بقلم : د.شكري الهزَّيل ... 25.10.08
حدثني والدي في يوم من الايام بانه زار عكا ايام "الانجليز" وكانت عكا هذه منارة مُحيطها وجميلة الجميلات بناسها وبيوتها وبشوارعها وباسواقها وبشاطئها الخلاب, وحدثني انه زار عكا بعد عام 1948 فوجدها كما قال بالحرف الواحد مدينة "مسخوطه" وحزينه وليست عكا اللتي عرفها, وبعيدا عن كل عواصف العواطف ووابل المواقف اللتي استمعنا اليها على مدى الايام الماضيه حول ما جرى في عكا من مخطط صهيوني فاشي يهدف الى اقتلاع وتشريد ما تبقى من فلسطينيون في عكا, لابد من القول ان عكا هذه الذين يتحدثون عنها في الاعلام ليست عكا الحقيقيه والتاريخيه والسبب بسيط وهو ان هنالك خلط مُتعمد للامور وتزييف صارخ للتاريخ يهدف من جملة مايهدف الى ترسيخ واقع تاريخي ممسوخ ومسلوخ ومشوه الى حد ان تصبح عكا مجرد مدينه يهوديه تسكن فيها اقليه عربيه فلسطينيه تبدو في محيطها وواقعها الاني غريبة نتيجة التشريد والتغريب والتهويد التي لم تتعرض له مدينة عكا فقط لابل تعرض له ايضا كامل قضاء عكا [ عكا وما يحيطها من قرى] وكامل الوطن الفلسطيني منذعام 1948 وحتى يومنا هذا ! , وعكا هذه المدينه الفلسطينيه التاريخيه ليست " عكو" الذين يتحدثون اليوم عنها في الاعلام وكأنها جزء طبيعي من عكا التاريخ وعكا الهويه وعكا العربيه الفلسطينيه التي عرفت على مدى العصور باسوارها منذ نشأتها ومرورا بهزيمة نابليون عام 1799 واحتلالها من قبل الانجليز عام 1918, وحتى احتلالها عام 1948 من قبل العصابات الصهيونيه و تشريد اكثرية سكانها من الفلسطينيين الى مخيمات المهجر والداخل واحلال وتوطين قطعان المستوطنين في بيوت عكا المُهجره واستيطانهم في قضاء عكا وتدميرهم لعشرات القرى الفلسطينيه الواقعه في محيط وقضاء عكا التي كانت مدينه مزدهره عبر التاريخ ومحطة تجاريه للقوافل والسفن العابره و القادمه من شمال وجنوب وشرق وغرب فلسطين وبالتالي لابد من تسجيل نقطة نظام مهمه في هذا الموضوع وهي انه علينا ان نفرق بين عكا الحق وحق عكا التاريخي وبين " عكو" الباطل وباطل نشأة "عكو " الاحتلاليه والاحلاليه اللتي جاءت كدخيله على التاريخ العكاوي الفلسطيني بهدف تزييفه ومحوه الى حد ان ينسى بعض من اهل الدار والديار الفلسطينيه وعكاكيز الاحتلال والكنيست الاسرائيلي ان عكا التاريخ والحق كانت حتى عام 1948 مدينة عربيه بحته يشكل فيها العرب الفلسطينيون الاكثرية الساحقه من السكان مثلما كان الامر نفسه في حيفا وطبريا وصفد ويافا والرمله واللد وعسقلان واسدود وبئر السبع الخ من مدن فلسطينيه وقعت جميعها تحت وطأت الاحلال والاحتلال الصهيوني الذي مارس الخراب والدمار المبرمج منذ عقود مضت بحق المدن الفلسطينيه المغتصبه والمحتله الى حد ان يُمنَع[ قوانين غابة اسرائيل] ما تبقى من فلسطينيين في المدن الفلسطينيه من ترميم بيوتهم واصلاحها حتى تنهار وتخرب[ تخريب متعمد] وتصير بقدرة