارجها، تتعرض النساء والفتيات للعنف الرقمي الذي تستخدم فيه كل الوسائل التكنولوجية المتاحة، حيث تتعرض الليبيات لعنف متمثل في السب والشتم والتنمر بالإضافة إلى تشويه السمعة، مع غياب تنفيذ قانون الجريمة الإلكترونية الذي أصدره مجلس النواب الليبي وقوبل بالرفض لتقييده الحريات العامة وحرية التعبير.
وبسبب غياب الوعي اللازم بالعنف الرقمي الذي يشكل خطراً جديداً على النساء، خاصةً المترشحات للانتخابات أو القياديات واللواتي يتولين مناصب عليا في ليبيا، تكاثفت جهود المؤسسات العامة في البلاد مع المنظمات المدنية لنشر الوعي بآلية التصدي للعنف الرقمي والطرق القانونية للحماية منه.

1