واشنطن - تخفي الصور السلبية عن المهاجرين التي تتصدر وسائل الإعلام العالمية، صورة أخرى أهم، وهي أن المهاجرين لديهم دور كبير في مساندة بلدانهم الأصلية اقتصاديا، وخاصة دول آسيا التي تعرف هجرات مكثفة للكفاءات والأيدي العاملة المتخصصة.وأعلن البنك الدولي أن عدد المهاجرين في العالم وصل إلى 250 مليون نسمة، سنة 2015، مسجّلا مستوى غير مسبوق، وذلك على وقع تدفق اللاجئين والمهاجرين إلى أوروبا.لكن، وعلى خلاف، الصورة التي ركّزت عليها وسائل الإعلام الغربية، وروّج لها المسؤولون الأوروبيون، في الفترة الأخيرة، يقدّم تقرير البنك الدولي صورة إيجابية عن الهجرة التي أصبحت أكثر ترابطا مع عملية التنمية.وقدّر تقرير “حقائق الهجرة والتحويلات 2016”، الذي أعدته مبادرة شراكة المعارف العالمية للهجرة والتنمية التابعة لمجموعة البنك الدولي، قيمة تحويلات المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية هذا العام، بـ601 مليار دولار. من بينها 441 مليار دولار تلقّتها البلدان النامية، مما يدلل بوضوح على تأثيرهم الاقتصادي.وأكد الخبراء الذين أعدوا التقرير أن المهاجرين “بتحويلهم أموالا تزيد عن ثلاثة أضعاف قيمة المساعدة المخصصة للتنمية الدولية، فإنهم يؤمّنون أطواق نجاة حقيقية لملايين الأسر في الدول النامية”، مشيرين إلى أن هذه التحويلات يفوق حجمها حجم تدفقات المعونات الأجنبية، وتأتي مباشرة من حيث الحجم بعد تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر.وقال ديليب راثا، واحد ممن صاغوا التقرير، إن تحويلات المغتربين في أنحاء العالم، التي تزيد على ثلاثة أمثال المعونات الإنمائية، تمثّل شريان حياة لملايين الأسر في البلدان النامية. وفضلا عن ذلك، فإن المهاجرين يحتفظون بمدخرات سنوية تزيد على 500 مليار دولار.وتشكّل التحويلات مع مدخرات المهاجرين مصدرا أساسيا لتمويل مشروعات التنمية التي يمكنها أن تحسّن مستويات المعيشة وسبل الرزق في البلدان النامية.وأصبحت البلدان النامية سريعة النمو تشكل بصورة متزايدة مقصدا جاذبا للمهاجرين من أجزاء أخرى من بلدان العالم النامية. ووجد التقرير أن أكثر من 38 بالمئة من المهاجرين في العالم هاجروا من بلدان نامية إلى بلدان نامية أخرى، بالمقارنة مع 34 بالمئة انتقلوا من بلدان نامية إلى بلدان متقدمة. وتشمل هذه الأرقام كل التنقلات السكانية سواء كانت لدوافع سياسية أو اقتصادية أو ثقافية.وقالت صونيا بلازا، وهي مشاركة في إعداد التقرير إن “أبحاثا عديدة أظهرت أن الهجرات، سواء أكانت هجرات عمال قليلي المهارات أو ذوي مهارات عالية، تؤمن فوائد مهمة للدول التي غادروها والتي تستقبلهم”. ووصفت مغتربي البلدان النامية والمهاجرين العائدين بأنهم “مصدر لرأس المال، والتجارة، والاستثمار، والمعرفة، ونقل التكنولوجيا”.واحتلّت الولايات المتحدة المرتبة الأولى كأكبر مُصدِّر للتحويلات، وتُقدَّر التدفقات الخارجة منها بنحو 56 مليار دولار في عام 2014، تلتها السعودية (37 مليار دولار)، وروسيا (33 مليار دولار). وكانت الهند أكبر بلد مُتلقٍ للتحويلات، إذ يُقدَر أنها تلقَّت 72 مليار دولار في عام 2015، تلتها الصين (64 مليار دولار)، والفلبين (30 مليار دولار).والدول الأكثر تصديرا للمهاجرين هي الهند والمكسيك وروسيا والصين وبنغلادش وباكستان والفلبين وأفغانستان وأوكرانيا والمملكة المتحدة؛ في حين أن الدول العشر الأكبر استقبالا للمهاجرين هي الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وألمانيا وروسيا والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وكندا وأسبانيا وأستراليا.وإلى جانب المساهمة في التنمية الاقتصادية وتخفيف الضغط على أسواق العمل المحلية، تلعب الهجرة أدوارا تنموية أخرى، من خلال نقل الخبرات المكتسبة في بلدان المهجر للبلد الأم، بما يؤثّر إيجابيا في رأس المال البشري في بلدان المنشأ.!!
الهجرة الدولية طوق نجاة لملايين الأسر في الدول النامية!!
20.12.2015