بقلم : د.عدنان بكرية ... 29.05.2009
اقرت الكنيست بالقراءة التمهيدية مشروع قانون (يهودية الدولة)والذي يعني لنا الكثير من الإشارات على طريق تجسيد مشاريعهم التصفوية ضدنا وضد شعبنا ويضعنا على منحدر تاريخي صعب وخطير .. قانون يلد قانونا من رحم الغطرسة والعنصرية والاستعلاء ومشاريع في طريقها للشرعنة ولتجسيد !
لقد سبق اقتراح هذا المشروع اشتراط (نتنياهو) اعتراف الفلسطينيين والعرب بيهودية الدولة كشرط لاستئناف مفاوضات السلام على حد تعبيره .. قلنا حينها بأن هذه الاشتراطات ما هي الا قنابل تضعها الحكومة الاسرائيلية على طريق الحل الدائم والعادل والشامل للقضية الفلسطينية .. وذرائع لتبرير تهربها من المطلب الدولي والإلحاح العالمي., واليوم تطل علينا بمشروع قانون لشرعنة تهجير فلسطينيي الداخل ونسف حق العودة !فعن أي سلام يتحدثون ؟ وأية رهانات تبقت لقيادة شعبنا وأي مجازفات لم تجربها بعد ؟
مشروع القانون هذا والذي سيمرر بالكنيست وبسهولة هو الصفعة الأخيرة بوجه كل المراهنين وهو القنبلة التي نسفت فرص السلام.. انه نسفا لحق العودة ولشرعية وجودنا في وطننا ! إن ما هو آت أعظم !
نريد اجابة من العالم العربي وقبلها من قيادة شعبنا .. نعم نريد ردة فعل حقيقية على الهوس الصهيوني فمصيرنا في خطر ووجودنا في خطر !! هم ماضون في غيهم وقيادتنا ماضية في المقامرة والمغامرة والرهان !
من الواضح ان حكومة نتنياهو لا تختلف عن حكومة (اولمرت- ليفني) والتي أرست الأساس لهذا المفهوم وطالبت قبل زوالها بالاعتراف بيهودية الدولة كشرط أساسي لاستئناف مفاوضات السلام وذهبت ابعد من هذا وصرحت ان "المكان لفلسطينيي ال 48" هو الدولة الفلسطينية دون أن تشير إلى حدود هذه الدولة وشكلية سيادتها وموقعها ان كان على القمر ام في الضفة والقطاع !
خيرا فعلت القيادة الفلسطينية حين رفضت هذه العرض البازاري التصفوي آنذاك وآمل أن تكون قد رفضته فعلا وليس قولا وتنفيسا للغضب الفلسطيني ..فمجرد القبول به والاعتراف والاقرار بيهودية الدولة سيفتح النوافذ أمام نسف حق العودة والتنكر لشرعية وجود مليون ونصف المليون فلسطيني ممن بقوا في وطنهم وأرضهم عام 48 ! وسينسف أيضا الحق التاريخي للشعب الفلسطيني في فلسطين كوطن قومي له .
*نحن في خطر
يبدو أننا بتنا على مفترق طرق حاد وخطير مزدحم بالدلالات والإشارات السياسية العنصرية والتي سيكون لها مردودها السلبي على وضعية الأقلية الفلسطينية هنا، ليس على صعيد الارتباط المدني فحسب … بل على صعيد حق الوجود والبقاء على ارض الآباء والأجداد ! فإذا كنا قد ناضلنا سابقا لتقطيع كرباج الحكم العسكري الذي جلدنا به حتى منتصف الستينات.. فإنهم اليوم وبتصريحاتهم يعاودون رفع الكرباج … لا بل يذهبون إلى ابعد من ذلك… إنهم يستلون سيفهم كي يقطعوا نسيج البقاء والوجود ! فهل سينجحون ؟ سؤال متروك للاتي والعبرة فيما مضى .. فهل سيعتبرون من الماضي ومن التاريخ؟
لقد دأبت إسرائيل ومنذ عام 48 على محاولة إقصائنا عن الخارطة المدنية ،فلم تترك مجالا إلا وجربته .. كنا وما زلنا اسود تجارب لأدواتها وسلاحها … كنا وما زلنا الجبل الذي تتحطم على سفوحه عواصفها وتخر مكسرة الأجنحة… كل أدواتها فشلت في تركيعنا وتطويعنا وزحزحتنا قيد أنملة عن طريقنا الذي اخترناه.. طريق التشبث بالأرض والوطن وصيانة الوجود الأزلي هنا في وطننا !
