المقدسيون هم أصحاب الفعل وهم أصحاب المواجهة والصمود ومقارعة المحتل...على كل الجبهات يفعلون ويعملون ويقاومون...وهم لا يكفون عن المبادرة من اجل تاكيد هويتهم وعروبتهم،فكانت مبادرة شباب البلد في جبل المكبر المقدسي،بإقامة اطول سلسلة قراءة بشرية تحيط بسور القدس...خطوة نوعية وإبداعية ...تسجل لهؤلاء الشباب المبادرين،الذين اطلقوا العنان لأفكارهم وعقولهم لكي تبدع...أبدعوا وانتجوا بجهد ذاتي ممتلك للإرادة....والمبادرة لم تكن تعني فقط إعادة الإعتبار للقراءة والثقافة...وجمع الكتب من اجل إقامة عدد من المكتبات،بل هي تظاهرة ثقافية بشرية..وحدت كل الوان طيفنا السياسي الفلسطيني وأبناء شعبنا الفلسطيني بكل تجمعاته..حول مدينتهم وأسوارها،هذه المدينة التي تتعرض لمخاطر الأسرلة والتهويد....وكانت تلك التظاهرة رسالة مزدوجة للإحتلال اولها تقول انه مهما اسرلتم وهودتم لن تنجحوا في نزع طابع العروبة عن مدينتنا....ورسالة اخرى للسلطة الفلسطينية بأن هذا الشباب الواعد والمختزن للكثير من الطاقات والإبداعات عمل بإرادته وجهده وإنتمائه..وليس عبر الأموال المدفوعة لمثل هذه النشطة،والتي لا يجد أغلبها طريقه لعمل تلك النشاطات...فالمال مهم للقدس وللفعاليات والأنشطة ولدعم وتقوية صمود المقدسيين،ولكن الأهم هو الإرادة والمصداقية ونقاء القائمين على تلك الأنشطة والفعاليات.
وأيضاً كان هناك النشاط الذي قامت به لجنة تجار شارع صلاح الدين...نشاط ربيع التسوق من اجل تنشيط الحركة التجارية في الشارع الرئيسي للمدينة،هو الاخر نشاط انعكس ايجاباً على التجار الذين يعانون الكساد...نشاط دب الحياة التجارية في شارع صلاح الدين..وإن كان بشكل مؤقت...ولكنه مظهر من مظاهر تثبيت وجودنا وحضورنا في المدينة...وهذا النشاط يجب ان يكون مقدمة لنشاط عام يشمل كل شوارع القدس التجارية وبلدتها القديمة...وان يكون مقدمة لخلق إطار ديمقراطي تمثيلي لكل التجار بعيداً عن الوصاية والفرض والتعيينات..إطار ينتخب ديمقراطياً كمقدمة لإنتخابات عامة في الغرفة التجارية،فليس من حق كائن من كان أن يفرض على المقدسيين أجساماً او شخوصاً دون إرادتهم،فهم لم يعودوا قاصرين،فقاماتهم تطاول عنان السماء،وفيهم من الكفاءات والخبرات ما يكفي لقيادة مشروع وطني بأكمله وليس غرفة تجارية او مؤسسة طبية كالمقاصد او مجلس إسكان وغيرها.
وأيضاً لا ننسى الأنشطة والفعاليات والمعارض التراثية المقامة في القدس والتي تؤكد على وجودنا وهويتنا وأصالة تراثنا ومدى التصاقنا بأرضنا ومشروعنا الوطني.
والمقدسيون هم لا يواجهون المحتل فقط عبر تلك الأنشطة فقط،فهم سدنة وحماة المدينة من مخاطر الأسرلة والتهويد...وهم أصبحوا ناقمين على كل الأجسام والمرجعيات التي تتغنى باسم القدس والمقدسيين،وكذلك على العرب والمسلمين بكل مستوياتهم ولجانهم ومؤتمراتهم وقممهم...ولسان حالهم يقول...جمعية "عطيرت كوهنيم" تستولي على (1000)م مربع من بريد القدس وفي قلب مدينة القدس،وهذا المبنى ملك للحكومة الأردنية،التي لم تفك إرتباطها لا بالقدس ولا بالمقدسيين،فهي من يتولى المسؤولية عن المقدسات الإسلامية والمسيحية،وهي من تصدر وثائق السفر للمقدسيين،فلماذا لا تتحرك بشكل جدي لمنع حكومة الإحتلال ومستوطنيها وجمعياتهم المتطرفة من وضع يدها على املاك الحكومة الأردنية؟؟؟فمقرات الحكومة في رأس العامود،هي املاك أردنية سلمتها اسرائيل للمستوطنين وكذلك مبنى محافظة وامانة القدس والمحكمة المركزية وغيرها هي املاك للحكومة الأردنية وغيرها العشرات من المباني والمدارس،والبريد منذ عام 1959،هو ملك للحكومة الأردنية،فأين الحكومة الأردنية من ذلك..؟؟ فلا بيانات الشجب والإستنكار ولا الخطوات والمواقف اللفظية ستجدي نفعاً،فالخطر داهم على كل مبنى وزقة وشارع في القدس...ولتذهب كل الاتفاقيات مع العدو الى الجحيم اذا كان لا يريد منها سوى فرض شروطه واملاءاته وسياسة الأمر الواقع...
