بقلم : د. شكري الهزَّيل ... 10.2.08
منذ امد والاسرائيليون يماطلون ويناورون في عملية استيلاءهم المبرمجه على اراضي عرب النقب واخر ما طرح هو تشكيل ما يسمى بلجنة غولدبرغ لتسوية قضية الاراضي على حد زعم الاسرائيليين, ولكن الحقيقه هي ان لجنة غولدبرغ لجنه صهيونيه لصوصيه شُكلت بهدف سرقة ما تبقى لعرب النقب من اراضي بهدف تهويد النقب بشكل كامل وحصر عرب النقب في جيتوات التوطين القسري الاسرائيلي, وما تعيين عُنصرين من البدو مقربين من الدوله الاسرائيليه و يقطنون في مدن التوطين في لجنة غولدبرغ وتغييب وتهميش دور اصحاب الارا ضي والمؤسسات اللتي تمثلهم الا دليل قاطع على لصوصية واهداف هذه اللجنه المفروضه قسريا على البدو وبالتالي لابد من ا لقول بضرورة رفض هذه اللجنه وعدم التعامل معها وعدم الالتزام بقراراتها!!
من هنا ومنذ امد لم تكلف الدولة الإسرائيلية نفسها جهداً بالشكل والمضمون في اتجاه تطوير حياة البدو والحفاظ على حقوقهم كأصحاب حق تاريخي بالعيش في ديارهم وباختيار طريقة حياتهم الاجتماعية والاقتصادية لا بل على عكس هذا كان وما زال الجهد الإسرائيلي منصب على اقتلاع عرب النقب من جذورهم وإلقائهم في متاهات سياسة المخططات الإسرائيلية والأساليب التي تتأرجح بين عصا التهجير والتوطين والتنكيل المباشر وغير المباشر, وجزرة الترغيب وشراء ذمة بعض الجاهلين وأصحاب النفوس الضعيفة من بين العرب في النقب الذين ساوموا على وجودهم التاريخي من خلال مقايضة الأرض والديار مقابل التناغم والانضمام مجانياً إلى مشاريع التوطين بمثابة طُعم في صنارة سياسة التوطين وكعينة تجلب العرب الآخرين إلى حيث تشاء السياسة الإسرائيلية الهادفة إلى الزج بأكثر عدد ممكن من عرب النقب إلى داخل مدن التوطين والهلاك التاريخي والحضاري والاقتصادي الحاصل كواقع في جميع مدن وقرى التوطين القسر, وبالتالي لايجوز باي حال من الاحوال اشراك ما يسمى بنائب رئيس بلدية رهط ورئيس مجلس اللقيه في المفاوضات حول الارض التابعه لمن بقوا وصمدوا على ارضهُم في القرى العربيه الغير معترف بها من قبل اسرائيل....هؤلاء الذين انضموا الى مدن وقرى التوطين الاسرائيلي اصبحوا جزء من حالة التوطين وليس جزء من حالة المحافظه والدفاع عن الارض والوجود كما هو حال القرى الغير معترف بها والذي يمثلها المجلس الاقليمي للقرى الغير معترف بها بالاضافه الى اثر ما للجنة الاربعين وغيرها من مؤسسات مدنيه عربيه نقباويه تعنى بالدفاع عن حق الوجود العربي النقباوي على ارضه وترفض التوطين والمساومه على الارض!!
من الواضح أن عرب النقب يقفون على مفترق طرق تاريخي يتجلى في استمرارية الدولة الإسرائيلية في مُخططاتها الهادفة إلى الاستيلاء على كل شيء يمت بصلة للوجود العربي في النقب سواءً على مستوى سلب المكان والأرض أو سلخ العرب عن هويتهم التاريخية والحضارية أو قمع العرب اقتصادياً وسياسياً أو توطين العرب في مشاريع توطينية ذات سمة فاشلة في شكلها التخطيطي من جهة وكارثية في واقعها الاجتماعي والاقتصادي السيء الذي يعيشه سكان مدن التجمعات العربية في النقب من جهة ثانية، وبالتالي يبدو أن كارِثية الواقع العربي في النقب جزء لا يتجزأ من استراتيجية الكارثة المبرمجة والمقصودة بسبق إصرار إسرائيلي على حصر العرب بين مطرقة التهجير والتوطين القسري وبين سندان التخلف الاجتماعي والاقتصادي كنتيجة حتمية لسياسة الدولة، ناهيك عن إن لم يكن هذا الواقع الحاصل هدف بحد ذاته سعت وتسعى إسرائيل إلى تحقيقه وفرضه على عرب النقب.