غاصب ملك لشركة " عميدار" الاسرائيليه[ عميدار: شركة بناء وعقار لصوصيه حالها حال المؤسسات الصهيونيه الاخرى التي تخصصت في سرقة الارض الفلسطينيه والمدن الفلسطينيه وتهجيرسكانها او توطينهم قسريا في مكان اخر غير مدنهم وقراهم الاصليه] التي عاثت خرابا ودمارا في المدن الفلسطينيه ضمن استراتيجية الطوق والزحف من الخارج نحو الداخل ونحو اغلاق الدائره الاستيطانيه الصهيونيه التي بدات نواتهاعام 1948باحتلال اليهود والمستوطنين لبيوت العرب في مراكز المدن الفلسطينيه , بمعنى تطويق المدن الفلسطينيه العريقه بحزام استيطاني يزحف نحو مراكز المدن الفلسطينيه بهدف الاحلال والاحلال الصهيوني من جهه ويقيم حزام استيطاني حول نواة المدن الفلسطينيه غالبا ما يطلق عليه اسم هذه المدن نفسها باللغه العبريه فصارت يافا يافو وعسقلان اشكلون واللد اللود وبئر السبع بير شيبع الخ وصار هناك الناصره العربيه و"الناصره العليا" التي انشأت كمستوطنة حزام في منتصف الخمسينات من القرن الماضي لتستولي على اراضي ومسطح الناصره العربيه وما حولها من قرى عربيه من جهه ولتغيير التركيبه الديموغرافيه والجغرافيه في منطقه عربيه بحته لتصبح او حتى تبدو "الناصره العليا" جز ء من محيطها الى حد انها تحمل اسم الناصره وتبدو للجاهل في الامر بانها بالفعل جزء من الناصره التاريخيه والعرببه من جهه ثانيه وبالتالي ماجرى منذ عام 1948 هو فرض لتسميات ومسميات احلاليه واحتلاليه بدأت باحتلال وبافراغ وتدمير المدن الفلسطينيه وتجلت في فرض تسمية مدن " مختلطه" يعيش فيها الفلسطينيون في جيتوات محاصره ومهمله وفي بيوت ايله للسقوط بسبب عامل الزمن والاهمال الصهيوني المبرمج الذي حول كثير من مراكز المدن الفلسطينيه اما لخرابا او اطلالا او لاماكن سياحيه يستفيد منها الاسراويليون ووصل الامر حتى الى حد تحويل العشرات من المساجد الفلسطينيه في المدن الفلسطينيه التي احتلت عام 1948 الى خمَّارات وملاهي ليليه!!
من هنا تبدو عملية التسويق الاعلامي الرخيص لما جرى من اعتداءات فاشيه على سكان عكا الاصليين, وكأن الامر يتعلق بمجرد حدث عابر بين فئات او قطاعات سكانيه تعيش بشكل مختلط في مدينه واحده تتصارع فيما بينها على المصالح او النفوذ ضمن اطر القانون والعداله الاجتماعيه ؟ , وبعد ان ينتهي الامر يكفي نصب خيمه " شالوميه" او اجبار سائق او انسان على الاعتذار ومن ثم اعتقاله وتحميله موضوعيا مسؤولية ماجرى من اعتداءات على الفلسطينيين في عكا, حيث تصبح الامور بالمقلوب : الجلاد ضحيه والضحيه جلاد وكأن عكا العربيه هذ ه لم تُجزَّر ويُطرد اكثرية سكانها من قبل من يجلسون اليوم في كنيست اسرائيل الذي ذهب اليها العربي العكاوي المسكين بعد ستون عاما ليعتذر لمن جلدوه وطردوا اباءه واجداده ولم يذهبوا حتى اليوم الى عكا العربيه ويعتذروا لها عن جرائم الاباده الجماعيه التي اقترفوها منذعام1948 وحتى يومنا هذا!!
