بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 12.05.2009
لأن الشعب الفلسطيني شعب الجبارين، وشعب المقاومة الممتدة من ثورة البراق سنة 1929 حتى اليوم، وهو رأس حربة الأمة العربية في وجه الغزوة الصهيونية، وهو مبتدع وسائل مقاومته من طوب الأرض، ومبتدع تهريب السلاح من تحت الأرض، ولأنه شعب المفاوضات المنفلتة، والتنسيق مع الإسرائيليين دون توقف، فإن هذا الشعب المتميز يستحق ما لا تستحقه شعوب المنطقة، ويجب أن يكافأ على مواقفه المتميزة بانتصارات متميزة؛ أقلها أن تكون للفلسطينيين أكثر من حكومة فلسطينية، يشعر معها الشعب الفلسطيني بالتعويض عن نقص الأرض المغتصبة، وإكمال حاجتهم للتحرر، وسد الفجوة الحاصلة بين طاقتهم، وقدرات عدوهم، ولاسيما أن نسبة كبيرة من شعبنا حتى الآن قد حمل لقب معالي الوزير، وهذا يشجع على مزيد من التقدم، وارتقاء الشعب الفلسطيني ليصير كله معالي الوزير سواء أكان وزير حالي، أو سابق، وفي ذلك يثبت الشعب كفاءته، وقدرته، وتميزه.
ولما كانت بقايا أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة المحاصر آخر ما تبقى للفلسطينيين من أرضهم، وقد قسمت إلى ست عشرة محافظة، فإن الواجب الوطني يقضي بأن تحول كل محافظة إلى دولة مستقلة، ولها حكومة مستقلة، وبهذا تتم محاكاة الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الروسي، ويمكن توحيد كل الدول الفلسطينية وحكوماتها في حكومة فدرالية واحدة تخيف الدولة العبرية، وهي تواجه الاتحاد الفلسطيني، أو الولايات المتحدة الفلسطينية التي ضمت كل الدول الفلسطينية في دولة عظمى واحدة، لأن الوحدة الفدرالية الفلسطينية ضرورية لإفساد ما يخطط له اليهود؛ وهم يجهدون في الموائمة بين الواقع في فلسطين وبين تعاليم كتابهم الديني "التناخ" الذي وصف المعارك التاريخية بين اليهود وأقطاب الفلسطينيين، لقد ركّز كتاب "التناخ" على أن اليهود لم يواجهوا طرفاً فلسطينياً واحداً، وإنما واجهوا أقطاب الفلسطينيين في داجون، وفي عشقلون، وفي أشدود، وفي غزة، وفي عقرون.
ست عشرة حكومة فلسطينية تشبع رغبة الشعب الفلسطيني الطامح للوزارة، والراغب في أن يكون وزيراً، وتفتح المجال كي يصير لدى الفلسطينيين عدد كبير من مسمى وزير سابق، ويمكن أن يصير كل الشعب الفلسطيني وزير سابق، ويمكن الوزير السابق أن يعمل في التجارة، والصناعة، والتعليم، والسكرتارية، وبأي عمل كان، ولكنه يحمل مسمى وزير سابق، وبهذا نفرض احترامنا في المطارات والمعابر، ونؤكد أننا شعب حر في ذاته رغم احتلال إسرائيل ترابه، يكفينا أننا وزراء سابقون لحكومات كانت، والحكومات لا تكون إلا على تراب، والتراب لا يكون إلا محرراً، والحرية في أننا نصير وزراء حاليين، أو سابقين.
قبل سنوات كان صديقي عضو المجلس التشريعي السابق يهاجم الرئيس أبو عمار في عرضه، وشرفه، ويصر على رجم زوجته بالفاحشة في كل مكان، وقد قلت له في حينه: هذا خطأ، القضية ليست شخصية، ويجب أن يكون الخلاف على مبادئ، والنقد على مواقف سياسية. فرد قائلاً: هذه هي الطريقة الوحيدة كي أصير وزيراً. وسترى!.
الغريب في بلد كل عجيب؛ أنه بعد شهر من تشهيره العلني "بسها عرفات" قد صار وزيراً في الحكومة الفلسطينية الثامنة، وهو الآن برتبة وزير سابق!