بقلم : د. فايز أبو شمالة ... 14.05.2009
لا ينقص فضائية "فلسطين" المال، ولا طاقم الإداريين، ولا الفنيين المدربين، ولا المراسلين، ولا المكان على الأرض، ولا الزمان الفلسطيني، فلماذا جاءت فضائية "الفلسطينية"؟ وهل ستكون قناة الوحدة الفلسطينية، وستلتزم ببرنامج منظمة التحرير، وهي مفتوحة للرأي والرأي الآخر، كما أكد ذلك السفير الفلسطيني السيد نبيل عمرو؟.
لا ينكر عاقل تأثير الكلمة على الرأي العام العربي، والفلسطيني، وانعكاسها على الموقف المؤيد أو المعارض، المتعاطف أو نافض اليد، المقتنع بالمسارات التفاوضية، أو الممتقع منها، فهل جاء انطلاق فضائية "الفلسطينية" اعترافاً رسمياً بالعجز الإعلامي الذي تتهم فيه فضائية فلسطين، وفشلها في الوصول إلى عقل وقلب المشاهد، ولاسيما أن أكثر من كاتب فلسطيني سبق وطالب بفضائية خاصة بتنظيم فتح تنافس فضائية الأقصى التابعة لحركة حماس، وتزاحمها الألباب؟. وهل يجيء انطلاق الفضائية "الفلسطينية" مؤكداً لنجاح فضائية الأقصى؟ وهل كان نجاح فضائية الأقصى بسبب توفر المال، والكفاءات، والطاقم الفني، والخبرة الإعلامية التي تفتقر لها فضائية فلسطين كما قال أحدهم؟
الجواب لا، فقد ذكر لي محمد حامد ابن معسكر خان يونس، وأحد العاملين في فضائية الأقصى: أن راتبه أقل من راتب موظف حكومي! وقد تم قصف الفضائية، وتعرضت للمطاردة، ولا تمتلك من الخبرة والتجربة شيئاً، ولم يتلق مراسلوها، وموظفوها أي دورات تدريبية خارجية، ومع ذلك ظلت ذبذبات صوتها ترسم شكل فلسطين أمام المشاهد.
كان صوت الشيخ أحمد ياسين واهناً، وضعيفاً، وكأنه يخرج من بئر عميقة، وكان وما زال صوت بعض الأمناء العامين لبعض الفصائل الفلسطينية مدوياً، ومجلجلاً، ومع ذلك؛ كانت وسائل الإعلام العربية، والعالمية تخفض جناحها للشيخ "ياسين" وهي تلتقط حروف كلامه المتناثر، وتتلهف لإضافة جملة مهموسة من الشفاه الضعيفة، لتتصدر نشرات الفضائيات، وفي نفس الحين تتجاهل الفضائيات تلك التصريحات الصاخبة، والقوية، والبليغة عن المصادر الأخرى، والسبب لا يعود إلى دوي الكلمات، وإنما إلى ما وراء الكلمات من قوة على الأرض، فكان الشيخ أحمد ياسين لا ينطق بلسانه هو، وإنما ينطق بلسان رجاله الذين احتضنوا المقاومة، وبلسان أذرع حماس العسكرية التي فرضت نفسها نداً على الأرض.
فضائية "الفلسطينية" ستنطق بلسان المفاوض، وستعرض صورة ضابط الأمن الفلسطيني الذين تدرب على يد الجنرال "كيت دايتون" بينما فضائية الأقصى ستظل تعرض صورة غزة المحاصرة، وصورة المقاوم الذي يتشبث بتراب فلسطين. وهذا هو السر!.