يا سيداتي سادتي التاريخ مدرسه وللتاريخ جولات ودورات, وما جرى في عكا هو عودة دوره من دورات الصراع على عروبة ووجود عكا ضمن خيمة التاريخ الفلسطيني وحتمية علاج الخلل التاريخي اللتي لاتعالجه الاعتذارات الانسداحيه والخيام "الشالوميه" التي لم تعالج اشكالية اسباب وجود خيام مُخيماتنا في الداخل والخارج منذ عقود من التشريد والتجزير اللتي كانت عكا هذه وسكانها جزء لايتجزأ منه و من واقع قسري فرض على الشعب الفلسطيني حين جاءوا ب "عكو" الباطل لتحل مكان عكا الحق والتاريخ,, والان يزجون ب" عكو" الباطل الى الواجهه لتطارد ماتبقى من سكان عكا الحق وعكا التاريخ الفلسطيني بهدف محو عكا العربيه نهائيا واكمال بناء " عكو " الصهيونيه تحت غطاءات وحجج واهيه ومفضوحه فل نترك العالم الاسلامي والوطن العربي ونتساءل بسذاجه::: هل تفرض اوروبا حظر التجول على من هم ليست من المسيحيين في اعياد الميلاد او غيرها!!؟ هل تصوم "عكو" مع عكا في شهر رمضان مثلا؟؟ وهل تعتبر " عكو" عيد رمضان وعيد الاضحى ايام اعياد وعطل رسميه؟؟... ماهذا النفاق والدجل الاعلامي والتاريخي الذي يشارك فيه للاسف بعض الفلسطينيون الذين يرسلون سائق عكاوي عربي ليعتذر لكنيست اسرائيلي مبني اصلا على جماجم الشعب الفلسطيني ككل وليست على جماجم عكا فقط!!....هؤلاء المستوطنون في مستوطنة " عكو" مرعوبين من التكاثر الديموغرافي الفلسطيني في مدينة عكا الذي هُجر وشُّرد معظم سكانها عام 1948 وعاد من تبقى منهم الى التكاثر الديموغرافي الطبيعي الفلسطيني الذي هو هاجس خوف كبير بالنسبه للكيان الاسرائيلي ككل وليست " عكو" وحدها وشتان بين عكا الفلسطينيه و " عكو" المستوطنه اللتي اقيمت على مسطح وهيكل عكا العربيه!!...تصوروا الامر ببساطه::: يُقال ان العرب في عكا يشكلون في الوقت الراهن نسبة 30% من سكان عكا والباقي يهود "عكو", ولكن ماذا لو بقيت عكا كما هي عام 1948 وتطورت بشكل طبيعي سكانيا وجغرافيا؟ الجواب بسيط لوجدنا اليوم من الطبيعي ان الخارطه الهيكليه والسكانيه العربيه العكاويه تشمل مناطق مستوطنة " عكو" التي بنيت على ارض عكا المدينه العربيه, ومن الطبيعي بعد ذلك ان نسمي اسماء او القاب تعريفيه مع مرور الزمن بعكا القديمه وعكا الجديده, ولكن ماجرى وجاري هو ان "عكو" الباطل المستوطنه سرقت اسم عكا الاصلي والاصيل بهدف تدمير عكا التاريح وعكا الحق من خلال الاستيطان الاسرائيلي الزاحف نحو انهاء هوية عكا العربيه من جهه ومن خلال طرد سكان عكا العرب او توطينهم قسريا في محيط عكا او خارجه بهدف تفريغ المدينه وتهيأت المكان للمشاريع الاستيطانيه الجديده من جهه ثانيه!!... الذي جرى مؤخرا هو ليست صراع بين سكان " مدينه مختلطه" لابل هو هجوم استيطاني من قبل مستوطنة " عكو " على عكا العربيه!!. .. اسرائيل سرقت كامل الوطن الفلسطيني واسندت له اسمها قسريا,, ولكن هنالك قضيه قانونيه وتاريخيه ولربما اخلاقيه[ اذا كان الاحتلال ومشتقاته يعرفون اصلا كلمة اخلاق!!] وهي كيف يمكنك ان تسرق اسم وهويةعكا العربيه وتحوله دون حق الى " عكو" المختلطه!!. الاختلاط كذبه اسرائيليه تضليليه يضحدها وجود وحال الجيتوات العربيه في عكا والرمله ويافا وكامل المدن الفلسطينيه اللتي احتلت عام 1948.. جيتو عربي بائس و محاصر من قبل اكثريه من مستوطنين احلاليين مهمتهُم تشريد العرب وليست العيش المختلط معهم كما يزعم الاسرائيليون وعكاكيزهم من عرب خانتهم الذاكره واعمت ابصارهم المراكز والالقاب,,... عربي فلسطيني ومفكر قومي وديموقراطي عضو في برلمان اسرائيل.....غريب !..عضو في برلمان اسرائيل التي لم تشبع بعد من نهش وجودنا واستيطان اراضينا ومدننا وقرانا, وتوعز لرعاع المستوطنين في "عكو" بالهجوم على عكا!!!