كل سلاحها النفسي والحربي لم يستطع خدش إرادتنا وذاكرتنا، لا بل كان له فعل عكسي، إذ قوّى المناعة المكتسبة لدينا وأوقد فينا نار التحدي… وصلّب عزيمتنا وأصبحنا أكثر إصرارا على البقاء والوجود متماسكين خلف متراس التحدي ! فهل تتعقل حكومة إسرائيل وأقطابها ؟! وتقر بأننا نحن أصحاب التاريخ والوطن والأرض والشرعية… نحن الشرعية بذاتها .. ولا شرعية لطائر يحلق في الفضاء بدوننا ! لا شرعية لشجرة تزرع دون أن تروى من عرقنا ! لا شرعية للعصا التي ترفع بوجوهنا .. ولا شرعية لحرب تقاد بطائرة ضد طير وعصفور .. هذه هي حكمة التاريخ .
لا يمكننا ان نفهم من هذا الطلب سوى ان القيادة الاسرائيلية تود وضع المعاجز على طريق الحل وتريد انتزاع اعتراف فلسطيني وعربي بعدم شرعية وجودنا وتريد اقرارا عربيا وفلسطينيا بالتنازل عن حق العودة .. فهل ستنجح بانتزاع مثل هذا الاقرار؟ ... انني أخشى ! وجودنا صار مصدر قلق ومثار خوف للاسرائيليين
يخافون من القنبلة الديموغرافية الموقوتة المتمثلة بنا كما يصرح قادتهم !يخافون من تفجر الحق بوجوهم في ظل تنكرهم المستمر لحقنا وحق شعبنا !يخافون من تعاظم دورنا لذا يستحدثون القوانين لشطبنا من معادلاتهم !
*لنتصدى فانها معركة البقاء
أصبح الكل يدرك ان الهدف الاسرائيلي من وراء هذه القوانين هو تطفيشنا وتهجيرنا .. نعم الكل يدرك النوايا الاسرائيلية وليس غريبا عليهم وهم الذين استولوا على وطننا ورحلوا شعبنا من قبل .
ان ما هو مطلوب منا الخروج من خانة التقوقع ومن دائرة الانتظار فالفرج لن يأت ما دمنا لا نتقن فن التصدي لهذا المشروع التهجيري النكبوي الجديد !وهنا من حقنا ان نسأل قيادتنا المحلية ماذا هيأت في جعبتها لمواجهة هذا الخطر المحدق وهل تدارست الأمر من قبل ؟!ام انها ستكتفي بالرفض والبيانات الاستنكارية ؟!
قبل فترة كتبت مقالا بعنوان "صرخة قبل فوات الأوان".. كنت أقرأ المستقبل وكنت أدرك بأننا سنصل الى هذه المحطة عاجلا ام آجلا ! وهانحن قد وصلنا فماذا تقول قيادتنا ؟ غدا ستمتلئ الصحف ببيانات الاستنكار والإدانة ! وسيركض النواب العرب الى الفضائيات في كرنفال استعراضي اعلامي كبير ،لكن ماذا سيقولون للشارع العربي هنا والذي اولاهم الثقة ونصبهم حماة للجراح ؟!
وهل هم قادرون على صياغة مشروع نضالي للتصدي لهذا المشروع الترحيلي ؟!
اما للقادة العرب نقول لقد أحرجتكم اسرائيل ووضعتكم امام تحديات لا تريدونها .. فهل انتم يا ترى على قدر المسؤولية ؟ انني أشك