ما جرى ويجري من مخططات توطين إسرائيلية وآخرها لجنة غولدبرغ الهادفة إلى ترحيل أكثر من80000 ألف مواطن من القرى العربية غير المُعترف بها في النقب, يعني في واقع الأمر ليس الاستيلاء على ما تبقى من أرض عربية في النقب فحسب لا بل ربط مصير سكان هذه القرى بمخالب خطط التوطين الهادفة إلى الفتك والتنكيل بما تبقى من معالم الديار والوجود العربي في النقب, وإغراق العرب اجتماعياً وحضارياً وتاريخياً في طيات أخطبوط مُخططات إسرائيل الإحلالية والتي تعني طرد العرب من جهة وفرض واقع جديد من خلال إنشاء المستوطنات اليهودية وإحلالها مكان تواجد القرى العربية كأمر واقع من جهة ثانية وبالتالي تحويل العرب إلى مُجرد حالة إنسانية عامة تقبع في ملف خاص وتُعالج في أُطر مدن التوطين ومُشتقاتها من مُصطلحات "التطوير" التي يحلو لإسرائيل إطلاقها على مدن التوطين والتنكيل الاجتماعي والاقتصادي التي يقطنها العرب في النقب. والجديد في الامر هو تعيين اسرائيل لا شخاص عرب يقطنون في المدن التوطينيه ليتفاوضوا باسم اصحاب الاراضي, وهذا ما يجب رفضه جملة وتفصيلا!!
لم تأخذ في يوم من الأيام المُخططات الإسرائيلية نحو عرب النقب برأي هؤلاء أو تُعر حالة العرب أي اهتمام، تماماً كما هو الحال في ما يُسمى بلجنة غولدبرغ او ما يسمى بخطة تطوير النقب والجليل اللتي تستهدف محو وجود القرى غير المعترف بها, ورغم أن المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها قد طرح خرائط هيكليه مفصلة لتطوير والاعتراف باكثر من 45 قرية عربية في النقب لا تعترف اسرائيل بوجودها رغم وجودها قبل طلة اسرائيل على الوجود, ِإلا أن الدولة الإسرائيلية لم تُعر خطة المجلس الاقليمي أيّ اهتمام وتُحاول دوماً الالتفاف على دور المجلس الإقليمي من خلال محاولة الالتفاف على هذا المجلس وغيره من مؤسسات تدافع عن حقوق عرب النقب وحق القرى غير المُعترف بها بالوجود والحياة الكريمة خارج أُطر مدن التركيز والتوطين التي خططتها إسرائيل والتي كانت وما زالت (مدن التوطين) عبارة عن مشاريع فاشلة وجائرة كادت أن تكون موضوعياً وعملياً عبارة عن غابة من الحجارة مليئة بالمآسي والمرارة الانسانية والاجتماعية والاقتصادية التي هي السمة المرادفة والحاصلة في مدن التوطين التي تصر إسرائيل على تسميتها بمدن "التطوير" وتزمع على إقامة المزيد منها ومن غابات الحجارة!!
تكمن مفارقة "التطوير" من خلال التوطين في دُنيا الواقع العربي في النقب وعجائب المقلوب في سياسة إسرائيل نحو عرب النقب, وبالتالي يبدو جلياً أن التطوير من وجهة نظر إسرائيل يعني أولا تقوية الدوريات "الخضراء" حتى تتمكن هذه الدوريات من مطاردة البدو وحصرهم في المحميات "الطبيعية" البشرية التي أقامتها الدولة لهذا الغرض!!! ويبدو أن الدوريات "الخضراء" لم تعد تكفي لمشاريع "التطوير" الإسرائيلية ولذلك هنالك ايضاوحدات شرطة خاصة تهتم بأمر المخالفين "للتطوير" والرافضين الدخول إلى المحميات البشرية ويفضلون العيش في براريهم ووديارهم ومسقط رأس أجدادهم!!.
يبدو لي أننا أمام موجات جديده من "التطوير" بالمقلوب على طريقة هدم العامر وبناء صرح جديد للتهجير وأشكال جديدة من التنكيل الاجتماعي والانساني بكل ما هو قائم أو شبه قائم من حياة عرب النقب التي تمثل فيه الأرض المنهوبة والمُرشحة للنهب جوهر البقاء والانتساب بالنسبة لعرب النقب وفي المقابل تشكل هذه الأرض المصلوبة على مذبح "التطوير" الإسرائيلي تَطويراً آخر لأشكال السيطرة على الأرض والإنسان والمكان في زمن ضاعت أزمانه ومعانيه في سجلات الظلم والاضطهاد!!....يجب رفض مخططات لجنة غولدبرغ والاصرار على الاعتراف بما هو قائم من قرى عربيه يقطنها اكثر من نصف عدد بدو النقب, وعليه يترتب حتمية صف الصفوف العربيه النقباويه لمواجهة خطط لجنة غولدبرغ ومشتقاتها من عُريبيين!!