والمسألة ليست وقفاً على مبنى البريد في شارع صلاح الدين وإقامة مئات،بل الآلاف الوحدات الإستيطانية في القدس،بل هناك الخطر الأكبر..خطر تقسيم المسجد الأقصى زمانياً ومكانياً،فلم تعد المسألة مقصورة على الإقتحامات اليومية،والإغلاقات المتكررة للمسجد ومنع المصلين من الدخول اليه إلا ضمن سن محدد،بل وصلت الأمور منحى اخطر من ذلك للمنع الكامل لموظفي الأوقاف وطلاب العلم وطلاب مدارس الأقصى من الدخول للحرم،من اجل ان يمارس المستوطنين طقوسهم التلمودية في ساحاته..والان تجري المرحلة الأخيرة من الحفريات التي لا تبعد اكثر من مئة متر عن المسجد الأقصى والتي تقوم بها ما يسمى بسلطة الآثار الإسرائيلية بتكليف من جمعية "العاد" الإستيطانية،وتلك الحفريات في بعض المناطق عمقها يصل الى عشرين متراً،تلك الحفريات التي تدمر الكثير من الاثار العربية والإسلامية الممتدة من الفترة العثمانية وحتى الفترة الأموية،ومن الآثار المدمرة مقبرة عباسية،وكذلك آثار عربية وإسلامية يابوسية وكنعانية،وكل ذلك بغرض اقامة ما يسمى بالهيكل التوراتي،مبنى ضخم بطول سبعة طوابق وما مساحته (16000 ) متر مربع.
المقدسيون يواجهون وحدهم كل إجراءات وممارسات الإحتلال بحقهم،بهدف طردهم وترحيلهم عن قدسهم...وهم يرقبون المشهد الفلسطيني والعربي والإسلامي...هذا المشهد الذي "يجعجع" ويخطب ويشجب ويستنكر ويعقد المؤتمرات واللجان من اجل القدس وباسم القدس...ولكن على أرض الفعل لا يقدم شيئاً يذكر للقدس.
فعلى الصعيد الفلسطيني،هناك من أسسوا شركات وهناك من عقدوا مؤتمرات،وسعوا لإقامة صندوق فلسطيني لدعم القدس...ولكن أين أصحاب تلك المشاريع وهذا الصندوق من بريد القدس،لماذا لم يقدموا على شراء مبنى البريد لمنعه من التسرب...؟؟ والأمير الذي حضر الى رام الله باجندة سياسية،ويملك من الأموال ما لا تستطيع النيران ان تاتي عليه في عام كامل،اليس بقادر على شراء نصف عقارات القدس ووقفها كصدقة جارية،بدل الأموال التي تصرف في اوروبا وامريكا خدمة لمن يقتلون ويذبحون شعبنا وامتنا..؟
نعم القدس تفعل وحدها...وتصمد وحدها ...وتواجه وحدها...القدس تدافع عن شرف امة هي كغثاء السيل مجرد أرقام ليس أكثر..تصورا 11 مليون يهودي في العالم،لا يملكون 1% من إمكانيات العرب والمسلمين...ويتحكمون في أغلب قرارات دول العالم بما فيها بلدان عربية وإسلامية..وعرب ومسلمين تريليوناتهم لا تستفيد منها لا شعوبهم ولا حتى تصنع لهم دوراً وحضورا وتأثيرا لا على مستوى قضاياهم ولا قضايا الآخرين..بل اموالهم تستخدم كاداة لذبحهم وتخريب واحتلال بلدانهم...كان الله في عون القدس والمقدسيين.
القدس تفعل وحدها ...وتقارع المحتل وحدها!!
بقلم : راسم عبيدات ... 19.03.2014
القدس المحتلة – فلسطين