تعز (اليمن)- “لا تقبروناش” (لا تدفنوني).. صرخة أطلقها الطفل اليمني فريد شوقي الذماري، وهو يئن من شظايا قذيفة أصابته قرب منزله بمدينة تعز وسط اليمن، قبل أن تصعد روحه إلى بارئها، ولسان حاله كان يقول “ما زلت طفلا، لا تبعدوني عن حضن أمي وخبزها، لا أستطيع الموت وحدي، ولا أطيق النوم تحت التراب”.الطفل شوقي (7 أعوام)، الذي ظهر على قنوات فضائية، وهو مستلق على أحد الأَسّرة في مستشفى بمدينة تعز، ينشد الحياة، لم تفلح صرخته في وجه الفريق الطبي، بإنقاذه من الموت، ففارق الحياة قبل أيام، وبقيت كلماته كالنار في الهشيم، على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي الشارع اليمني.وقال المحامي والناشط الحقوقي غازي السامعي، لوكالة أنباء لأناضول التركية، إن الطفل فريد، أصيب بشظايا قذيفة هاون، أطلقها المسلحون “الحوثيون” على شارع يعرف بشارع “الخياطين” بتعز، يوم الثلاثاء الماضي.وأضاف السامعي، الذي يتابع ملف الطفل أن “فريد كان ضمن 5 أطفال أصيبوا في ذلك الحي، وتم إسعافهم في مستشفى الثورة الحكومي، حيث فارق الحياة بعد ذلك بـ5 أيام متأثرا بجراحه”.ووفق المحامي السامعي، فإن الطفل فريد، كان قد شاهد قبل وفاته طفلة من جيرانه قتلت بقذيفة هاون، في نفس الحي، وتم دفنها، ومنذ ذلك المشهد وهو يخاف أن يلقى مصيرها نفسه، لافتا إلى أن عائلته اعتبرت صرخته “وصية”.وأطلق مغردون على موقع تويتر هاشتاغ “لا تقبروناش” الذي احتل صدارة الهاشتاغات المتداولة في اليمن والعالم العربي، كما أطلق هاشتاغ بالإنكليزية #DontBuryMe.الصحفي غمدان اليوسفي، وصف هاشتاغ “لا تقبروناش”، على موقع تويتر الذي تم إطلاقه اقتباسا من صرخة فريد، بأنه أكبر رسالة تختزل ما يحدث في مدينة تعز. وقال اليوسفي، الذي تفاعل مع الهاشتاغ “فريد كان يعرف أن كل مصاب بتعز يتم دفنه، فصرخ صرخته المدوية، لأنه يدرك أن أي إصابة في المدينة معناها الموت، لانعدام سبل العلاج، وامتلاء المستشفيات بالجرحى”، مشيرا إلى أن صرخته يجب أن تكون “أيقونة للجميع”.واستطاع الطفل فريد، من خلال مقطع فيديو غير احترافي مدته 30 ثانية، تم بثه على القنوات المختلفة، أن يوصل رسالته المؤثرة التي فشلت في إيصالها أكثر من 207 أيام من الحرب، التي بدأت في 26 مارس الماضي.وخلافا لكل الأحداث الأليمة التي ما زالت تشهدها مدينة تعز المحاصرة من قبل الحوثيين، منذ أغسطس الماضي، استطاعت صرخة طفلها أن تلم آهات اليمنيين تحت تنهيدة واحدة “لا تقبروناش”.ففي تغريدة له على تويتر، كتب الصحفي والناشط الحقوقي، حافظ البكاري “من سيجرؤ على دفن فريد بعد صرخته المتشبثة بحقه في الحياة”. فيما كتبت الناشطة غادة المقطري، في تغريدة لها “فريد خلاصة أوجاعنا ومصير أحلامنا”.وفي رسالة وجهها إلى روح فريد، قال الصحفي، عزوز السامعي، في تغريدة أخرى “سوف نقبرك، ومن المحتمل أن ننساك، ذلك أننا أمام حفلة مجازر، وهناك مئات الأجساد في حاجة إلى أن نهيل عليها التراب”.وتداول مغردون قصيدة للشاعر عامر السعيدي جاء فيها “لا تقبروناش إني أعشق اللعب واشتهي وطنا لا يقتل الطرب، لا تقبروناش حتى لا ترى صوري أما تنوح على بروازها وأبا، لا تقبروناش قال الطفل وانكسرت روح السماء ومات الورد منتحبا، يا لعنة الله لا تبقي على أحد خان البلاد وأذكى حولها اللهب”.„الانتهاكات بحق الطفولة في تعز لا تقتصر على سقوطهم قتلى وجرحى لا يجدون العناية الطبية، فهناك نحو 10 آلاف طفل فقدوا أحد والديهم“وكتب مصطفى “ما قبرناك يا طفلي بل قبرنا الإنسانية وضمائر العالم. أما أنت فما زالت نبرات صوتك لم تفارق مسامعنا”. وتساءل مغرد “من منكم سيتجرأ على دفن الطفل فريد بعد أن توسل إليكم: لاتقبروناش؟”.ولم يكن الطفل فريد، أول الأطفال الذين يسقطون بفعل المعارك الدائرة في مدينة تعز، فوفقا لتقرير أعده تحالف منظمات المجتمع المدني في المدينة، وتم إطلاقه أواخر الأسبوع الماضي، في مؤتمر صحفي، قتل وأصيب 813 طفلا في تعز، منذ ما قبل حرب مارس بـ10 أيام وحتى اليوم.ولم تقتصر الانتهاكات بحق الطفولة في تعز على سقوطهم قتلى وجرحى لا يجدون العناية الطبية، فهناك نحو 10 آلاف طفل فقدوا أحد والديهم، وباتوا أيتاما جراء الحرب المتصاعدة، حسب التقرير السابق.ويشهد الوضع الصحي في تعز تدهورا غير مسبوق، حيث أجبرت المعارك، وانعدام المشتقات النفطية، وانقطاع التيار الكهربائي، 16 مشفى حكوميا وخاصا، من أصل 20، على إغلاق أبوابها، حسب مسؤولين حكوميين.وقبل أسابيع، نشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، صورة لطفل مصاب، وهو يجلس على رصيف الشارع، بجوار مستشفى خاص في تعز، وإلى جانبه شقيقه الأصغر يحمل له كيسا من محلول الجلوكوز تم حقنه في وريده، بعد أن فشل في إيجاد سرير له في أحد المستشفيات.ويتهم حقوقيون ومنظمات محلية ودولية، مسلحي الحوثي، وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح، بفرض حصار خانق على السكان في تعز، ومنع دخول الأدوية، والأغذية، ومياه الشرب.!!
"لا تقبروناش".. صرخة طفل يمني مدوية على تويتر !!
21.10.2015