ليس هذا فقط فبينما تعترف الشرطه الاسرائيليه تكتيكيا ان المحرضون هم من اليهود المتطرفين[ وكأنهم بالفعل انواع واشكال معتدلين ومتطرفين الخ!!..شمعون بيرس "حمامة السلام" المزعومه ساهم اكثر من غيره في الاستيطان والاحتلال والاحلال الصهيوني منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا],لكنها تؤكد على مشاركة العرب في التحريض حتى لا تُعاقب المستوطنين لابل تعتقل السائق العكاوي العربي رغم اعتذاره غير المطلوب اصلا لانه لم يقترف ذنبا وهو يتجول في بلاده ومدينته ,و عيد الاخرين[ ومع احترامنا لكل الاديان ]لايعني تقييد حرية من هم ليست تابعين لهذا العيد ومعتقداته!!... اهل عكا العرب لم يذهبوا الى ضواحي نيويورك ويستوطنوها لابل الامر معكوس وهو ان ضواحي نيويورك وكل العالم جاءت لتستوطن في عكا وضواحي عكا تحت مسمى " عكو" بهدف ابتلاع عكا العربيه والسؤال:: من يجب ان يحترم قواعد وعادات المكان: "الضيف" والمستوطن وعابر السبيل ام المحِلي صاحب المكان والبيت؟؟ ببساطه من هو المُتعدي والمُعتدي : عكا ام ""عكو"!!... ومن هو الذي يجب ان يعتذر اهل عكا ام مستوطني " عكو"؟؟:: ببساطه ومن منطق الكرامه الوطنيه الفلسطينيه: اهل عكا لايجب ان يعتذروا لاحد ولا يجب ان يقيموا ايضا خيام سلام مزعوم لانهم بهذا اذا فعلوا فهُم يشجعون رعاع "عكو" مستقبلا على تكرار فعلتهم!!.. اذا كان السائق العكي قد اعتذر فهذه قضيه شخصيه محدوده تمثل السائق وحده ومن دفعه الى الاعتذار , ولكنها حق وحقيقه ليست ولا يجب ان تكون اعتذارا باسم عرب عكا المُعتدى عليهم منذ ستون عاما وليست منذ امس فقط,, وعليه يترتب الاعتذار على المُعتدي وليست المعتدى عليه والمُعتدي هو مستوطنة "عكو" وليست عكا الراقده في داخل خيمة التاريخ الفلسطيني منذ قرون مضت.. حق عكا وباطل " عكو".. التاريخ والزمان يحكمان بين قوة حق عكا وتمادي باطل" عكو"..........يافلسطيني عكا وكل مكان:: تزمن زمانك وتمكن مكانك والاحداث التي تشكل التاريخ دورات دولاب تذوب في طياته قصاصات الاعذار وسفاهات الاعتذارلمن لا يستحقه, ويبقى في جوهره ومحصلة نتيجته النهائيه قوة الحق وليست جبروت باطل عابر وزائل لا محاله..!!