أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
يوسف مرة أخرى!!

بقلم : ريم عبيدات ... 04.05.2009

سبق أن تناولت بعض جوانب قصة الطفل الاسير يوسف ابن الأسيرة فاطمة الزق والذي يعتبر الأسير الأصغر عالمياً، بل الأشجع، بصفته حطم الأرقام القياسية للأسرى والسجناء الأصغر عمراً في العالم، وليس فقط للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال فلقد تم أسره في سجن عسقلان جنينا في شهره الثاني، واليوم وهو يرفل في عامه الثاني، تنفتح حكايته التي لما تبدأ بعد على وجوه سوداء جديدة . يوسف الذي دفع من “كيسه وحده” كما يقولون بالدارجة أثمان الاقتتال الداخلي والخارجي، لوطن يشظيه العالم بأصعب حروب التاريخ وفسفوره الأبيض وقنابله العنقودية والمختلفة الألوان والأشكال، والحصارات المختلفة التي تعدت كافة الأخيلة السوداء، ليصير ذرات يطيرها الهواء.
وأتساءل ومثلي الآلاف ، لماذا لم يتطوع كاتب أو كاتبة بريطانية كمثل التي تطوعت للطفلة نجود اليمنية التي اعتبرت أصغر مطلقة في العالم ، وهي في عمر العاشرة، للنيل من دين نجود والذي يبرر حسب إدعاءاتهم تزويج الفتيات والطفلات غير البالغات.
ألا تستحق قصة يوسف بأن تحصل على شيء من الاهتمام العالمي، كقصة تتخارج مع التاريخ والجغرافيا الآدمية بأسرها؟ .
ألا يعتبر يوسف بالمقياس ذاته، أصغر جنين ورضيع أسير في العالم، فقط لأن والدته تقضي فترة اعتقال، لاتهامها بقضية أمنية؟ .
ألم تكن ولادته لا تمت حتى لأصعب أنماط أنواع الولادات بصلة بل ومختلفة عن كافة صرخات أطفال الأرض؟ ألم يولد ابتداء لأم شد الجلاد وثاقها، لإتيانها الجرم الأكبر، “فعل الحمل والمخاض” لتلد مشدودة إلى سرير أو جدار أو باب أو ربما مشنقة، لعلها تموت أثناء الولادة . ولتتعلم الدرس الأكبر وتتوقف عن الدفاع عن أهم افعال الحياة، ولتكن ولادتها عبرة لها ليس فقط في آلام الطبيعة الأصعب بل وفي عذاب الأرض الأبشع؟
ألم تكن أحلام يوسف منذ تلك الولادة البائسة المتعبة المحزنة، أن ينعم بنوم ليلة، ويرضع لو رضعة واحدة كاملة ، مثل كافة أطفال الكائنات؟
ألم يحرم من زجاجة حليب أو حتى ملعقة حليب وماء مغلي، بل وماسورة تساعد أمه على ضخ شيء من الحليب المتعب والممرور إليه؟
ومن أحلامه أيضا أن يرى بعينيه الصغيرتين اللتين لا تعرفان شيئا إلا عتبه سجن أسود، ومناظر جند الاحتلال في مواقف لا تقترب من الإنسانية بشيء، أن يرى إخوته التسعة، ويعرف ولو لمرة واحدة في حياته، أن هناك شيئاً اسمه أخوة، وهناك اختراعاً أخطر اسمه عائلة .
وألم تكن من أحلامه في عمره المرير، أن تخف حدة عنف أساليب تعذيب واضطهاد والدته وزميلاتها وقمعهن سواء بالضرب المبرح أو الشبح أو العزل الانفرادي المترافق مع التهديد الدائم بالاغتصاب والتعذيب النفسي والجنسي؟
أما والدته وعمته، فبات حلمهما الأهم التواصل مع عائلاتيهما ولو بالرسائل بأمنية مستحيلة تحتاج إلى معجزة.